بقلم : علي حسين علي
يناقش مجلس النواب ثلاث مسائل خلافية لم تتوصل لجنة التعديلات الدستورية الى الاتفاق عليها، وبالتأكيد فان البرلمان سيدرسها باستفاضة وسيأخذ مبدأ التوافق كأساس لقراره بشأنها. ومبدأ التوافق هذا استطاعت القوى السياسية المخلصة والمسؤولة عن بناء العراق الجديد من خلاله تجاوز الكثير من العقبات وتخطي العديد من المعوقات لتخرج بقرارات متفق عليه كان من الصعوبة بمكان التوصل اليهما بوسائل برلمانية اخرى.
ويفهم الكثير من اعضاء البرلمان، التوافق على انه الوصول الى حالة وسطية مقبولة من الاطراف الاخرى من دون تعريض الاغلبية الى خسارة من ثوابتها، الا ان بعض الاطراف تستغل (التوافق) بصورة مبالغ فيها في الاشتراطات والاملاءات، وغيرها من الوسائل البعيدة عن الديمقراطية او المنافية لسماع الرأي الاخر حتى وان كان هذا الرأي يحظى باغلبية مطلقة.
وقد تم التوافق على الكثير من القضايا المهمة في تأريخنا القصير والقريب، فآلية الانتخاب تمت على وفق التوافق، وكتابة الدستور هي ايضاً كانت قد اخذ التوافق فيها بصورة واضحة، والتشكيلة الوزارية روعي فيها التوافق.. ويبدو مما مر من احداث ان هناك طرفين الاول يحكّم التوافق لصالح العراق في حين يلجأ الطرف الثاني الى التوافق وتجييره لصالحه او لمصالح فئوية ضيقة.والذين يريدون اعاقة تعديل الدستور، لان هذا التعديل لا يأتي على حسب اهوائهم، تراهم متمسكين بمبدأ التوافق، ولكن بما يصلح منه لهم، متغاضين عن الاغلبية المطلقة التي هي الاخرى لها استحقاقاتها التوافقية ايضاً، بمعنى ان البعض يأخذ من التوافق ما ينفعه، ويمنع على الآخرين الاستفادة من هذا المبدأ الذي حكّم في الكثير من القضايا،و كانت نتائج التحكيم نافعة للجميع.
اننا نشهد اليوم ظاهرة غريبة وغير مألوفة، اذ يعمد طرف معين الى المطالبة بكل شيء من دون ان ينتابه أي شعور بان للشركاء الآخرين حقوقاً مثلما له من حقوق، بل اكثر منه بحكم كونهم يمثلون الاغلبية، وهذا المسلك اقل ما يوصف به هو الاجحاف وغمط حقوق الآخرين.
واذا كان البعض من السياسيين يتصور بان الزمن سيعود الى الوراء حيث تفرض جماعة صغيرة او فئة او حزب املاءاتها على جموع الشعب العراقي وتهمش دوره وتسلبه حقوقه، واذا كان ذلك هو ما اتسم به العهد البائد وكل الانظمة الشمولية، فان اليوم هو غير الامس حيث يعمد هذا الحزب او تلك الفئة الى تولي الحكم بالانقلابات.. فالحكم اليوم ليس له طريقاً غير الديمقراطية، وما التوافق الا واحداً من آلياتها المؤقتة التي حتمها ظرف معين.. والزمن الجديد، في العراق الجديد، هو زمن الاحتكام الى ارادة الشعب العراقي. وعلى الذين يعتقدون انهم يستطيعون ان يقفزوا الى الوراء، فعلى هؤلاء ان يدركوا اية حركة بهذا الاتجاه ستفضي بهم الى فراغ سحيق.
https://telegram.me/buratha