بقلم: حسن الهاشمي
الإسلام يعد من أفضل النظم التي تراعي حقوق الانسان لا سيما المرأة، فانه يغدق عليها الحب والحنان والعاطفة، فتارة يصفها وهي بنت بالريحانه والبركة ووافد الخير واخرى يؤكد على إظهار المحبة والوجد والشوق لها حينما تصبح زوجة، ويحض على علاقة المعروف والرفق واليسر والتسامح فيما بين الزوجين، وثالثة فان الله سبحانه قد قرن بر الوالين لاسيما الأم بالإيمان بالله، وأمر الأولاد بالإحسان إليهما وبالغ في توفير الاحترام لها.عدم ممارسة العنف ضد النساء في الأسرة، حق المرأة في التعليم، حقها في التملك والحيازة وغيرها من هذه الموارد، لا يوجد تناقض بين حقوق المرأة في الاسلام وما جاء في المعاهدة الدولية لإزالة التمييز عن النساء الصادرة عن الأمم المتحدة، أما يختص بمساواة المرأة مع الرجل بشكل مطلق، فنحن والمعاهدة على طرفي نقيض، ولا يمكن التصديق بها الا بعد الغاء العنف الذي يطال المرأة في مكان العمل، والغاء الاباحية التي تؤدي الى التشرذم في الأسرة، واحترام القيم الاسلامية في التعاطي مع حقوق المرأة المختلفة، حيث أنها في الغالب اتخذت لصالح النساء كالمهر والحضانة والنفقة والرضاعة.
ومن هنا ندرك ان تفريق الاسلام بين الرجل والمرأة في بعض الاحكام والحقوق، ليس جزافا، يقول «الكسيس كارل» وهو عالم كبير من جهابذة العلم التجريبي الحديث في كتابه «الإنسان ذلك المجهول»: اختلاف المرأة عن الرجل يعود الى تكوين الانسجة ذاتها، والى تلقيح الجسم كله بمواد كيميائية محددة ، يفرزها المبيض، فلا يجوز ان يتلقى الجنسان تعليما واحدا، وان يمنحا قوى واحدة ومسؤوليات متشابهة.
نعود الآن للإجابة عن الأسئلة الآنفة الذكر فانه ومن خلال ما تقدم يتضح أن الهدف من وراء الصيحات المحمومة حول المرأة ليس هو المطالبة بتكريس حقوقها ومساواتها مع الرجل، وانما على اثر الثورة الصناعية وازدياد المصانع والشركات في الدول المتقدمة، فان ضعاف النفوس في الغرب قاموا بالتفكير في استجلاب الايدي العاملة الرخيصة، لتشغيل المصانع، وتبعا لذلك اخذوا باطلاق الشعارات البراقة في الظاهر والخاوية في الواقع من قبيل المطالبة بحقوق المرأة والحرية المطلقة لها ومساواتها مع الرجل في كافة مجالات الحياة فاوقعوها في شباكهم واستخدموها للدعاية والتبليغ وحتى الرذيلة لجلب المشتري واستدرار الأرباح.
ومن جهة اخرى هل ان الهدف من المساواة بين الرجل والمرأة، أن المرأة تنسلخ من وظائفها الاساسية المتناسقة مع طبيعتها الجسمانية والعاطفية، وتؤدي الأعمال الصعبة التي هي متناسقة مع طبيعة الرجل؟زج المرأة في ادوار غير متناسبة مع عواطفها وخلقتها وطبيعتها، هذا لعمري في الفعال قبيح وظلم فاحش لها وللمجتمع في ان واحد، حيث ان إجحاف لموازين الطبيعة، وتقويض للبنية الاجتماعية، وهدم للسلوك المتزن في طبيعة العلاقات في المجتمع السليم، علاوة على انه خلاف الفطرة والاحساس الداخلي الذي ينتاب كل امرأة بان لديها إحساسا باطنيا بالانجذاب نحو القيام بوظائفها كزوجة وام ومربية للأجيال، والعمل على تماسك العائلة وتجنبها التفكك والتشرذم والضياع، وعلى هذا فالمسؤولية التي تناط بها ينبغي ان تتناغم مع لطافتها وعطفها وحنانها، وهذه الامور لا يمكن مشاهدتها في الشخصية الجديدة للمرأة الغربية. وما أجمل تعبير الإمام علي عليه السلام حينما قال: «المرأة ريحانه وليست بقهرمانه».
ادعياء التطور يزعمون بأن الاسلام حبس المرأة بين جدران البيت، وسلب منها حرية العمل والتحرك والتطور!لماذا لا يوردون هذا النقص على العلماء العظام والفلاسفة الكبار والمؤلفين والشعراء؟ اليس هؤلاء يقحمون انفسهم بالغرف الصغيرة، ويحبسونها داخل دهاليز البيت، بيد انهم يقدمون للبشرية خدمات عظيمة وجليلة، فالمرأة قد تكون احدهم من هذه الجهة والا فهي كالعلماء والفلاسفة من جهة انها تربي الاجيال الصالحة وتخلق الأبطال، وهذا من اعظم واقدس واشرف الاعمال التي يمكن ان تقوم به امرأة في المجتمع، إضافة إلى ما ذكر إذا استطاعت امرأة طموحة من ان تؤدي عملا خارج البيت محاذيا لوظيفتها الاساسية، فانه امر جيد ومحبذ في الشريعة الغراء.فخلاصة القول انه اذا ما خيّرت المرأة ان تعيش في ظل النظام الاسلامي او النظام الغربي، أو في الحقيقة خيرت المرأة ان تعيش في مجتمع الحشمة والوقار والعفة والكرامة والفضيلة والعزة والأخلاق وكل صفات الخير التي من شأنها ان ترفع من كرامتها وشرفها وانسانيتها، وبين الفساد والرذيلة والانحطاط والذلة والخداع والضياع وجميع صفات الشر التي من شأنها ان تحط من قدرها وتسقطها في مهاوي الفساد والضلالة، بلا شك، المرأة العاقلة هي التي ترجح الفضيلة على الرذيلة، والشرف على الضياع، والخير على الشر.
اي المجتمعين افضل، المجتمع الذي يهب المرأة اعمالا متناسبة مع طبيعتها، هي كونها زوجة عطوف وام رؤوم، تجلب الاستقرار للعائلة، والاطمئنان والسكينة والوقار لأفراده وهو أمل كل بنت في الحياة، ذلك المجتمع الايماني الذي يكفل معيشتها ويضمن حريتها وكرامتها. أم المجتمع الذي يجعل منها بمثابة بضاعة في السوق، تدر الارباح على المستثمرين، او يجبرها على ترك البيت للحصول على لقمة العيش، يرهقها، يهينها، يدنس كرامتها، يقتل شعورها ووجدانها وفضيلتها.نعم اصحاب الضمائر الحية يهتفون بان الانضواء تحت لواء الاسلام، هو الضامن الرئيسي لتحقيق السعادة لكل اصناف المجتمع ومن ضمنهم المرأة.
يقول العالم الاقتصادي البريطاني«ساموئيل سمايلس» من انجلترا في كتابه المسمى «الاخلاق» ان النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المصانع مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد. فان نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة البيتية، لانه هاجم هيكل الدار، وقوض اركان العائلة، ومزق الروابط الزوجية، وصار بنوع خاص لا نتيجة له الا تسفيل اخلاق المرأة، لان وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات البيتية، مثل ترتيب مسكنها، وتربية عائلتها، والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات العائلية، ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير منازل واصبح الاولاد يشبون على عدم التربية، ويلقون في زوايا الاهمال، وانطفأت المحبة الزوجية وخرجت المرأة عن كونها الزوجة المحبوبة والقرينة الغيور على الرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وباتت معرضة لتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والاخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة.
https://telegram.me/buratha