( بقلم : محمد الوادي )
مما لاشك فيه ان الوضع العراقي أصبح مثل ساحة مفتوحة الجوانب والاطراف والابواب , يدخلها ويخرج منها من يشاء دون رقيب أو خوف من حساب أو عواقب معينة . وهذه هي أهم سمات الضعف التي يعاني منها العراق الجديد , ولكنها ايضآ ليس مفاجاءة على الاقل لدى العراقيين لانها هذه الحالة تاتي بعد سقوط أعتى نظام دكتاتوري وشمولي عرفه التاريخ العالمي المعاصر . وايضآ بعد انهزام أجهزته الأمنية والعسكرية امام شاشات التلفاز وبنقل حي مباشر " بملابسهم الداخلية " ومن وسط قصر " الموت " الجمهوري الصدامي فلقد رموا اسلحتهم ونزعوا بدلاتهم ذات اللون الزيتوني المقيت وهربوا ركضآ امام دبابتين أمريكيتين فقط لااكثر !! بعد ان كانوا ولعقود طويلة يبطشون بالعراقيين مفردآ وجمعآ بدون أدنى رحمة أو قيم رجولية نبيلة ممكن الاشارة لها بنوع من الاحترام . لذلك ممكن تفهم " بعض " من الفراغ الحاصل في العراق ومايترتب على ذلك من سلبيات .
لكن يبقى الأهم والاكثر ايذاء للعراقيين هو موقف بعض الدول العربية ودول الجوار العراقي . فهذه الدول فجاءة اكتشفت نفسها انها قادرة على تغير الوضع الداخلي العراقي !! وتغير الواقع الاجتماعي وحتى المذهبي او القومي في العراق !! وهذا في واقع الامر وهم يعيشه الجميع دون استثناء , حتى وأن بدى في بعض الاوقات ممكن تحقيقه الا أن ذلك استثناء , اما القاعدة الاصلية في التكوين الاجتماعي العراقي فهذه ثابتة لايمكن تغيرها مهما حاول وجاهد البعض بامواله او بتخريبه , ومثما متعارف عليه في كل العالم ان الواقع الاجتماعي لابد أن ينعكس على الواقع السياسي طالما توفرت أليات ديمقراطية للانتخاب وحرية الاختيار .
وهذا بالضبط مايحدث في عراق اليوم . وايضآ هذا بالضبط ما لاتريد أغلب الحكومات والشعوب العربية أستيعابه في عراق اليوم
ويتصورون أرسال عدد من " البهائم " المفخخة لقتل العراقيين وتفجير الاسواق وقتل الابرياء وفتح الحدود لدخول وتسلل المجرمين الارهابين الاوباش الى العراق قد يغير من الواقع الجديد شيئآ . وهم في حقيقة الامر يدفعون الاغلبية الى الاتجاه المعاكس والى مرحلة معينة من التشدد ستاتي في مرحلة لاحقة من خلال المطالبة بما لاتتصوره عقول أوباش العرب هولاء .
وحينها ستنوح الامة وتقيم القمم الفاشلة والبائسة لمحاولة تصليح مادمرته أيدهم وعقولهم الجاهلة التي ستصل بنا لامحال الى ذلك اليوم الذي سوف يتردد العراقي كثيرآ قبل أن يقول " هذه أمتي وهذا شقيقي العربي !! " .
حكومة السيد المالكي نحن العراقيين عندنا الكثير من المأخذ عليها والكثير من النقاط السلبية . لكن ذلك لايعطي الحق لدول كانت تلوذ بالعراق وتحتمي به أن تحدد لنا من يحكم العراق !! واي حكومة تنال رضآ ذلك الطرف العربي او الجوار من غير العرب . فهذا اخر مايمكن التفكير به او الرضوخ أليه عند ابسط مواطن عراقي بل وحتى العراقي المتضرر من وجود حكومة المالكي . لان عملية تبديل أو أسقاط الحكومة الحالية يجب ان تتم من خلال عملية دستورية في البرلمان او حتى من خلال الشارع حيث الجماهير عندما يرتفع صوتها بشكل لايمكن التغافل عنه . لان هذه الحكومة ورغم السلبيات الكثيرة التي تحيط بها لكن لايمكن تحميل الاخطاء فقط الى الواجهة الرئيسية المتمثلة بشخص رئيس الوزراء بل ان كل القوائم وكل الاحزاب من كل المذاهب والقوميات تتحمل نسبة يجب ان تكون واضحة في حال الركون الى هذا الحل الدستوري في اسقاط الحكومة . ويجب ان تكون واضحة ثقافة الدستور عند العراقيين بعيدآ عن عمليات " التأمر والانقلابات " التي ماجنت للعراق سوى الموت والدمار والتخلف . والمفارقة ان المطلوب الاول في فهم هذا الواقع العراقي الجديد هي بعض الدول العربية , التي تتصور واهمة أنها قادرة على اسقاط هذه الحكومة او تلك في العراق من خلال مثلآ عدم استقبال رئيس وزراء العراق وتسريب هذا الخبر الى بعض وسائل الاعلام !! او من خلال دعم طرف او مكون عراقي على حساب اطراف اخرى , وهذا هو قمة التخبط العربي " العتيد " عندما تكون القراءة دائمآ خاطئة ورد الفعل والمبادرة دائمآ تاتي متاخرة , هذه سمة من سمات العمل العربي مع الاسف الشديد .
وفي العراق تبرز بشكل يبدو احيانا مخجل ومعيب وبذات الوقت يعطي نتائج عكسية لصالح الطرف المستهدف بهذه التخبطات العربية . ولااعرف مثلا كيف يمكن تجاهل ان من يتدخل في العراق بشكل مذهبي او بغيره ردة الفعل العراقية والتساؤل المشروع الذي يقول " أذن من حقنا ان نتدخل في شؤونك الداخلية الى حد النخاع والى حد المذهبية والطائفية " فهذا " جموح " أن انطلق لايمكن ان يكون حق و ملك لطرف دون أخر . اذن نحن العراقيين من نفس حقك " الوهم " هذا نمارس حقنا في شؤونك الداخلية ونقول لك اين الاخرين من الطوائف والمذاهب الاخرى " الغير حاكمة " في حكومتك وفي قراراتك المصيرية لماذا يتم تغيبهم بشكل تاريخي وصارخ !! ويبقى السوال الاهم .. من يدعي الربح والفوز في مثل هكذا حال اذا تكون ؟ ولماذا هذا الاصرار على تغيب المواطنة اما المذهبية والطائفية !! ,
لكن لأن قاعدة " لو خليت قلبت " مازلت تعمل عندنا نحن العرب ولو بشكل نسبي . فان من وسط هذا الركام العربي المظلم والمستفز . خرجت علينا بعض المواقف المضيئة والمحترمة هذه المرة من الكويت ومن البحرين . فلقد صرح السيد وزير خارجية الكويت . والسيد الخرافي رئيس مجلس الامة الكويتي . اضافة الى كلمة وفد البحرين في قمة شرم الشيخ . بما يجعل للمنطق مكانته الصحيحة المترافقة مع الحكمة وبعد النظر . فلقد اكدوا جميعآ على " اننا ندعم العراق وليس اشخاص وأن السيد المالكي هو رجل منتخب من الشعب وفي ظل ظروف من الارهاب والقتل لايمكن تجاهلها . وايضآ لايمكن دعم العراق من خلال اطراف اخرى غير حكومية " هذه هي قمة الحكمة العربية ونقطة الضوء الوحيدة في عالم عربي متخبط وفي كثير من الاحيان طائفي .
محمد الوادي
https://telegram.me/buratha