( بقلم : علي حسين علي )
منذ عقد من الزمان ويزيد بسنوات قليلة، وقناة (الجزيرة) الفضائية مثار استفزاز العرب والمسلمين.. ولم يمر وقت طويل بين اختلاقها فتنة او اثارتها نعرة عنصرية او طائفية، وهي بذلك تبدو للمراقب السياسي ليست اقل من قناة فضائية تعمل لغير صالح العرب والمسلمين.. والمتابع لهذه القناة يكتشف انها اول وسيلة اعلام (عربية) تروج لاسرائيل، وهي وحدها من استطاع ظهور الصهاينة وقادتهم على شاشتها حتى صار الامر طبيعياً وكأن لا هناك قدس محتلة، ولا شعب اغتصبت ارضه وحقوقه. ولعل الغريب في وجود هذه القناة في بلد لا يكاد يرى بالعين المجردة، انها رفعت من (شأن) هذا البلد، وجعلته اكثر اهمية من بلدان لديها ثروات واكثر منها، وسكان قطر يمكنهم ان يستقروا في فندق او اكثر في كثير من البلدان العربية او الاسلامية الاثرى والاكثر عديداً من قطر.
و(الجزيرة) لم تكن فرقعة فضائية بل هي قد اسست ودفعت اليها مئات الملايين من الدولارات لغرض ان تعمل جاهدة على تحقيقه، ولعل تمزيق العرب واثارت النزاعات بينهم وكذلك الحروب، هو اهم ما تعمل هذه القناة المشبوهة من اجله، ودورها التخريبي لا يقتصر على العرب، فالمسلمون هم هدفها الثاني، فكثيراً ما شاهدنا على شاشتها من الفتن، والنزاعات الطائفية، وكثيراً ما نبشت التاريخ المظلم والسوداوي لتستخرج لنا من بين اقذر ما فيه فتنة لتدفع بها الى ساحة العرب والمسلمين ثم تتفرج او بالاحرى يتفرج من يقف وراءها.بدأت قناة (الجزيرة) بثها في اواخر التسعينيات من القرن الماضي، ولعل اكبر مفارقة يلحظها المراقب السياسي من يوم بدء نشاط (الجزيرة) وحتى يومنا هذا هي دعوتها الى الديمقراطية واصرارها على ان المجتمع العربي الاسلامي لن تقوم له قائمة الا اذا سار على طريق الديمقراطية، وصدق البعض هذه الحلوى المسمومة وابتلع الطعم القاتل كثيرون، ولكن الكثير من المراقبين ظل يتساءل طوال اكثر من عقد عن سر دعوة (الجزيرة) تلك وهي تنطلق من بلد انقلب به الابن على الاب واتهمه بالسفه والجنون!!، فأين الديمقراطية من عزل ابن لابيه عن الحكم عندما كان الاب خارج البلاد في زيارة رسمية لبلد اجنبي؟ وكذلك يتساءل كثير من المراقبين السياسيين ان كان هذا التصرف العقوق هو الديمقراطية التي تدعو (الجزيرة) العرب والمسلمين الى السير في طريقها؟!.ولعل الاكثر غرابة ان من تدعو الى الديمقرايطة كانت بنفس الوقت تبث ساعات طويلة من برامجها اليومية عن حكم طالبان في افغانستان وكأنه النموذج الديمقراطي الاول والامثل في هذه الارض، مع ان طالبان يعرفها القاصي والداني مغتصبة للحكم ومتسلطة على العباد، وانها قتلت مئات الآلاف من الافغان على الهوية.. نعم.. على الهوية، فطالبان العراق اليوم هي الابنة لطالبان افغانستان فكلاهما يقتلان على الهوية! فاين هي ديمقراطية طالبان افغانستان التي راحت (الجزيرة) تبشر المسلمين والعرب بوصولها الى ديارهم؟!.وبعد سقوط طالبان ونظامها الدموي تولت الجزيرة تغطية نشاطاتها و (جهادها) ضد القوى الاجنبية، وكأن طالبان لم تكن يوماً الا مجموعة من المرتزقة والقتلة التي تولت امرهم ودفعت لهم المال والسلاح احدى وكالات المخابرات الاجنبية المعروفة لكل البشر باستثناء (اهل الجزيرة)!.
لكن كل ذلك كان في كفة وما حدث قبل سقوط صدام وما بعد ذلك في كفة اخرى! فالجزيرة سوقت للعالم قوة صدام وجيشه وبأنه سيلحق هزيمة منكرة بالاعداء! وصدّق صدام – او هكذا يبدو – هذه الخدعة بعد ان عرضت عليه وعلى العرب والمسلمين التظاهرات والتجمعات التي تؤيد صدام في بلاد الغرب وكذلك اختلقت له نزاعات بين قادة الغرب وكأنهم مترددون عن اسقاطه، مما جعل من صدام يرتكب الحماقة تلو الاخرى، مطمئناً انه لن يتعرض الى أي هجوم غربي، وان تعرض فالعالم الى جانبه، ومن طرف خفي قام بعض المسؤولين في قطر بزيارات ولقاءات الى ومع صدام واقنعوه ان النصر آتٍ.. وعليه ان لا يستمع الى أي ناصح! وهكذا جرت الجزيرة الطاغية الى العناد وهو المعروف بحمقه، فوقع في شراكها وانتهى بعد ذلك امره، واكتشف الكثير بعد سقوط الطاغية ان الجيوش التي انطلقت من قاعدة المسيلة في قطر ليست وحدها من اسقط صدام ولكن (الجزيرة) ومن يقف وراءها كانوا قد باعوا صدام، ولعل القاعدة التي تقول ان الخائن بيع اخيه الخائن قد صدقت هذه المرة.كل ما ذكرناه، لم يكن الناس على غفلة منه، فالعراقيون على وجه الخصوص يتذكرون بان (الجزيرة) كانت وطول عقد من السنين تلسعهم بسياط كذبها وافتراءاتها وتسترها على نظام صدام الارهابي، بل هي تحاول ان تجعل من جرائمه انجازات ضخمة على طريق الوحدة العربية!!.
وما طالعتنا به هذه القناة المدلسة والبذيئة قبل ايام لم يكن غريباً عليها، فتعرضها الى مراجعنا العظام الاخير لم يكن الاول، ولن يكون الاخير بالطبع، ما دامت هذه القناة المضللة تحيا، فمهمتها الجديدة هي خلق الفتنة بين العراقيين بعد ان انجزت مهمتها الاولى وهي خلق الفتنة بين العرب والمسلمين.ولا نعتقد ان من يقف وراءها بعيد عما تفعل، فالديمقراطية واستقلال الاعلام وحريته يمكن ان تكون حقيقة الا في قطر، وما بني على باطل لن يكون عدلاً في يوم من الايام، ولا نعتقد ايضاً بأن (حصان طروادة) هذا يستطيع ان يخترق العراق او يخدع اهله، فكل شيء واضح وكل امر مكشوف ولن يصدق الزيف الا من اراده!.والبذاءات التي انطلقت من الافواه النتنة قبل اسبوع في التهجم على مرجعيتنا العليا ورموزنا الوطنية، ستنطوي ولن تؤثر فينا او علينا، فطالما سمعنا (....) وسارت قافلتنا.
https://telegram.me/buratha