المقالات

السلفية والتطرف .... اضطراب في منهجية التفكير ( الحلقة الثانية )

2422 19:45:00 2007-06-04

بقلم: فائق الربيعي

نستكمل ما طرحناه في الحلقة الأولى من أسئلة حول مفردة الجهاد والتي تنوعت دلائلها مع الكيفية التي يـُراد بها التكتم على ميراث السلف, والتستر على مابين ثنايا هذا الميراث , من دون نقد أو مراجعة أو تقويم , بحجة إن نقد تجارب السلف هو التحرش بطقوس الناس , وهذه جناية لا تغتفر, و حتى لا يستطيع المرء أو المتتبع أن يكشف طبيعة الاضطراب في منهجية التفكير عند إخواننا السلفيين .

فكيف تحول عندهم مبدأ الجهاد من رفع ٍ للظلم والاضطهاد عن الناس , إلى آلة عمياء لقتل المخالفين بحجة الكفر والكافرين , وهل يا ترى من قواعد فقهية يستندون إليها هؤلاء القوم ؟ وكيف حصلوا على حق الامتياز والنيابة عن الناس في تطبيق الشريعة الإسلامية دون غيرهم ؟ , وهل ينحصر الفهم والتفسير للنصوص القرآنية عند حدودهم العقلية ؟ , أم لهم وحدهم خلق الله سبحانه العقل واستثنى منه الآخرين , ومتى سيستبدلون التكفير بالتفكير, و من بين كل هذا فالقران الكريم ينادي ليلا ونهارا بكل لحظة, إلا تفكرون.. إلا تعقلون.... إلا تنظرون.. وهذا خطاب موجه للناس كافة في كثير من الآيات القرآنية الكريمة كي يحث الناس أن يشاركوا جميعا في فهم الكتاب المجيد ليكون هذا الفهم المشترك آلية خيرٍ ورحمة وسعادة ووفاق للبشرية دون إقصاء ولا تميز , لان القرآن الكريم جاء للبشرية جمعاء .

ولنرجع إلى سؤالنا الذي ذكرناه عن القواعد الفقهية التي يستندون إليها إخواننا السلفيون .

نعم أقول وبكل تأكيد إن لهم قواعد فقهية يستندون إليها , ويعتمدون عليها في رفع السيف على رقاب الناس. ولكن دعونا نتناول ونناقش هذه القواعد , فهل ستصمد قواعدهم الفقهية أمام ما جاء به الإسلام على يد رسول الرحمة محمد( ص), لنرى ذلك بعد أن نطرح بعضا ً مما تقوله هذه القواعد الفقهية في كتبهم , فعلى سبيل المثال لا الحصر: يقولون إن العدو في الإسلام هو الكفر , والكفر هو الدالة والمؤشر على وجود الأعداء فيكون بذلك هو السبب الشرعي الذي يجعلنا نعادي الكافرين من اجله , فإذا رفع هذا الكفر رفع العداء , والقول لا يزال لإخواننا السلفيين من كتاب الولاء والبراء لعبد الرحمن عبد الخالق والأصل عندنا المعاداة بوجود الكفر والكافرين . والقاعدة الثانية : يقولون فيها لا يجوز للمسلم أن يتعاون أو يتشاور أو يتصاحب أو يتحابب أو ينصح الكافر, ويقولون أيضا لا يجوز للمسلم أن يستسلم لسلطان الكافر فان فعل ذلك كان مواليا ً له فينطبق عليه الحكم الشرعي بالمولاة للكفرة , القواعد المذكور في كتبهم و فقههم لا مصداقية لها في كتاب الله , فالقرآن الكريم لا يربط مطلقا بين الكفر والعداوة بل بين العداوة والظلم ,وكما في سورة الممتحنة التي يخاطب فيها الكافرين الآية( 7) : (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً...) وهذه الآية رد على أقوالهم وبصريح القرآن أي لا يمانع الإسلام أن يكون بيننا وبين الكافرين من مودة ٍ. وفي نفس سورة الممتحنة آية ( 8 ) دحض ٌ آخر لهم : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ..ْ ) .من سورة آل عمران آية( 119) (هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلا َ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمنُون بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ...َ) وهل من دليلا أفصح وأوضح من هذا البيان الرباني على إن الذين لا يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم فكيف يفهم الأخوة السلفيون هذا البّر الذي امرنا به رب العزة والجلال, أليس هو الحب والمودة بالتعامل مع الأخر غير المسلم , أم هؤلاء السلفيون لا يريدون أن يبصروا ما في كتاب الله من آيات محكمات (..فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. من سورة الحج آية ( 10) .بعد هذه الأسطر القليلة التي تحدثنا فيها بعجالة عن البر والقسط والمودة مع الكافرين , دعونا ندخل أبواب الجهاد الواسعة , وهل كل قتال جهاد ..؟ كما يراه الأخوة السلفيون...!وحتى لا نضيع الوقت في التفاصيل و نحن في غنى عنها في هذه الحلقة , وحتى لا يتشعب البحث سأختصر ما أمكن واضغط الموضوع بقدر المستطاع , وسأضرب مثال واحد على إنه ليس كل قـتالا جهاد, فـقتـال المرتد ليس جهادا ً, وذلك انطلاقا ً من مبدأ كتاب الله العزيز : ( لا إكراه في الدين ) وهذا المبدأ يضمن للإنسان حق الدخول والخروج ولا يعني بأي شكل من الإشكال قتلا للمرتد وما بعض الفتاوى التي وردة في ذلك إلا ابتعادا عن كتاب الله الذي يقول في محكم آياته في سورة النساء الآية( 137 ) : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً .فالوصف القرآني واضح لم يقل ولم يقم بإخراج أرواحهم بالرغم من إنهم امنوا ثم كفر ثم امنوا(مَا لَكُم كَيْفَ تَحْكُمُون ) , ماذا تقولوا لله يوم الحساب يا أصحاب الفتاوى بقتل الناس ؟ إذن نقول وبصريح العبارة , لابد من تحرير العقل من شبح المقدس للسلف دون النيل من احد , كي يستـقـل العقل ويباشر وظيفته الإنسانية من دون قيود وأغلال , وإذا أريد لأي امة أن تنهض بتـنمية عقلانيتها , فينبغي أن يكون التفكير النقدي حاكما ً,و تعمم ثقافة القبول بالأخر, وثقافة التداول السلمي للسلطة , ونبذ ثقافة العنف , لان العنف يعني الإكراه , والعنف لا يولد إلا العنف , ولا يمكن أن يحل العنف أية مشكلة بل يعقدها . نلتقي في حلقة قادمة بعون الله .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو هاني الشمري
2007-06-04
هؤلاء اخوان الشيطان(الوهابيون)يبررون جرائمهم على اربعة مراحل هي:- 1-يصنعون فرضية على المطلوب لديهم ( اي يفترضوا انه كافر او مشرك او مرتداو يعبد القبور او غير ذلك) 2- يصدقون الفرضيه هم انفسهم أي انهم يكذبون ويصدقون كذبهم 3- يأتون بكل الآيات التي نزلت بحق الكفار والمشركين والظالمين والمنافقين وغيرهم فينعتوا بها هؤلاء الابرياء 4- تأتي المرحلة الاخيرة وهي القتل لهؤلاء الابرياء حسب الشريعة التي اوجدوها عليهم وبأنفسهم ليستبيحوا دماء المظلومين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك