( بقلم : علي آل شفاف )
تفتقت عبقرية بطانة (مستخدم الحرمين) "عبد الله آل سعود" المتملك على الحجاز ونجد, وبعض مستشاريه, ممن أشربوا حب المغامرة والمقامرة, في حلبات سباق الخيل والهجن والصقور والجرابيع . . بإقحام هذا الرجل الذي "لا يَكَادُ يُبِينُ", بل "هُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ", ولا يميز الطن من الطين من الطنين, في رمضاء (قيادة الأمة) حافي القدمين, وفي درابين (سياسة الشعوب) صفر اليدين, بعد أن غاص في سنة الخمول, واحتبى ببرد النحول. فلا هو بالخطيب العجيب, ولا بالفصيح اللبيب. إذا تكلم انصرفت عنه وجوه الناظرين، وأعرضت عنه قلوب السامعين، وانقبضت منه صدور المنصتين. ثقيل اللسان, كليله؛ محتبس الكلام, عقيله. تتصارع بين ثنايا لسانه الحركات, وتتشارد بين بقايا أسنانه النقاط؛ فيرفع ما من حقه الوضع, ويضع ما من حقه الرفع.
في محاولات يائسة, وشطحات بائسة, وتسرع أرعن, لإشغال وظيفة (شرطي أمريكا) الشاغرة. منذ نهاية أيام "صدام" الغابرة ,وقبلها انهيار إمبراطورية "شاه الأكاسرة", جمعت بطانة "عبد الله آل سعود" أذيالها, وحسرت عن أيديها أسمالها, متحفزة مستوفزة. دافعة بقريع دهره, ووحيد عصره, وفريد زمانه في البلادة والكسل, وثقل الذهن والعقل؛ إلى سوق نخاسة الضمير والكرامة والشرف, ليعرض ما أعدته له بطانة السوء هذه, من بين خابط ليل، وراكب عشواء, ومختلط في عقله وضميره. على مشتر واحد لا غير: أمريكا! لقد عرض هذا الخلي خدماته على أمريكا, عرض الهلوك نفسها على مريدها. ولسان حاله يقول:"الآن وقد ضاع شرطيكم الأول, وأتبعتم به الثاني, هل لكم من شرطي غيري؟ وهل جزاء من فتح لأسطولكم بوابات الخليج الواسعة, وزرع قواعدكم في أرض العرب الشاسعة, وحارب إيران عدوتكم اللاسعة؛ إلا أن تخلعوا عليه ثياب الرضا ولباس القبول؟". "وإن كان شرطكم رضا (الأخوة) في إسرائيل, فحبا وكرامة, وسترون ما أفعل في القمة القادمة". وقد كان . . فببركة "عبد الله" الآخر ـ الذي له حكاية أخرى ـ ودعم معتوه مصر "مبارك", باع "عبد الله" هذا ما تبقى من أرض فلسطين, بعدما باعها أهلها ـ قبل عقود ـ للوافدين. فوقع بالعشرين, إن لا تثريب على بني عمنا "إسحاق" فالأب واحد والرب واحد, وهم من لحمنا ودمنا. إنهم أقرب إلينا من الفلسطينيين "بني كنعان" وأهل "فينيقيا".
ثم عادت (عبقرية) بطانة السوء ـ إياها ـ لتتفجر مرة أخرى . . فلكي يتزعم (رخي البال) الأمة النائمة, عليه أن يخدع غوغاءها, ويناورهم ويتملقهم, ببعض الكلمات الجوفاء, وبعض العبارات البلهاء. وهكذا لَفَّتْ فضائيات آل سعود أُزُرَها, وشدت جرائدهم خصرها, والتقطت مواقعهم أنطقتها, لتروج لمليكها الساهي, وقائدها الواهي. وبين عشية وضحاها أصبح من أغفله الدهر منيعا, ومن أزرى به الجهل رفيعا. فليست هناك من مشكلة في شرق الأرض أو غربها إلا ودسوا أنف هذا (المسكين) في جوفها, ولسان حالهم يقول: "لا تخف ولا تحزن, ثم لا تبتئس ولا تحتبس!! لن تحتاج إلا إلى بضعة ملايين من الدولارات, وكل مشكلة ستحل نفسها بنفسها, وما عليك إلا أن تحضر معهم, وتبتسم أمام الكاميرات, والباقي علينا, فسنكتب لك, كل ما عليك قوله . . وكن مطمئنا, فلن ننسى تحريك الكلمات. بعدها سيسجل الإنجاز باسمك! ويحفظ التأريخ رسمك!". وبدأ الرجل هذه المهمة العسيرة, التي أقضت ضجعته, وقطعت نومته. لكنهم كلما زادوا في تلميعهم لطلعته, وتزويقهم لهيبته؛ صرع آمالهم بعيه وتجهمه وخيبته.
بعد هذا كله, حق لك العجب. ولم لا تعجب؟ بل أنى لك أن لا تعجب؟! وأنت تسمع أن "عبد ألله آل سعود" هذا ـ بشحمه ولحمه ودمه ـ يتطاول ويرفض استقبال رئيس وزراء العراق, المالكي, الأشتري, النخعي؟! ذلك الذي اختاره شعب العراق, رغم أنوفهم التي خزمها العار, وأعناقهم التي أذلها الخزي, وأفئدتهم التي ملأها الحقد.رئيس حكومة العراق, بكل ما يعنيه العراق من مجد وسؤدد وعزة وكرامة. العراق الذي هو منبع الحضارة, ومنبع الإسلام! ومنبع العروبة أيضا!
ولك أن تتساءل, وحق لك أن تفعل, وقد شاع الأمر, وانقطع الخبر: إن كون "العراق منبع الحضارة", هذا أمر لا يتناطح فيه كبشان؛ لكن كيف يكون العراق منبعا للإسلام, وقد ولد الإسلام في مكة؟ ويكون منبعا للعروبة, ويعرب أمضى عليها (صكه)؟ والجواب:
إن أبا الأنبياء "إبراهيم" (ع) جاء من العراق, بأمر من ربه الذي "يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ". قاطعا مئات الفراسخ أو آلاف الكيلومترات. متحملا حرارة الصيف اللاهب, وبرودة الشتاء الشاحب؛ ليرفع ما وضعوا من قواعد البيت " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ", وليعمر ما خربوا مما أستودع ألله أرضهم. ثم ليبذر بذرة التوحيد في أرض الوثنية, ويغرس منابع الإسلام لتحارب الهمجية, ويستودع فلذة كبده "إسماعيل" (ع), أبن أور السومريين والأكديين وابن العراق "بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ" ليحمي البيت العتيق من مخربيه, ويقوم بوفادة حجيجه, وإبعاد الوثنية عنه. لكنهم نصبوا (هبلهم) و(لاتهم) و(عزتهم) في قلب البيت ليحاربوا الله. لكن "يَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ". فأعاد الكرة عليهم بابن إبراهيم النبي الأكرم محمد (ص), وبدين أبيه إبراهيم ذاته "قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ", ذلك العراقي الذي سمانا المسلمين " مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ". ليخبرنا (جل وعلا) أننا على دين ذلك الرجل الذي خاض الغمرات, وتجشم عناء المفاوز والصحارى والآفات, ليعمر البيت العتيق, ويطوف به؛ لنطوف نحن بعده, وعلى يدي من؟ على يدي أبنه الأكرم الأمجد "محمد" (ص)؟ ثم ليغرس "إبراهيم" (ع), بذرة العربية في تلك الأرض البعيد الوعرة القاسية. فنصف العرب الأكبر كما هو معلوم هم "العرب المستعربة" وتأمل بكلمة "المستعربة" أي أنهم ليسوا عربا (بالمعنى العرفي وليس المعنى المحقق لأصل العرب). وهؤلاء ـ كما هو شائع ومعلوم ـ ينتسبون لإسماعيل بن إبراهيم (ع) العراقي الأكدي. أما باقي العرب وهم من يدعون بـ "العرب العاربة" فهم قحطانيون يمانيون كما هو شائع (وإن كانوا عراقيين أيضا عند التحقيق).
فبم يتطاول آل سعود وبطانتهم على العراق وشعبه: أفبإبراهيم (ع), وهو عراقي أكدي؟! أم بمحمد (ص), وهو ابنه؟! أم تراهم بالإسلام يفتخرون, ونحن أصله؟! أم ليعرب ينتسبون, وليسوا بأهله؟! أم بالبيت العتيق يعتزون, وقد اندرست بينهم جدره, فلم يعرف أثره, ولم يستبن أمره, حتى جاء إبراهيم (ع) من العراق فرفع قواعده؟! أم تراهم بكروشهم التي انتفخت من عوائد نفطنا, في البقيق والظهران, يشمخون؟! أم ببطونهم التي تفقأت شحما من خيراتنا في الإحساء والقطيف والظهران, يستهترون؟!
ألا فليعلمن آل سعود وبطانتهم ومن لف لفهم وغوى غوايتهم, أن العراق آت, ليعيد مجد إبراهيم العراقي (ع) ومحمد بن إبراهيم العراقي (ص). وأن سومر ستنهض من جديد, وبابل ستعيد مجدها التليد. وسيعود شرق الجزيرة إلى أحضان العراق. إلى حيث كان أيام سومر وأكد والمناذرة وصدر الإسلام والأمويين والعباسيين وحتى العثمانيين. إلى ما قبل أن يغزوها أعراب "آل سعود" ويملأ "ابن جلوي" جوفه من دماء أبنائها.
علي آل شفاف
https://telegram.me/buratha