بقلم: عبد الرزاق السلطاني عضو اتحاد الصحفيين العرب
لقد حاولت بعض القوى المنضوية داخل التشكيلة الحكومية والبرلمان التنصل عن الكثير من الوعود والتعهدات التي ألزمت نفسها بها للعمل تحت البرنامج الحكومي وظلت أسيرة القرارات التي لا تخدم الحالة العراقية، فقد كشفت المراحل المتعاقبة زيف الشعارات التي يحملونها، وأحد أركانها هو التهديد بالانسحاب من الحكومة والعملية السياسية مقابل الحصول على المزيد من المكاسب السياسية، فقد فعلت ذلك مرارا وتكرارا مما افقد التهديد قيمته الحقيقية وبات ذلك التلويح لا قيمة له، واللافت هنا أن اولئك هم أقل شأنا من القيادات الحقيقية التي تتبنى الاعتدال والوسطية وترتب المسارات التي تجمع وشائج المحبة بين المكونات العراقية، مما يؤكد ان تلك الدعوات هي نتيجة الاخفاقات السياسية المرحلية وغياب لحظة الحقيقة والنوايا الصادقة لبناء العراق الجديد، من خلال دعم الواقع السياسي الحالي بالقضاء على المظاهر العنفية المسلحة لتوسيع الفضاءات الامنية بشكل واضح وملموس، لقد اثبتت جغرافيا خطة فرض القانون تجفيف الكثير من منابع الارهاب بعنصر الاستباقية التي قوضت المساحات واوجدت لها مناخات آمنة، لذا فان دور العوامل الاقليمية في تقرير مصير العراق والصراع فيه مكن القوى التي اوغلت في العنف وعززت مواقعه التسلطية بتقديم الدعم اللوجستي للحلف -الصدامتكفيري- وأسهمت بالاستبداد والقهر لشعوبها.لقد خطى العراقيون خطوات مهمة على طريق بناء عراق المستقبل، فليس من خيار سوى الدفاع عن صيرورة تتوج الحفاظ على معطيات المراحل السابقة التي كفلت وحدة العراق واستقلاله وسيادته، فضلاً عن جدولة بناء القوى الامنية المؤسساتية، فالتركيز على امن العراق هو الحفاظ على الاستقرار والتوازن في المنطقة، كون امتداد الفوضى الاقليمية خيارا قائما بسبب غياب الفكر الاستراتيجي الوطني مما يجعل ميدان النظام الاقليمي والدولي منطلقات للتوتر التي غذت العنف الاصولي وساعد في ذلك انتشار الثغرات التي اغرت القاعدة وغيرها من التنظيمات الراديكالية للنفاذ والتمدد فيها دون عائق، ولكن الشيء الغريب هو بلورة الرؤى المشتركة التي لم تنعكس على ارض الواقع وبقيت على الدوام حبرا على ورق وليس غير اجهزة الإعلام العربية الموجهة التي تحشد لتفاقم الحالة دون أن تضع الحلول المناسبة وهذا ما حصل في أكثر من موقف رغم تأكيداتنا على أن الضرورة الملحة لاستعادة التضامن الاقليمي والدولي والتحذير من توظيف التعددية المذهبية والطائفية لأغراض سياسية التي تسهم في اشعال الفتن والصراعات المدمرة، فالفهم العاصم من التفتت والتشرذم هو الانفتاح على الثقافات الإنسانية واثراء التنوع في إطار حضاري قائم على القيم الروحية والاخلاقية وبعيدا عن التمايزات العرقية والمذهبية، ومن هنا فالتعديلات الدستورية ليست نهاية المطاف في المسيرة الوطنية، إنما هي خطوة مهمة وتأريخية، ومن المؤكد -بحكم المنطق التاريخي- أن تتبعها خطوات لتجسير الممارسة الديمقراطية لاسيما التحرك باتجاه الاتحادية لتعزيز الوحدة الوطنية، فتشكيل اقليم جنوب بغداد هو الحل الحقيقي لمشاكل العراق كافة لتهيئة المناخات الجامحة للحفاظ على وحدته، كما أنه المشروع الاستراتيجي الصائب الذي يوفر الأرضية المناسبة لرفع الظلم والحرمان في مناطق دون سواها لينعم العراقيون بحياة كريمة ويضمدوا جراحات الماضي الصدامي الدموي.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha