( بقلم : عبد المنعم فرج الله الأسدي )
عقدت كلية الشيخ الطوسي في النجف الأشرف مؤتمرا موسعا للوقوف على أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. وعلى مدى يومين كانت هناك بحوث قد طرحت في هذا المؤتمر إضافة إلى كلمات المسؤولين في الدولة العراقية .. فما هي النتيجة ؟؟لم يخرج المؤتمر بشيء جديد ولم يتوصل الباحثون إلى حل لأزمة العصر ــ الكهرباء ــ شأن هذا المؤتمر شأن غيره من المؤتمرات التي لم تحل أي أزمة سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية .. أموال كثيرة صرفت لأقامته ،، وإرباك شل حركة المواطن النجفي في عقر داره بدواعي أمنية ..
(( لا حل لأزمة الكهرباء )) عبارة جديدة قديمة ،، تذكرنا بحرب قديمة جديدة .. حرب شنها نظام صدام المقبور لإماتة النفس العراقية بحسرة أبسط حقوقها التي يجب على الدولة أن توفرها لها ومع الأسف واصل نظام العراق الجديد تلك الحرب رغم إختلاف المسميات لكن بقيت النتيجة واحدة .. حرمان .. وحرب نفسية .. وسكوت مذل .
إن ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هي قصة إمرأة ربما لا تعني للمسؤول العراقي شيئا .. إمرأة عجوز فقيرة الحالة المادية تعيش مع أولادها الثلاثة الذين يعملون في البناء كعمال مغلوب على أمرهم .. هذه السيدة العراقية المنسية فاجأها القدر يوما برجال الكهرباء الأشاوس وهم يطرقون بابها طرقات متتالية قوية .. سلموها ورقة أجور الكهرباء ودوّن أسفل الورقة مبلغ ( 33.750 ) دينار عراقي فقط .. ووسط كلمات (وينها الكهرباء .. وأنتو أشوكت منطينياها ) غادر الرجال المكان .. وعادت المرأة إلى بيتها .. بعد عشرة أيام ذهبت العجوز إلى دائرة الكهرباء وسددت ما بذمتها من متعلقات .. ويمضي أسبوع آخر لتفاجأت العجوز وأولادها برجال الكهرباء وهم يرومون قطع التيار الكهربائي عن دارهم .. سألتهم : لماذا ؟؟ فأجابوها : أنكم لم تدفعوا أجور الكهرباء .
من حسن حظ العجوز أنها ما زالت تحتفظ بوصل التسديد ، عندما أحضرته لهم أجابها أحد الرجال الأبطال : زين .. بعد ما تتأخرين بدفع الأجور .. مفهوم !!!! مفهوم .. أجابته العجوز بصمتها الحزين .
وبالمقابل لي جار يعمل في دائرة الكهرباء .. قال لي يوما بالحرف الواحد : إنه يعلم أن ( فلان ) متجاوز على خطين لكنه يخشى أن يبلغ عنه أو أن يقوم بإزالة التجاوز لأن فلان من الحزب الفلاني وأنه .....
وما بين الحالتين علامة إستفهام كبرى .. ربما بحجم مساحة العراق الكبيرة .
كنت أردد دائما مقطوعة الشاعر جابر الجابري ـ وكيل وزير الثقافة الحالي ـ عندما كان في المهجر ، والتي يقول فيها :
الله أكبر يا عراق ...
من كل قارعة تحوم على سمائك ..
الله أكبر يا عراق ...
من كل غائلة تعيش على دمائك ...
الله أكبر يا عراق ...
من كل شائبة تعشعش في ردائك ..
لا .. لست أبدأ في رثائك ..
لا .. لم يحن زمن إنطفائك ..
واليوم أقول لك أيها السيد الجابري .. هل حان الآن زمن إنطفأ العراق ؟؟ .. وهل أنتم شهود على ذلك ؟؟ .
https://telegram.me/buratha