بقلم : باسم المختار
مرة اخرى يثار موضوع يطرح لحل امني موقت في العراق ويصبح موضوع خلافي شانه شان العشرات غيره والتي دائما ما لا تودي الى أي حل وليكون حال البلد مصاب بالشلل التام احيانا لان اغلبية الحلول المطروحة حتى وان كانت ناجحة جدا على الصعيد النظري الا انها ما ان تنزل الى التطبيق على ارض الواقع العراقي المرير حتى تصبح هذه الحلول عرضة للمساومة والابتزاز من قبل بعض الاطراف السياسية التي ادمنت حد الثمالة التفكير بشي واحد فقط مصالحها وامتيازاتها الخاصة جدا لا غير ولا يهمها على الاطلاق كل هذا النزيف العراقي المتدفق .مناسبة الحديث هي ما اثير من ردود افعال حول بناء (جدار عازل في منطقة الاعظمية ) والذي هو اجراء امني موقت لجا اليه القائمون على الخطة الامنية وعلى سبيل التجربة للمساعدة في ضبط الامن واعادة الاستقرار وما ان طرح الموضوع وقبل ان تظهر عليه أي بوادر عملية وملموسة لتقييمه حتى تعالت الاصوات وتوالت الاتهامات من كل حدب وصوب وتم تحميله فوق طاقته وهذا ما يؤكد حقيقة ان الحلول الامنية لمعالجة الازمة العراقية سوف تظل دائما ناقصة وقاصرة اذا لم تدعمها حلول سياسية والتي يقف على راسها وبلا منازع حل مهم جدا من قبيل اخذ جميع مكونات الشعب العراقي وبلا أي استثناء بمبدا الفيدرالية في حكم البلد ومن هنا سوف نطرح في هذا الموضوع مشكلة الشيعة الذين يشكلون اغلبية البلد مع نظام الحكم المركزي والذي يعني ايجاد الحل لها ايجاد الحل لثلثي المشكلة ويبقى ثلث الحل الاخر ممكنا جدا خاصة وان الكورد داخلون في هذا الثلث ومشكلتهم قد حلت كاملة ومنذ امد بعيد.
الطائفـة الشيعيـة التـي تشكل 65% تقريباً مـن مجموع المجتمع العراقي .. واكثر من 97% من مجتمع الجنوب والوسط العـراقي ’ جغرافيتهـم غنيـة بالثروات الطبيعيـة والحضاريـة والفكريـة والأبداعيـة .. غنيـة بالذهب الأسود والمياه والنخيل والأهوار بكل مـا تحتويـه من خـزين غـذائي هائـل ومظاهـر سياحيـة ’ وكذلك ورغـم استهدافهـا فهـي غنيـة بالمفكرين والأدباء والشعراء والكتاب والفنانين ومبـدعين مزروعين شعـراً وفنـاً وغناءً وتواضعاً وروح سمحـة وشبكـة خيوط انسانيـة للوداعـة والألفـة والتعايش الأجتماعي في كل بقعـة من الجسد العراقـي ’ لكنهـم مـن الجانب الآخـر يتجمـع فـي كيانهـم بؤس العـراق وحـزن العراقيين وعلى رأسهم تقـع كوارث التاريخ العراقي ’ واستقرت فـي مدنهـم وقراهـم وبيوتهم اسوا افآت الجهـل والفقـر والمرض وعلى امتداد مئآت السنين ’ يرافقهـا عبوديـة تاريخيـة مقيتـة لمـن هـم اقـل منهـم شأناً وعـدداً وكفاءة ووطنيـة وحبـاً للعـراق ووفاءً لأهلــه . ـــ لمـاذا كـل هــذا ... ؟ ـــ ايــن الخـلل ... ؟ ـــ مـن المسؤول ... ؟ نحـن الجيل الذي عاش كارثـة التسلط البعثي على امتداد اكثـر مـن 43 عاماً ’ استيقضنا على واقع تلك الأسئلـة التي لـم تعـد غامضـة محيرة عصيـة الأجابـة . الحالـة الراهنــة وسرعـة التطورات والتغيرات داخـل المجتمـع رفعـت الأغطيـة عـن مكامن الخلل وعن الأجوبـة المجمـدة الملثمـة جهلاً وتضليلاً واستغفالاً لتلك الأسئلـة التاريخيـة ، عاصفـة امريكيـة اسقطت جـدار العبـودية الموروثـة من الأجداد فـي 9 نيسان 2003 ’ حدث غيـر الحسابات وفتـح الملفات وسلخ جلـد النوايا والخلفيات والتراكمات ’ ودمـر الواقـع ووضـع الجميـع امام الأمتحانات الصعبـة ’ فأما النجاح او نصف النجاح او السقوط عودة فـي مـربع الأنتكاســة التاريخيــة ’ ماذا تريـد تلك العاصفـة اهدافها اتجاههــا دوافعهـا مشاريعهـا مخططاتهـا الخلفيـة فذلك آمــر آخــر وشأنهـم ’ امـا ما نـريده نحـن ’ مـاذا ينبغـي علينـا فعلـه ’ ومـن ايـن يجب ان نمسك عصـا الأوضاع المستجدة المتسارعـة ونختار المـوضع الذي نعض منـه الكتـف تماماً مثل ما يفعلــه وسيفعلـه بقـدر مـن الحكمـة والشطارة اخوتنـا الأكراد ’ ومـا يصـر عليه اخوتنـا فـي الديـن مـن الطرف الآخـر لأستعادة سلطتهـم وعبوديـة الآخـرين .هنـا عنـد تلك النقطـة المصيريـة يجب ان نتوقف ونتأمـل ونتبصـر ونبحث عـن الأجـوبـة الناجعـة لتلك الأسئلـــــة التاريخيــة وبخطوات راسخـة على اصعـدة الوعـي والمعرفـة والبنـاء المشترك وأختيار الكفاءات والتقدم وفـي وجداننا دوافـع اعادة بنـاء الأنسان والجغرافيـة خاصـة ولدينـا مـا يكفـي ويفيض لأنجاز تلك المهمـة المصيرية جماهير الجنوب والوسط العراقي بأغلبيتهم الشيعيـة قدمـوا عبر تاريخ نضالهـم ومعارضتهـم الظلم والطغيان’ اسلاميين وعلمانيين ويساريين من مختلف الطوائف والمذاهب والأعراق الكثير من الضحايا والشهداء وتعرضوا للتصفيات داخل اوكار التعذيب او اجتثاثهـم كوقود تحت الطلب لكوارث الحروب والغزوات والتطهير العرقـي والطائفـي والأنفلـة على اساس المذهب والهويـة ’ ولم تتوقف عزائمهم واصرارهم على استعادة حرياتهـم وكرامتهـم وحقهـم فـي التمتع بثرواتهـم والتخلص مـن فقرهـم وبؤسهـم وجهلهـم وعبوديتهم .بعـد التغيير الذي حصـل فـي 9 نيسان 2003 نهضت وانتفضـت جماهير الجنوب والوسط واصطفت خلف مرجعياتهـا وحوزاتهـا وقياداتهـا الدينيـة والسياسيـة ’ وقدمـت ما عليهـا بمنتهى الحيويـة والنشاط ونكران الذات، وحسب المشورات والأرشادات والتوجيهات والفتاوئ ’ انجزت عمليتـــين انتخابيتين متحديـة جميع الصعوبات والأخطار رفعت خلالهـا رموزهـا وقيادات احزابهـا الأسلاميـة الى هرم السلطـة السياسيـة ووضعتهـا على ابواب الثروات الوطنيـة’ وعلى هـدى نفس الدوافـع والأحلام اشتركت وانجزت عمليـة الأستفتاء على الدستور ’ صدقت وآمنت ومنحت ثقتهـا واصواتهـا كاملـة دون ان تسأ ل مـن هـذا ومـن يكون ذاك ’ كانت النوايا الطيبة حاضرة وكافيـة ان تدفع بنات وابناء الجنوب والوسط لأفتداء رموزهم ومرجعياتهـم وقياداتهـم بالروح مضافاً اليهـا الدم الشيعـي حيث الشهادة بالمئآت من فوق الجسور او تخطف وتذبح وتغتصب وتسلخ جلودهـا وتفخـخ اجسادهـا ’ داخل الحسينيات والأسواق والمدارس والساحات والطرق والزيارات بأنتظار المفخخات والعبوات الناسفـة والأنتحاريين ليحصدوا منهـم ما يشاءوون . ان حصاد فقراء الجنوب والوسط العراقي من خيرات العراق لا شيء غير البؤس الموروث .. لا شي غير دموع الأحباط وخيبـة الأمـل وحسرة اوجاع الأنتكاسـة والدمار والموت اليومـي .. واستمراريـة وراثـة الجوع والجهـل والأوبئـة والعبوديـة المركبـة ... غير الاف المهجرين والمهاجرين بلا امل للعـودة ’ والاف الأرامل والعوانس والاف الألاف مـن الأيتام ’ والألاف من بنات وابناء الجنوب والوسط الذين ابتلعتهـم سياسات النظام الصدامي البعثي الطائشة بديكتاتوريته البغيضة وحروبه العبثية وحصاره البشع .ان فقراء ومعدمي الوسط والجنوب ذمة في عنق كل الاحزاب والتجمعات والفعاليات الشيعية التي يجب ان تكون ناطقة بأسمهم متسلحة بمآساتهـم قريبة جدا من معاناتهـم ’ تقاتل من اجل اقرار كامل حقوقهم المسلوبة منذ عقود ’ لان هولاء الفقراء والمعدمين في امس الحاجة اليوم لمن يقترب مـن بؤس تجمعاتهـم ويتفقـد اوضاعهـم ويتحسس حاجاتهـم ويتألم لأوجاعهم ويخصـص لهم من وقته وجهده الكثير يدعوا فيهـا الى التطوع لتعليهم مبادى القراءة والكتابـة وقطـع عشر ما شفـط من ثرواتهـم لبناء بعـض المراكـز ومؤسسات الأرشاد الصحـي واستنفار الغيرة لمكافحة اسباب الرذيلـة والفساد والخراب الأجتماعـي ’ مـن اجل اطعام الجائعين واكساء العرات ورفع بعضاً من الحيف عـن ارملـة وجبر خاطـر يتيماً والمسح على رأس من اثكلت بأبناءهـا ’ كي نرتجف حزناً ونذرف الدموع امام مآساة بعض بناتنا وابناءنـا التي انتهى بهم سوء الحال فـي مواخيرالفساد والرذيلـة فـي عمان ودمشق والعواصم العروبيـة الآخرى وهذا ما سيجعلنا على اطلاع على حجـم كارثـة الأتجار بطفولتهـم وشبابهـم . ان وسط وجنوب العراق يمثل شكل خاص في حياة البلد ويتختزل قيمه الاجتماعيـة والانسانيـة من حيث ان وعي وصحـة وارادة ووحـدة الملايين من ابناء الجنوب والوسط وحدهـا كفيلـة بأعادة الأمور والحق والمصير والمستقل الى نصابهـا , ليس في حدود جغرافية الجنوب فحسب ’ بل على عموم العراق لذلك فان اللعنة الابدية سوف تلاحق كل مـن يساهم بتعبيـد الطريق امام عـودة جمهوريـة موتنـا الثالثـة لحزب المجرمين العفالقـة ليستبدلوا مصير الجنوب والوسط بفضلات قد تسقط من بين انياب القتـلــة .
https://telegram.me/buratha