المقالة الاخيرة للشهيد نزار عبد الواحد الراضي والتي ارسلها الى وكالة انباء براثا قبل يومين
المشهد يمثل نقاش محتدم بين اثنين من اقدم الوراقين الفخورين بعملهم الغني بالعلم والمعرفة والادب فهم دوما مع خير جليس في الزمان.لم يكن نقاشا حول كتاب او مؤلف او نوعية ورق نادرة او اقلام متميزة الصنع بل تبين ان النقاش كان منصب على الجمال وخلصوا الى نهاية تراجيدية حزينة انهم ايضا يشاركون يوميا في قتل الجمال بصوره المتنوعة الموهوب لنا كبشر .
هذة الصورة تؤرق الكثير من عشاق الفن والادب والمعرفة فكيف يمكن قتل الابداع بوصفه صورة من صور الجمال وهو مااضحى يموت امامنا ولامن حسيب ولامن رقيب .بغداد حاضرة الدنيا صورة من صور الجمال تتقطع يوميا الى اشلاء تتوزع بين جرار كهرمانه الاربعين والتي لم تسلم هي الاخرى من قطع اصابعها جراء طعنة غادرة ، بغداد الجميلة المورقة اخضرارا تغدو يوما بعد يوما صورة من صور الخراب لا العمراني حسب بل الاجتماعي ايضا وهوالاشنع والاقبح بكل تاكيد فهل نحن منتبهون لما ينتاب ام العراقيين وصدرهم الحنون .
وتتعدد صور الابداع بين جمال جراح ماهر او صحفي مخلص لشعبه اومهندس حاذق او عالم انساني او فنان رسالي او بناء مشييد وغيرهم الكثير في وطننا الذي غدا طارد ومشرد لكل جميل يبدع في حياته من اجل الاخرين .من يتبى حلولا للنهوض بجمالنا الذي كان سمتنا في الوجه والعمل ، هل يكفينا ان نزيد من هيئات ومؤسسات بمسميات شتى دون ان يكون لها دور فاعل في ازالة الاقنعة والمسوخ المتكررة من حاضرنا المثقل بالمصاعب والمعاناة .
بعد ان تعب الوراقان من الكلام وصعد ضغط الدم في عروقهما قررا اخيرا السكوت فيما تسمرت سارحا في افكار داهمتني ضاع معها احساسي بالوقت الذي لم يمزقه سوى صوت المذياع الصغير وهو يصيح انفجار عنيف يدمر بوابة المتحف الوطني العراقي واخر يحطم تمثال ابو جعفر المنصور واغتيال استاذ جامعي واختطاف احد اشهر الاطباء وقتل صحفي وذبح فنان وتفجير شارع المتنبي وتعرض مناطق اثرية لعمليات سطو وقطع جسر يمثل احد شرايين بغداد وتهجير المئات وتشريد وطعن وسلخ فكل مفردات القبح وقتل الجمال كانت حاضرة في نشرة الاخبار .فيما انا ساهم في افكاري المترنحة لم الحظ ان كلمة وراق خربشها قلمي على احد الكتب وهنا جاء السؤال من احد الواقفين بجانبي ، عفوا هل تبحث عن احد صرافين (الورق) ؟ وقبل ان اجيبه بالنفي اردف يقول من الافضل ان تصرف ماعندك اليوم لان السوق في نزول ؟اجبته بعد ان وضعت يدي امام وجهه مقاطعا ليس السوق وحده في نزول بل كل حياتنا في هبوط ولاندري متى نرتطم بالارض ونتشظى فتاتا فتات وينتهي المشهد.
https://telegram.me/buratha