بقلم: (المحامي طالب الوحيلي)
حدثني صاحبي عن موقف صادفه حين كان لاجئا سياسيا في إحدى الدول الاسكندنافية ،كانت الحدائق الغناء فيها تذهل العيون،وهي قبلة الأنظار تفوح زهورها بعبق المواسم الربيعية، التي يزيد جمالها نظافتها الفائقة وحلاوة الأشجار المثمرة فيها وكأنها جنان دانية قطوفها ،وحيث أشجار الكمثري أي العرموط تتلالا ثمارها الغضة، وهي تتدلى من فرط ثقلها ونضجها،فأسالت لعابي وأشعلت في نفسي شهية غريبة كي اقطف أقربها الى يدي ،وحين حزمت العزم على اختطافها ،تلّفتّ تلفّت الحذر خشية ان يرصدني راصد ،وما ان هممت بها حتى شعرت بيد غليظة تشد على يدي الراجفة من فرط الرعب ،واذا بوجه متجهم يطالعني لشرطي يعنفني باستغراب عن فعلتي وأسبابها ،ولفرط حيائي أبلغته بحقيقة الأمر ،فمد يده الى جيبه وانا موقن بانه سوف يخرج (كلبجاته) ولكنه اخرج محفظته واستل منها عملة نقدية، وأشار لي بمحل لبيع الفواكه موضحا لي وبأدب جم ان هذه الفاكهة هي للزينة كونها تدل على نعمة حبا بها الله هذه البلاد،وقد قبل اعتذاري بدعابة مهذبة..هذه ليست مزحة لان المزاح يذهب ماء الوجه ،ولكن يمكننا ان نستنبط منها أمورا عدة مقاربه لواقع بلدنا ومدننا وعاصمتنا بغداد التي طالما تغنى بها الشعراء وبكى غربتها اهلها وبكتهم على ما تحملوه من بلاء ،أتت بشائر الخلاص منه عبر الحكم الديمقراطي الذي سوف تشيده سواعد المخلصين.ما ينبغي ان تكون عليه نظافة مدننا ,يجب ان ينسجم مع كونها تكليف شرعي يبتدئ من جسم المؤمن مرورا ببيته ومحلته ومحل عمله والسوق الذي يرتاده أو الدائرة التي يتعاط فيها مصدر رزقه وكل ما يحيط به ،وتلك اول المشاكل مادمنا لا نستطيع التخلص من القاذورات التي قذفها علينا صدام وهي تعيث بالعراق الفساد،ثم لنلتفت الى حدائقنا وساحاتنا التي هي اكتست ببعض الزينة والجمال ونحن بانتظار المزيد حيث ترى حركة دائبة للعاملين على محاولة ازالة مظاهر الخوف والخراب باضفاء اشكال من الزينة . فما اجمل من ان تستغل الساحات والحدائق والجزرات الوسطية لإنبات الأشجار المثمرة ومنها عمتنا النخلة ،وذلك إحياء لذكرها وإطعام للجائعين لثمرها وما جاع قوم في أرضهم نخيل!!والمهم في هذه الحكاية ،الحضور الأمني وتدخله في المكان والزمان المناسبين ،ونحن نعلم ان ليس العبرة في صغر المعصية ولا في كبرها ولكن العبرة بمن تصعي ..وكذا الأمر في الفرق بين المخالفة او الجناية كون كلا الحالين هو خروج على القانون وتعدي على حرمة وحقوق المجتمع،واذا كان التجاوز على عرموطة في حديقة عامة ،عد جريمة أوجبت تدخل رجل الشرطة ،فما بالك بالجرائم الجسيمة التي ترتكب كل يوم في الشوارع وفي الميادين العامة والأحياء ويستغيث الضحايا ولا من ناصر ولا معين ،أشخاص يخطفون أمام أنظار الجميع وفي وضح النهار، والبعض يذبح وترمى جثته في قارعة الطريق حيث كمائن الإرهاب الذي استحلت زمره حرمة الإنسان ودمه فما بالك بحرمة القانون والنظام ؟!فمتى يمتد الينا نعيم الأمم الأسطورية ونجد الأمن وسلطاته وهو يبسط سلطانه المهذب الذي لابد ان يكون محيطا لكي تينع شجرة الحياة،لاسيما وان هذه الشجرة تقتضي ان يكون غارسوها هم حماتها ،أي ينبغي ان ينتشر رجال الامن ليكون لهم الحضور المستتر لرصد كل من يخالف القانون والنظام ،لا ان يكونوا أول المتخلفين وآخر من يعلم !!اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha