( بقلم : المهندسة بغداد )
الذهاب للسوق القريب من المنزل هو امر تعودت عليه امهاتنا وبناتنا بين الحين والاخر لتلبية طلبات المنزل وفيه لذة كبيرة وانت تتصفح الاغراض بناظريك وسط ضجيج الباعة المتجولين الذي اعتادوا كسر النظام مما يجعل السوق الشعبي العراقي مميز بفوضته التي لطالما تذمرت منها والان اشتاق لها !! ففي الاونة الاخيرة حتى امر التسوق تم حذفه من قائمة اعمالنا كغيره من الاعمال وليبقى جدولنا لايحوي الا على الانتظارات انتظار الماء ثم انتظار الكهرباء وانتظار الفرج وهذه من خيرات المقاومة التي تعرف مصلحة الشعب اكثر منه! وعلى الرغم من ما للتسوق من متعة الا ان هذه المتعة لا تستهويني مطلقا فهي مسوؤلية الوالدة الطيبة لكني في الفترة الاخيرة كنت ارافقها ليس لانني غيرت رأي بل لاهرب من فترة غيابها عن المنزل والافكار التي تخطر ببالي حينها اذا ما تاخرت ولاضمن ان اصابها شيء لا سامح الله ان يصيبني قبلها .
وبينما نحن نتجول في الاسواق كنت اراقب والدتي تعامل وتسال البائع وانا لا اعمل شيء سوى مقاطعتها كل فترة قائلة هل انتهيت ؟! ولان السؤال قد تكرر بت لا اسمع جوابا فانشغلت بالنظر الى البضائع وتقليبها ولالحظ انها خارجية الصنع فمن الياباني والصيني والماليزي والتايواني الى المصري والسوري والايراني وهنا ازدت سرعة في البحث من اصغر شيء الى اكبر شيء كنت ابحث عنها عن جملة واحد made in Iraq)) لكني لم اجدها !! ورحت اتسائل ماذا حدث ياترى هل فجرها الارهابيون كالجسور والابنية التي تميز بغداد ام ان الخاطفون قد خطفوها كما خطفوا البسمة من على الثغور والاولاد من احضان الامهات .
لماذا توجد لدينا وزارة باسم وزارة الصناعة والمعادن هل لنستورد اعواد الثقاب من باكستان ونحن بلد الكبريت والخشب ! ام لنستورد المرطبات من سوريا لتصلنا مثلجة ! ام لنستورد الجبن من مصر ومزارعنا خضراء وثروتنا الحيوانية يتحاكى بها العرب قبلنا بفعل تهريبها الى سوريا والسعودية .
وحتى نكون موضوعيين في طرح المشكلة لابد من الاشارة الى ما عانته هذه الوزارة خلال عهد الطاغية فلقد كانت متالقة حتى اعتاب التسعينات حينها استلمها المقبور حسين كامل ليحولها الى ثكنة عسكرية وليسلب اموالها ليغذي التصنيع العسكري الفاشل وليجعل الوزارة تدور بطريقة التمويل الذاتي في دوائرها لولا هذا النظام لاغلقت الوزارة ابوابها حينها فهذا العبقري الذي كان يهوى ضرب المهندسين بالعصي والارجل ان تكلم بما لايفرح عقله المظلم بالجهل ،ذلك الذي لا امل من ذكر قصته مع البخار (steam) عندما جاء الى احد دوائر التصنيع وسال عن ماكنة متوقفة فاجاب مهندس ( سيدي تحتاج الى ستيم ) فاخبره ببديهية عالية (روحوا جيبوا من السوك !!) فسكت المهندس الا ان احد المجاورين له اخبره انه لايشترى من السوق فانهال بالمهندس ضربا وارسل تعميم لكل الدوائر بمنع التكلم باللغة الانكليزية !!! خاصة لاعداءه المهندسين ومن هنا نقدر ما واجهت هذه الوزارة من صعوبات وما حجم التركة الثقيلة لاي وزير يمتلك زمام امورها .
الا ان ثمة حلول تلوح في الافق يسمع بها العاملون في هذه الوزارة منذ السقوط للان من خصخصة الشركات ودمج اخرى والغاء البعض الا ان الحال كما هو ولم يحصل شيء بل على العكس ازداد الامر سوءا بقبول اعداد هائلة من المفصولين سياسيا الذي يمثل المفصول السياسي منهم 1% والباقي من ال فيتامين واااااااو. ولم يقف الامر هذا الحد فالمهندسين العسكرين تم قبولهم في هذه الوزارة لتعاني انتفاخا من العاملين والمهندسين ادى بها الى العمل بنظام الفئات ( أي انها تعطي ما يقارب نصف راتب على ان ياتي الموظف يوم واحد بالشهر ) أي انها بطالة مقنعة ناهيك عن المشاكل المتاتية من زيادة العدد ومع كل هذا فعجلة الصناعة واقفة ما عدى محاولات خجولة لشركة الزيوت النباتية مثلا والتي تخبرني مهندسة كيمائية وهي زميلة جامعية لي تعمل هناك انها تحلل المادة وتسلم النتيجة المخالفة للمسؤول الذي يتصل بدوه بمديرها العام ليصرخ الاخير بيعووووووووووووا !!!! ولاحاجة لان اشكك في كلامها فالانتاج واضح في الاسواق سعره يساوي الخارجي كالتركي مثلا وصناعيا سيء جدا قياسا بالمنتوج الخارجي وبالانتقالة الى شركة الصناعات الجلدية فمنتوجها متواضع جدا ولايغزو سوى اسواق الكرادة القريبة اما شركة الصناعات الالكترونية التي زرتها ذات مرة فعظم الله لكم الاجر فيها فهي صحراء مهجورة يقطنها بعض المهندسين والطامة الكبرى الشركة العامة للصناعات الكهربائية التي لي فيها اكثر من مصدر لايعلمون فيها الابتجميع الاجهزة ذات قطع الغيار المستوردة ثم تعبئتها في كارتون يكتب عليه الصناعات الكهربائية!! وعندما يطلب منا مديرنا ان ندعم هذه الوزارة هذه ونشتري من شركتها الكهربائية بعض المواد نعمل تظاهرة ونرفض بشدة لان موادها تتلف خلال ايام من الاستعمال واسعارها مقاربة للنوعيات الخارجية الجيدة . فعلى هذه الوزارة حسم امرها فما فائدة هذا الكم الهائل من الرواتب ولا منتوج في اسواقنا المحلية ولا نتكلم عن تصدير لا سامح الله !!
اعانك الله يا وزراة الصناعة والمعادن على كم العصابات الهائل التي تعشعش في ثناياك ولايستطيع أي وزير ان يجابهها فهي افاعي سامة وخطرة حلها الوحيد تفريق تجمعاتها من خلال حركة تنقلات تفصل هذه السلسة عن بعضها هذا من جانب والجانب الاخر فتح باب التعاون مع دول مجاورة كبداية بسيطة لا ان تنتظروا عقود مع المانيا وانكلترا وانتم جالسون ابدئوا من دول مجاورة وخذوا منها تجاربها التي لا تحسب قليلة ومنتوجها في اسواقنا لدليل واسال الله التوفيق لهذه الوزارة التي سلطت عليها الضوء هذا اليوم وبقية الوزارت التي تنتظر دورها في مقالاتي القادمة بعون الله لكن البداية كانت معك يا وزراة الصناعة لانك تحتوين على كم هائل من المصادر ( مهندسين فتانيين !!!) زميلات وزملاء ابتلاهم الله بان كان تعينهم في دوائرك الموقرة عافاك الله وشافاك من علل الفساد الاداري وكل وزاراتنا .
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha