( بقلم : اسعد راشد )
من حق الدكتور علاوي ان يتحرك كجهة سياسية معارضة لتغيير حكومة المالكي واستبدالها باخرى تكون منسجمة مع تطلعاته او لا اقل طموح قائمته ‘ ومن حق اياد ان يطالب باجراء تغيير سياسي في الحكومة يشمل رئيس الوزراء والوزراء بل ليس هناك من يعترض على ما ينشده الدكتور علاوي في اسقاط حكومة المالكي وتنصيب نفسه رئيسا لها يأتي بمن يشاء من وزراء لتولي شؤون الدولة والبلاد وادارتها وفقا للمعايير المتفق عليها دستوريا ‘ ومن حق رئيس حركة الوفاق والقائمة العراقية ان يصول ويجول في البلدان مطالبا العالم والحكومات بتأييد مطالبه واستحصال الدعم اللازم لمشروعه السياسي بما يخص العراق والمشهد العراقي كما ان من حقه ان يصرح بما يشاء ويعبر عن رأيه دون ان يكون لاحد الحق في ان يمنعه او يحول دول الاستفادة من حقه القانوني والدستوري في التعبير بحرية عن اَراءه وطرح مشروعه .للكتور كل الحق والحرية في ان يتحالف مع اي جهة او كتلة سياسية من اجل اسقاط الحكومة الحالية وتشكيل حكومة غيرها تكون تستلم مقاليد امور البلاد والدولة وليس من حق اي طرف سياسي او ديني في ان يمنع الدكتور من المضي في مشروعه وتحركه ويطلب دعم الدول والحكومات التي تتعاطف مع خطه السياسي وتوجهاته .
ولكن اليس من حق الاخرين اي خصوم الدكتور ان يعترضوا على مشروعه اذا كان يتناقض بل ويخالف الاسلوب الديمقراطي والطريقة التي اتت بمالكي وحكومته الى سدة الرئاسة والحكم والمتمثلة في ارادة الشعب والانتخابات الحرة النزيهة ‘ فهل للدكتور الحق في اسقاط حكومة منتخبة من خلال مشاريع مشبوهة واساليب الانقلابات التي ولله الحمد قد انكرها اخيرا الدكتور واعتبرها شرب من الخيال ؟!
اليس من المنطقي ان يعرف الدكتور ماذا يريد من خلال طرحه لمشروعه السياسي في تغيير الحكومة ؟ هل يريد ان يلغي ارادة الاغلبية التي كانت لها كلمة الفصل في انتخاب المالكي لحكومة دائمية يترأسها لمدة 4 سنوات ويحقق ما يطالب به الاخرون من الذين ينادون بحصة ليس فقط اكبر من حجمهم في العملية السياسية بل بتهميش الاغلبية و العودة بالعراق الى المعادلة الظالمة السابقة ؟!
كنا نعتقد ان الدكتور يتمتع بذكاء خارق في اختيار حلفاء لنفسه لتغيير الحكومة الحالية ولم يخطر ببالنا ان يكون اياد الى هذه الدرجة ساذج وبسيط بحيث يفرض عليه و يطالبه حلفاءه ـ هكذا يدعون! ـ فيما لو تم تغيير الحكومة بحصة اكثر من النصف فيما الدكتور لم يعطي لنفسه جزء من التفكير في مايريده هؤلاء القوم ويدقق بشكل اكثر موضوعية وعقلانية في اجندتهم التي هي غير خافية حتى على اصدقاء الدكتور في القائمة واعضاء في حركته لا سيما وان قائمة التوافق والطرف السني في المعادلة قد اشترط على اياد تسليمها كل الملفات الامنية والوزارات السيادية بما يتجاوز عدددها النصف فيما واقع المشهد العراقي وتركيبته الديمغرافية و والمذهبية ووالقومية يقول ويؤكد ان القوم لا يملكون اكثر من 15% من رصيد سكاني في تلك التركيبة ‘ فلو افترضنا ان الطرف السني قد نال حصة النصف واكثر الا يعني ذلك ان الدكتور اعاد المعادلة التي هو يقول انها سائدة في حكومة المالكي لتسود مجددا ولكن بشكلها البشع والكارثي حيث لا ينسجم ليس مع النهج الديمقراطي فحسب بل يضرب بحق الاغلبية عرض الحائط و يسحق حتى حق البعض من حلفاءه في القائمة الكردية ان لم نقل حق كل الشعب الكردي وكل شيعة العراق الذين يشكلون اكثر من 60% من الشعب العراقي فيما الاكراد لا تتجاوز نسبتهم الـ18% بالمائة .
المراقبون تفاجأوا بقلة حنكة الدكتور وغياب الفطنة في تحالفاته مع جهات واطراف سياسية مصابة حتى النخاع بالعقدة وبمرض الطائفية بل هناك من اعتبر ان توجه الدكتور علاوي لن يخلوا من مغامرة غير محسوبة بمستقبله السياسي خاصة وان اياد لم يضع في حسبانه ان منطقة الجنوب والفرات الاوسط هي العمق الحقيقي له وانها هي التي تقرر لمن يكون الامر والحسم في ادارة البلاد فيما الاطراف السنية التي تطالبه بتلك النسبة العالية لم تفكر يوما فيما لو كانت هي صاحبة القرار ان تمنح الدكتور حتى وزارة واحدة وغير سيادية ايضا .
هل فكر الدكتور يوما ان شعب الجنوب الذي قاتل صدام ونظامه واعوانه لاكثر من 35 سنة بانه على استعداد ان يقاتل ايتامه وازلامه لثلاثين سنة اخرى ولا يقبل العيش بذل او العودة مجددا الى عهود العبودية والطائفية والقتل على الهوية ‘ الم يخطر بباله ان القبول باشراك الاطراف في مشروعه ومنحهم ما يطالبون به سوف يكون وبالا عليه خاصة وان ذلك يعني ان الدكتور سوف لا يكون الا شكلا وبمجرد صورة في الحكومة وان البلاد سوف تكون تحت رحمتهم تصطدم بهم الاغلبية ولا تسمح لهم بالسيطرة على الرقاب والعباد ؟!
لم يكن الدكتور علاوي موفقا في اختياره ولا ناجحا في اداءه السياسي ولم يكن يتمتع بالذكاء الذي كان المراقبون يتوقعونه منه عندما وقع في فخ التواقف والاطراف السنية التي تسعى اليوم بنفسها لايجاد موقع قدم لها لدي الامريكيين وباجندة ومشاريع ليس فقط لا يسمحون لاياد المشاركة فيها بل حتى الاطلاع عليها لانها تخصهم وحدهم وتخص منطقهم الاجوف والاخرق الذي لا يستطيع الا ان يكون طائفيا ‘ فهل يتعظ الدكتور من تلك الدروس ويعيد حساباته مجددا ويحافظ لا اقل على تماسك قائمته ويعمل كمعارضة ضمن اطار محيطه الاجتماعي والسياسي وحتى المذهبي بحيث اذا خسر من كان يعول عليهم من الطرف المقابل يكون رصيده في ذلك المحيط لا تأثر بل يعمل كغيره ؟!
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha