( بقلم : ماجد محمد )
أستمــرت المناقشــة حول بنــود الدستــور العــراقي أشهــرا طـــوال , وكـانت أهـم نقــاط النقــاش تــلك المتعلقــة بالــدين الإسـلامي والتسـاؤل عـن وجــوب الإشـارة الى كـونــه الــدين الرسمــي للدولــة أم يُشــار فقــط على أنـه مصــدر من مصـادر التشـريع ؟ حتـى أستقــر الــرأي على أنـه الــدين الرسمـي وهـو مصـدر أسـاس فـي التشـريع ( المــادة الثانيــة - أولا ) . ثــم ألحقـــت بهــا الفقــرة ( أ ) والتي تنــص ( لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ) , فهــل ألتزمنــا حقــا بهــذه المــادة وفقراتهــا ؟ أم لازالــت لدينــا مـن القــوانين والقــرارات المُطبقــة قضائيــا وإداريــا لحــد اللحظــة ما يخــالف بنــود الدستــور وخاصـة مـا جــاءت بــه المــادة الثانيــة أعــلاه وبمـا يتعــارض مـع أحكــام الشريعــة الإسلاميــة نفسهــا ؟ للإجابــة على ذلك دعونــا نسلــط الضــوء على أكــثر القــرارات إجحــافا وإختــلافا مـع روح العــدالة وما شرعــه الله لنــا ولازال مُطبقــا فـي المحاكــم ودوائــر الشرطــة : أصــدر مجلس قيــادة الثــورة المنحــل العــديـد من القــرارات المخالفــة لأحكــام شريعــة وتعــاليم الـديـن الإسـلامي , وهــذا أمــر طبيعــي لنظــام وحــزب لا يعتمــدان على الـدين فـي تشـريـع القـوانـين أو إصــدار القـرارات ( التي لهــا قــوة القانــون ) ولا يستمــدان منــه ذلك , فأصــاب الحيــف الكــثير من شرائـح المجتمــع وقفــز على حقـوقهــم التي أقــرتهـا قــوانـين الأرض والسمــاء , وقــد ألغــت أو أوقـفـت قــرارات ذلك المجلـس السئ الصيــت فقــرات ومـواد قانـونيـة شـُرّعـت قبــل حكــم البعــث لحمايــة حقــوق وأمــلاك المواطـن مـن التدليــس أو التسليـب بطـرق إحتياليــة مختلفــة , لتــأتي جميـع قــرارات مجلـس قيــادة الثــورة وهــي تحمـل فقــرة نصهــا (( تلغــى كافــة المـواد أوالفقــرات القانونيــة التي تتعـارض مـع تنفيــذ أحكــام هــذا القــرار )) وفقــرة ختاميــة تقــول (( على جميــع الــوزراء تنفيــذ هــذا القــرار )) .
ولمـا كـانت قــرارات المجلـس المذكــور تصــدر بالآلاف كـــل سنــة فعلينــا تصــور حجــم المـواد القانونيــة المُعطلــة أو المُلغــاة وحجـم الظلــم المـرافـق لهــا والـذي لحــق بالمواطنــين المغلــوب على أمرهــم , ومـن تــلك القــرارات ذلك القــرار الــذي حـَـوّل أمــلاك المواطــنين الى ( وقــف ) يتحكــم بــه مـن ليــس لــه حــق قانونــي أو شرعــي سمــاوي فيــه , فالإســلام وهــو الـدين الرسمـي لـدولـة العــراق وهــو الــدين القــويـم قــد تعــامـل مـع مــال الإنسـان ( مسلمـا كـان أم غـير ذلك ) بحــذر شـديد وعــد ّ كـل مـن يتصـرف أو يتــلاعب بـه دون وجـه حــق ( كالوصايــة أو المـيراث ) عـَـدّه سـارقا أو محتــال يُعــاقب على فعلــه , ثــم يأتــي هــذا القــرار ليـُلـزم جميـع المحــاكم بالتـوقــف عن سمــاع شكــاوى إخــلاء العقــار حتـى أجـــل مفتــوح !؟ فعطــل حــق صاحـب العقــار المكفــول شرعــا وقانــونا بالتصــرف بما يمـلــك وجعلــه ( وقفــا ) كأوقــاف اليهــود لا يـُبــاع ولا يـُشتـرى إلا بموافقــة ساكنيــه مهمـا كــانت ظـروف المــالك ؟!! وبنفــس الـوقــت أعطــى حقــا ً لأشخــاص لا عــلاقة لهــم ( كـذلك شرعــا وقانــونا ) بالعقــار فخلــق حالــة من العــداء الشخصــي بــين مـالك العقــار والمستــأجـر وخلــق كــذلك نــوع من التجــارة السـوداء يقــوم بهــا مستأجـر العقــار برأسمــال لا يخصــه , وهــذا ما يخــالف نص القــانـون المــدني العــراقي الــذي يـُكـيّــف هــذا السلــوك ويعطيــه تسميــة (( التدليــس )) إذ يصــرّ المستأجـر فــي حالــة حاجــة المــالك أو الــورثة لبيــع العقــار أو إخــلاءه الى المطالبــة بمبــالغ كــبيرة تصــل أحيــانا الى أضعــاف مادفعــه من بــدل إيجــار طيلــة فــترة إشغــاله العقــار كــي يـُحقــق طلــب أصحــاب العقــار !! بــل وصــلت مطالبــة بعـض المستأجــرين بالإضافــة الى المبلــغ المطلــوب الى إلــزام المــالك بتـأجــير عقــار آخــر لهــم ودفــع بــدل أيجــاره لمــدة سنــة أو سنــتين !!؟ وكــان هــذا سببــا لأرتكــاب جــرائـم عــديدة تصـل الى القتــل كمــا تـُشــير الى ذلك سجــلات مضـابط مـراكـز الشرطــة ومحــاضر المحاكــم العــراقية , فمابــالكم اليــوم وقــد أنتشــرت الجريمــة بشكـل كــبير ؟؟
إن الغــرض من أصــدار أي قــانون أو قــرار هــو لحمايــة المـواطـن والمجتمــع مـن حــالات السرقــة أو التــلاعب بالمــال الخــاص وتحصيـن المجتمــع ضــد حــالات الإنجــرار وراء الجريمــة وسلــب حقــوق الغــير , وهــذا القــرار يناقــض نصــوص القــانون العــراقي وروحــه ويناقـض أحكــام الشريعــة الإسلاميــة ولــم يســبق أن أصــدرت أيــة حكومــة سـواء عــراقيــة كــانت أو سواهــا مثــل هــذا القــرار المُجحــف .ولــو رجعنــا الى حجــة المجلـس المـذكـور فـي أصــدار هــذا القــرار والقاضيــة بحفــظ حـق المستــأجـِـر في سكـن دون منغصــات في ظــل أزمـة سكـن خانقــة نــرى فــي هــذه الحجــة الى جــانب مخالفتهــا للــدين والقانــون الكــثير من التناقضــات والمخـالفات القانـونيـة فهــو يحـاول ( أي المجلـس المنحــل ) حــل أزمــة مســؤول هــو عـن حلهــا بتــدليـس حــق مـواطـن آخـر ( أي بــراس المواطـن ) وكــذلك فلقــد أعطــى حــق لغـير صاحبــه وسحـب حقــا من صاحبــه وهــذا مـا يُجانـب العــدل ويخالــف نصوص القانـون , ولـم يـُشــر هــذا القــرار لحــالات لاعــلاقة لأزمــة السكـن بهــا , مثــل مــدة إشغــال العقــار كـأن يكـون قــد تــم إستـئجـاره منـذ فــترة وجــيزة فكيــف يتسـاوى مـع عقــار آخــر كــان مُستأجـَرا منــذ سنـين طويلــة ؟ ولـم يشـر أيضــا لحــالات المطالبــة بمبالــغ غــير شرعيــة لأغـراض التخليــة ؟ وتــرك البــاب مفتــوحا لضعــاف النفــوس من مستأجــري العقــارات كـي يتلاعبـوا بأمــلاك النــاس وبـإسنــاد ودعــم قــانونـي !! .
لقــد تبــدلت الظـروف وأصبــح الـدين الإســلامي مصــدرا أسـاس فـي التشريــع وآن الآوان كــي تقــوم لجنــة دراسـة قــرارات مجلـس قيــادة الثــورة المنحــل المنبثقــة من مجلــس النــواب المُنتخــب بـإلغــاء أو تعــديـل هــذا القــرار لأن كــثير من المواطـنين ينتظــرون من ممثليهــم ومـن المرحلــة الحاليــة إعــادة الحــق المغصـوب قســرا ً إلــى نصــابـه كمـا ينظـــر الله جلــت قــدرته الى من سلمــه المـُـلك ليـُرجـِـع لشريعــة الــدين الإسـلامي ما عـُطــّل منهــا كـي تعـــم ّ بركتــه على الجميــع والله من وراء القصــد .
https://telegram.me/buratha