بقلم: حسن الهاشمي
الذي دعاني للكتابة حول المرأة، الهجمة الغربية التي يتعرض لها الاسلام واتهامه بأنه أجحف المرأة حقها، ولم يوفر لها الحرية لممارسة دورها في الحياة، وآخر ما فرض علينا معاهدة إزالة التمييز عن النساء الصادرة عن الامم المتحدة التي تحث الدول العربية والإسلامية على إمضاءها واعتمادها كوثيقة دولية تضمن الدفاع عن حرية وحقوق المرأة في العالم. وكذلك الدعوات المحمومة التي تنطلق من حناجر الجمعيات العلمانية التي تزعم بان المرأة لا يمكن ان تتمتع بالحرية والحقوق الكاملة الا في النظام العلماني الذي يفصل الدين عن السياسة!ولو نظرنا إلى عصرنا الحاضر، وبالضبط بعيد الثورة الصناعية الكبرى في فرنسا، نجد ان النظام الرأسمالي، قد أطلق العنان للمرأة فمنحها الحرية المطلقة في كافة نواحي الحياة، وفي الوقت نفسه منح الفرد حقا واسعا في اكتساب الثروة، فعمد أصحاب النفوس الشريرة الى الغرائز الانسانية يتحسسون فيها مواطن الإغراء وجلب الأموال، حيث روجوا في الناس من خلال الفضائيات وشبكات الانترنت، الخلاعة والازياء المغرية، وصناعة ادوات الزينة، واشاعة الافلام العارية، والقصص الغرامية والمقالات الخليعة، لجمع المال والثروة، وافساد المجتمعات واخضاعها وطمس هوية المرأة الحقيقية.وتكريسا لهذه السياسة الغازية، فانهم وبالاعم الاغلب قاموا بطرح قضايا حساسه من قبيل حرية النساء وحقوقهن ومساواتهن مع الرجال! ونتيجة الابحاث التي تطرحها النظريات المختلفة بهذا الشأن، فان المرأة وللوصول الى حقوقها المضيعة! ما الذي ينبغي عليها ان تصنع؟ هل تجلس في البيت؟ ام تنخرط مع الرجال في ميادين العمل؟ وما هي الحوافز التي دفعت الغرب للمطالبة بحرية وحقوق المرأة، وهل أن هذه الشعارات تهدف حقيقة الى حرية المرأة؟ أم انه ثمة اهداف اخرى تكمن وراء تلك الشعارات؟قبل الاجابة عن هذه التساؤلات لابد من تسجيل موقف الاسلام تجاه هذه المسألة البالغة الاهمية، فانه من الحكمة وضع الشيء في موضعه المناسب.واذا ما اريد للشيء ان يؤدي عمله بشكل جيد، والشخص ان يؤدي مسؤوليته بأفضل وجه، ينبغي أن تكون ثمة سنخية بين الشيء وموضعه، وتناسب بين المرء ومسؤوليته.واذا ما توافرت تلك السنخية والتناسب بين الفرد والمسؤولية الملقاة على عاتقه، سيؤول الامر إلى نتائج مرضية تجلب الاطمئنان بالسير الحثيث على نهج الفطرة والدين والطبيعة.أما إذا ما فقدت تلك السنخية والتناسب – بأي سبب كان – فان الاضطراب سوف ينقض على اصل الخلقة مما يؤدي الى اختلالات في دعائم الحياة مشهودة، يمكن لمسها بأدنى التفاتة وجدانية وهي شعورنا بأننا لسنا سائرين على جادة التناسق الطبيعي الحاكم في قوانين الحياة.ذلك التناسق الذي يصل الى الاوج، اذا ما توفرت له الشروط والمستلزمات، لإبراز الكفاءة والكمال، أما إذا أضمرت تلك الشروط، فاننا سنحمل الطبيعة ما لا تطيق من الاعمال، هذا سيؤدي بدوره، بالاضافة الى الاجحاف الذي سيلحق تلك الطبيعة، فان نتائجها في الحياة سوف تكون سلبية وخيمة وشرورها ظاهرة، يلمسها الإنسان الذي يطمح لتحقيق السعادة، ويسعى جاهدا لاقتناص الجذور والدوافع التي تقف حائلاً دون تحقيقها.ولتقريب الفكرة اكثر، فانه يمكن تصنيف السيارات على نوعين، سيارات فخمة كبيرة لحمل الحديد والبضائع، وسيارات لطيفة صغيرة لحمل المسافرين، نحن لا نستطيع ان ننعت السيارات الصغيره بالنقص لانها غير قادرة على حمل الحديد، ولا ان ننعت الكبيرة بالنقص لأنها غير لائقة بحمل الافراد، بل ان الكبيرة فيها كمال حسبما تتصف به من ضخامة ومقدره على حمل الحديد، والصغيرة فيها كمال ايضا حسبما تتصف به من لطافة وقابلية لحمل الافراد!فهذا العالم بجميع كائناته ومخلوقاته، هو خلق الله سبحانه، وله الحكمة والتدبير في شأن خلقه وابداعه وخير ما خلق من هذه المخلوقات الانسان من ذكر وأنثى، ولكل واحد منهما اعطاه مواصفات ومميزات تأهله نحو طريق الكمال الذي رسم له.وبطبيعة الحال تختلف تلك القابليات والمواصفات اختلافا تكوينيا كما هو معلوم بين الرجل والمرأة، لذا تفرّع عن تلك الاختلافات في الخلقة والفطرة اختلافات في الاحكام والواجبات والحقوق.ومرد الاختلاف الطبيعية الجسمانية، وهو ليس بنقص فيهما، فلا الرجل ناقص، ولا المرأة كذلك، بل ان الرجل خلق سويا كاملا تبعا لخلقته الجسمانية القوية، والمرأة خلقت سوية كاملة تبعا لخلقتها الجسمانيه الضعيفة. فالمساواة بين الرجل والمرأة ينبغي ان ينظر فيها الى السنخية بين قوة الرجل ومسؤولياته، وضعف المرأة ومسؤولياتها.هذه المساواة القائمة على اساس العدالة في توزيع الادوار هي التي تبناها الإسلام، وعلى غرارها كانت بعض الاختلافات بين المرأة والرجل، اما على نطاق اصل الخلقة والانسانية والتكامل والجزاء فهما متساويان ولا يوجد ثمة اختلاف بينهما (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ{الحجرات/13} ) فالمرأة وبعد الاخذ بنظر الاعتبار الأمور التالية:1- السنخية بين الطبيعة الجسمانية والمسؤولية.2- المحافظة على الشرف والكرامة وحرمة الأسرة.باستطاعتها أن تنخرط في كافة المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وباستطاعتها ان تعمل سوية مع الرجل، في اقامة صرح الحضارة، في هذه المعمورة. تبين مما سبق ان المرأة ضعيفة من الناحية الجسمانية، والضعف ليس معناه النقص، بل أن الضعف والظرافة هي محل للرحمة والشفقة، وقد تكون في بعض الموارد أفضل قيمة وأندر وجودا، فحينما يذهب الإنسان إلى السوق، يجد اكوابا ضعيفة ظريفة رقيقة معرضة للانكسار غير مقاومة، ولكن قيمتها اكثر وجذابيتها اعظم من اكواب كبيرة سميكة مقاومة بطيئة الانكسار.زيادة الثمن لا تتعلق بالقوة والمتانة والمقاومة، بل انها تختص بالظرافة والرقة والشفافية والوداعة، وكلما كان الشيء ضعيفا ورقيقا كلما كان بحاجة الى محافظة اكثر وتوجه اشد واعتناء متواصل وبدون انقطاع، فالضعف شيء والنقص شيء اخر، والله سبحانه بعلمه وكماله وحكمته وقدرته، خلق المرأة ضعيفة وظريفة لتكون منهلا للرحمة والعطف والتوجه والحنان، ولكي تضخ الحياة صفاء وعذوبة ورقة وجمالا، فالله سبحانه لم يخلقها للاعمال الشاقة، وانما خلقها لكي تؤدي أدوارا ظريفة في الحياة متناسبة مع رقتها وانوثتها ودقة عظمها.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha