بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين
لا احد يشك بأهمية واستراتيجية اللقاء التأريخي الذي جمع الجانب الايراني بالجانب الامريكي في بغداد اثر قطيعة استمرت لأكثر من ربع قرن. الامريكان كانوا يرون بالجانب الايراني واحداً من محاور الشر،والايرانيون كانوا يرون بالجانب الامريكي الشيطان الاكبر،وهذه التوصيفات انما تعكس عمق الخلافات وهوة التناقضات التي تسود هذه الثنائية الدولية الاقليمية.
نستطيع الان ان نتحدث عن الدور الريادي للعراق الجديد وهو ينجح في جمع اكثر الحالات تنافراً وتناقضاً،اذ بالتأكيد كان اللقاء يشكل علاقة فارقة في الساحة السياسية الاقليمية والدولية واعتبرته معظم الاوساط المعنية على انه الحدث الابرز من بين الاحداث التي شهدتها الاشهر الخمسة الماضية من العام 2007. ربما هنالك من يرى في اللقاء الايراني الامريكي ما دون ذلك استناداً الى مستوى التمثيل الدبلوماسي الذي جمع الفرقاء وهذه نظرة غير واقعية ويشوبها الكثير من عدم الدقة والارتجالية في تشخيص اهمية الاحداث،وربما تكون الاجابة الامريكية التي جاءت على لسان رئيسة مجلس النواب الامريكي السيدة نانسي ميلوسي والتي وصفت اللقاء بالاستراتيجي والهام والناجح والذي من شأنه ان يؤسس لعلاقات اقليمية امريكية الرد الاكثر وضوحاً وكذا الحال لدى الجانب الايراني الذي رحب باللقاء واعتبره خطوة في تصحيح مسار العلاقات بين دول المنطقة فضلاً عن المبادرة الايرانية التي طالبت بتكوين لجنة ثلاثية لدعم التجربة العراقية.الاهم من ذلك ان اللقاء الذي اقتصرت محاوره النقاشية على الملف العراقي وعن الكيفية الممكن للطرفين اعتمادها لدعم العملية السياسية في العراق مع البحث في الآليات التي من شأنها تحقيق الامن والاستقرار في هذا البلد، لابد ان تستتبعه لقاءات ومشاورات اخرى مكثفة لاستكمال الخطوات الاولى التي تقررت خلال الاجتماع الاول واذا كان من الصحيح باننا حالياً لسنا على مقربة من النتائج التي ينتظرها العراقيون من هذا اللقاء فان الاصح هو اننا كتجربة سياسية فتية استطعنا ان نجعل من العراق نقطة ارتكاز هامة واستراتيجية لالتقاء الارادات الاقليمية والدولية التي كانت عرضة للشك والشك المتبادل والذي اسس كما اسلفنا للعديد من الازمات وبؤر التوتر والحروب الكارثية التي عاشتها المنطقة طوال ثلاثة عقود خلت.ان الحضور المكثف للعراق في هذا اللقاء يستدعي من الآخرين اعادة النظر بقراءة المشهد السياسي العراقي الذي كان يقرأه البعض خطأً، فالعراق اليوم بات يمثل بوابة المنطقة نحو اعادة الامن والاستقرار بعد ان ظلت منطقتنا اسيرة السياسات الكارثية التي كان يمليها عليها النظام المخلوع وهذا ما يتطلب من الجوار والمنظومة الاقليمية ان لا تستمر الى ما لا نهاية بالاصرار على القراءات الخاطئة والتي دفعنا بسببها اثماناً باهظة جداً.
https://telegram.me/buratha