( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
قبل أيام طلبت مني عمادة كلية التربية في محافظة المثنى أن ألقي محاضرة من على مدرجاتها حول أهمية الإعلام في المرحلة الراهنة.. وخلال محاضرتي صنفت الإعلام المحلي والعربي والدولي الى أنواع متعددة. وقد اطلقت على النوع الاول منه باعلام العبوات الناسفة، وكنت لا اقصد في تصنيفي لهذا النوع من الاعلام بالاعلام المتبني للجريمة فقط انما كنت أعني بالدرجة الاساس بهذا المصطلح ان عمليات النسف تتخذ اشكالاً حرباوية ومختلفة فمثلاً اذا كانت عمليات النسف التقليدية تنسف البيوت والمحال والدوائر والبشر فان اعلام العبوة الناسفة له القدرة على نسف كل شيء كما يبدو عليه الحال في نسفه للعملية التغييرية والانتخابات والديمقراطية والدستور والشراكة والتعددية والتداول السلمي للسلطة وبناء المؤسسات معتبراً ذلك كله غير شرعي بل غير موجود على الاطلاق.وهذا النسف بالتأكيد هو الاخطر والاكثر فتكاً من غيره اذ انه يصادر ارادة الناس وجهد الدولة وكل ما يرتبط بالعهد العراقي الجديد.
بعد يومين من المحاضرة انعقد مؤتمر شرم الشيخ فكان المؤتمر وبالرغم من تباين اتجاهاته الا ان الذي لا تباين فيه انه كان مظلة شرعية عربية اقليمية دولية منحت عهدنا الجديد شرعية لم يحظ بها أي نظام عراقي حكم البلاد طيلة العقود الستة او السبعة الماضية، وما اسماه البعض بالاشتراطات التي وضعتها هذه الدول مقابل تفاعلها مع العملية السياسية الجارية في العراق يعد أمرا طبيعيا ومقبولا في الاعراف السياسية والسياقات الدولية وتتسع دائرة مقبوليته كونه يشكل رغبة حكومية عراقية قبل ان يكون اشتراطات اقليمية ودولية.. فمشروع المصالحة الوطنية كانت الحكومة العراقية قد طرحته منذ عام تقريباً وقد بذلت من اجله جهوداً كبيرة وهذه الجهود اثمرت عن نتائج غاية في الاهمية لجهة تثبيت اركان الدولة الجديدة.الاهم والجديد جاء هذه المرة من الازهر الشريف الذي اعلن وبعد يومين من اختتام اعمال مؤتمر شرم الشيخ ان مجمع البحوث العلمية التابع له قد اجاز شرعية الدستور العراقي بجميع نصوصه معتبراً اياه بأنه دستور يحوي نصوصا غاية في الدقة والشرعية والاخلاقية والانسانية والقانونية، وان نصوصه تتمتع بشرعية غير متوافرة عليها العديد من الدساتير المعروفة في المنطقة وبذلك يكون الازهر قد وجه صفعة موجعة لمؤسسات اعلام العبوة الناسفة من جهة، ومن جهة اخرى انه اعطى زخماً عظيماً لمجمل العملية السياسية في البلاد.وهنا يفترض بكل من يقف وراء عمليات النسف المنظم لعهدنا الجديد ان يرعوي في تعاطيه مع المشهد العراقي وان يجعل من الازهر وموقفه علامة فارقة بين ما هو دستوري وشرعي وبين ما هو عنصري وطائفي.. فتحية للازهر وموقفه وشجاعته وروحه الإسلامية السامية.
https://telegram.me/buratha