بقلم: احمد الواسطي
عباس برنون كما في الحروب جنود مجهولون اجادوا بدمائهم دفاعا عن الوطن الحبيب وكما في المشافي ابطال وشجعان يستعملون العلم والجهد في خدمة مرضاهم هناك رجال مجهولون بحجم دولة بعينها ,رجال كرسوا العمر كله في خدمة الوطن بالرغم من انهم أميون لا يجيدون القراءة والكتابة . أميون لكنهم في وعي وادراك يعادل كمن انهى دراسة اكاديمية . عباس برنون عامل الحدادة في قضاء النعمانية في محافظة واسط واحد من هؤلاء الابطال المجهولون الذين كانوا صناعة زراعية متعددة . منذ ان كنا صغارا في طريقنا بين البيت والمدرسة اعتادت اسماعنا على صوتين من معمله الصغير في الشارع الرئيسي في المدينة احدهما صوت مطرقته وهي تطوي الحديد والثاني صوت فرنه الصغير ايضا . الحقول الزراعية التي تنبت كل شئ تحيط بهذه المدينة الوادعة التي تمتد طولا على نهر دجلة الخالد . كان هذا الشجاع يساهم في انتاج كل انواع الادوات الزراعية التي لها دور في عمليات الانتاج . كانت جموع الفلاحين تتقاطر على معمل هذا الجندي المجهول لكي تتزود بحصتها من الادوات الزراعية . لم يسلم عمل هذا البطل من عبث البعث الفاشي , فالصعاب والازمات التي اسس لها الحكم الاستبدادي في العراق شملت القطاع الزراعي فاصيب هذا القطاع بشبه شلل مما قلل من اندفاع الفلاح الى اقتناء الاداة الزراعية وهذا بدوره اثر على عمل هذا البطل المجاهد . كان عباس يرنون يشتغل يوميا ما عدى يوم الجمعه من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة الخامسة عصرا , كان لا يبالي ان كانت الدنيا بردا زمهريرا او حرا قاتلا , واصل مشواره هذا لما يقرب 45 عاما بدون توقف , كان الاقتصاد الزراعي في قضاء النعمانية في شطرا منه يعتمد على هذا المجاهد الكبير . تذكرته الآن واحببت ان اكتب عنه شئ للذكرى بعد ان فاحت رائحة الفساد الاداري والرشوة وانعدام الضمير في العمل في عراقنا واصبحت من الظواهر الاعتيادية , فشتان بين عصر عباس برنون العامل الشريف المكافح المجاهد وبين عصر حازم الشعلان السارق الناهب الفاسد المحكوم الهارب من وجه العدالة . انهما عصرين يوضحان لنا كيف كانت القيم يومذك وكيف اصبحت الآن .احمد الواسطي
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha