( بقلم : عبد المنعم فرج الله الأسدي )
2 ــ تزكية النفسلاشك أن الانسان يمر بمراحل نفسية عصيبة .. نتيجة ضغوط الحياة وتشعب مشاكلها وهمومها التي تصادفه في كل الأوقات والأماكن .. هذا التقلب النفسي ، يؤدي إلى تغير واضح ، في سلوكيات وتصرفات ذلك الإنسان .. فتتغير تبعا لذلك نظرة المجتمع إليه .
للإنسان صورتان ، صورة ظاهرية تتمثل في إطار جسده المادي ، وصورة باطنية هي أوسع من الأولى .. تتمثل بخصائصه النفسية ، وسجاياه الخلقية ، ولا شك أن الإنسان يهتم بصورته المادية لكي يظهر بالمظهر اللائق أمام أفراد مجتمعه .. وعندما نسأل : هل يجب على الإنسان أن يهتم بصورته المادية أم بصورته الروحية ؟
ربما نجيب على هذا السؤال بشكل بديهي : أن الاهتمام بالجانب الروحي هو أهم من الإهتمام بالجانب المادي .. وهذه الإجابة صحيحة إلى حد كبير ..
الأخلاق الروحية هي التي تزين الإنسان ، وتحيطه بهالة من الوقار والرزانة في القول والفعل .. ولكن هناك من يهتم بجانبه الروحي فقط ، مبتعدا عن جسمه المادي ، وهذا نقص يجب الإلتفات إليه .. حيث إن صفة تهذيب النفس لا تتكامل إلا بالإثنين معا ..
أن الإيمان بالله تعالى هو أعلى مرتبة من مراتب تهذيب النفس ، والنفس المؤمنة بخالقها ، تنقاد إليه في السراء والضراء ، وفي كل لفتة وأنتباهة .. وهذا الإنقياد إلى عزوجل له الإنعكاس الطبيعي على تصرفات النفس الممتثلة لأوامر الله تعالى والمنتهية لنواهيه سبحانه ..
ومن موارد تهذيب النفس أيضا ، نكران الذات ، وعدم التكبر على الآخرين ، ومعاملة الناس بالحسنى ، وقضاء حوائجهم إن استطاع إلى ذلك سبيلا ..
وكذلك من موارد تهذيب النفس العطف بكل أشكاله وصوره .
وبمعنى آخر .. أن اجتماع الصفات النبيلة ، في شخصية الإنسان ، هي تهذيب لنفسه ، ولروحه .
لقد أكدت الشرائع السماوية ، وخصوصا الدين الإسلامي الحنيف ، على مسألة محاسبة النفس ، والحث على اتخاذها منهجا عاما لسلوكيات الإنسان .. لما لها من منافع ، ومن تلك المنافع :
1 ـ عدم التعدي على حقوق الآخرين .. فالإنسان الذي يحاسب نفسه ، على كل صغيرة وكبيرة ، سيصون نفسه أولا ، ومن ثم سيحفظ حقوق الآخرين ولا يعتدي عليهم ، تلبية لنداء الفطرة ، وامتثالا لأمر الدين والقانون .
2 ـ إن إنشغال الإنسان بمحاسبة نفسه تبعده عن البحث عن عيوب الآخرين ، وهنا تصدق المقولة الشهيرة ( من لم يكن من نفسه واعظ ، لم تنفعه المواعظ ) .
قال الشاعر :
وعينك إن أبدت لك معائبـــا فصنها ، وقل يا عين للناس أعين
فلا بد للإنسان إذن ، أن يحاسب نفسه ، لئلا يستمر في غيه وجهله وغروره ، والغرور من دواعي المهالك ، كما تعلم عزيزي القارئ الكريم .
وخلاصة الكلام .. أن كل شخص عرف مقدار نفسه واستطاع أن يروضها إلى ما يحب ا.. تعالى لعباده ، ويرضاه لهم .. فقد ارتقى إلى أعلى المراتب ، واحتل أسمى المراكز ، في قلوب الناس ، لأن نفسه قد تخلقت بالأخلاق الفاضلة ، وتزينت بالسجايـا الكريمة ، والفضائل العالية ، وعندها ستحسن سيرته ، وتصلح أعماله .. والله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر وأنثى .
https://telegram.me/buratha