( بقلم : مروان توفيق )
هل يعقل ان تمر فكرة القضاء على القاعدة في التفكير الغربي من خلال التصفيات الجسدية فقط و هل ستنجح هذه التصفيات يوما للقضاء تماما على خطر القاعدة ؟ وهل القاعدة في التحليل الغربي ماهي الا عبارة عن افراد يقاتلون من دون فكرة أو ايديوجية تجمعهم؟ ليس من الصعوبة الاجابة على هذا السؤال .
هل حقا يمكن القضاء على القاعدة وعلى ارهابها بالحل العسكري فقط؟أن أي تجمع أو تنظيم لابد له من فكرة تجمع من ينتمي الى ذلك التنظيم نحو هدف واحد وغاية واحدة , فكيف يتم القضاء على جماعة ما بينما الفكرة باقية وتجد لها افرادا وجماعات مهيئين مسبقا للايمان بتلك الفكرة. وكذلك القاعدة وتنظيماتها الارهابية , للقضاء عليها يجب البحث عن مصدر تلك الافكار ودحضها ونسفها وبالتالي يصبح القضاء عليها امرا ممكنا. لكن الواقع يرينا أن التفكير الغربي وبالذات الامريكي يغض الطرف عن هذا السبيل لعجزه ربما عن تفهم واقع ونشوء تلك الفكرة , او ربما ليس عجزا بل من اهمال يعضده الغرور الغربي الذي لايقبل بما يأتي من مصدر غير مصادره ومن غير مخابراته. وقد نضيف الى ذلك مصلحة خفية تحاول النيل من التنظيم نيلا ليس بالقوة الكافية للقضاء عليه, ويبدو للمحلل وكأن الحرب على التنظيم تديم جذوة التنظيم, ودوامه يعني بقاء الصراع مستمرا لكي يتسنى الحصول على مغانم كبيرة من وجوده ومنها القضاء على قوة اخرى تعاديها القاعدة و لايرغب الغرب بنمو تلك القوى وازدهارها!يعود فكر القاعدة عميقا في التاريخ الاسلامي الى أيام الخوارج وبنظرة بسيطة يبدو للعارف التشابه العجيب بين الخوارج التكفيريين وبين افكار القاعدة في عصرنا الراهن. الذين ينضوون تحت خيمة القاعدة سواء أكانوا من المنتمين لها أو من غير المنتمين , تتشابه افعالهم ومعتقداتهم مع فلول الخوارج وتحركاتهم في التاريخ الاسلامي, وعلى سبيل المثال لا الحصر اغلب المنتمين للقاعدة من الشباب المتحمس المندفع عاطفيا مع خواء فكري واضح وجهل باصول الدين , تبهرهم الحدية في الفكر الخارجي , يطلقون على ما لا يماشي تفكيرهم من حلول ومعتقدات في الدين الحنيف بانصاف الحلول ويلوون اعناق النصوص القرانية لتتماشى من طبيعة نشأتهم البيئية تماما كما كان يفعل الخوارج في الازمنة الماضية.
تجد القاعدة لها مرتع خصب في المجتمعات العربية والاسلامية حيثما وجد شباب متحمس للنيل من الغرب و حالم باعادة امجاد الدولة العربية والاسلامية, ونظرا لخواء القاعدة الذي لايكلف الشاب سوى الايمان بعالم اخر وبماضي تليد خالي من اي تناقضات وغاية واحدة هي اقامة دولة الاسلام المثالية. يندفع الشباب للايمان بهذه المبادئ البسيطة التي تلغي تناقضات التاريخ الاسلامي وتجمله ليبدو حقا كمدينة فاضلة لا حزازات فيها ولاحروب ولا مكائد وهو ايمان خرافي بماضي لايعلم عنه الشاب المنتمي شيئا لجهله كونه منتم جديد, أو لانه لم يقرأ سوى كتب محددة ومناهج جملت ذلك التاريخ وجعلته مثاليا. فيصبو الشاب حبا بذلك الماضي وبالاخص عندما يقارنه بحاضره المقيت الذي يعيشه كعيش في بلد محتل كفلسطين او في بلد يحكمه ملك عضوض , وكذلك يقارنه بحاضره المظلم المحاصر بالفقر والعوز والاضطهاد السياسي والحرمان الجنسي . بينما تصور الكتب المتدوالة البسيطة مجتمع الدولة الاسلامية في الماضي بأنه مجتمع مثالي تماما, وهو شئ بعيد عن الحقيقة لكل دارس للتاريخ العربي والاسلامي .
يسرى في القاعدة دم اخر غير محاربة الغرب الا وهو قتل الشيعة ونعت الشيعة بالروافض والكفرة وغيرها من مصطلحات زادت من تحمس الشباب القاعدي للقضاء على كل من ينال من التاريخ الاسلامي الجميل وعلى كل من يشوه تلك الصورة المثالية لذلك الماضي التليد وبدلا من القضاء على الغزاة واعداء الدين اخذت القاعدة بالهجوم على من يخالفها من هذا الدين وهم الشيعة واصبح قتل الشيعي منقبة يتفاخر بها اعضاء القاعدة والذين يؤيدونهم من عامة الناس.
ويرينا الواقع أن اغلب القنوات والاذاعات العربية تمر مر الكرام على قتل المئات من العراقيين الشيعة بينما تقام الدنيا وتقعد لاعدام طاغية اهلك الحرث والنسل كونه سنيا!! السبب في هذا يعود الى ان المجتمعات العربية والاسلامية مرتع خصب للتفكير القاعدي ويرينا هذا مئات المتطوعين الشباب الحالمين بجنة خلد, مؤمنين بقتل كل من يقف في طريقهم في سبيل الوصول الى الجنان بل بقتل انفسهم لاختصار زمن المعاناة في هذه الدنيا قصيرة الاجل!نعم مجتمعات خصبة لهذا التفكير المنحرف تعضدها دول غنية لها علاقات مصالح ومكاسب مع الغرب المغرور المتعالي . اذن القضاء على هذا التنظيم لايتم بالتصفية الجسدية والاغتيالات والانزالات الجوية وقصف القرى وقتل الابرياء بقتل شراذم متخفية في قرى افغانستان بل يتم عن طريق توعية ثقافية دينية تاريخية للجيل العربي خاصة وللجيل المسلم , توعية تفتح عقول الناس وتريهم حقيقة التاريخ الاسلامي وتريهم عقيدة سليمة خالية من اي تناقض, وفي نفس الوقت يجب تعرية انظمة عربية سلفية حاكمة تعاضد التفكير التعصبي القاعدي وان كانت تظهر خلاف ذلك.لكن المعضلة في هذا الحل هي أن البديل القوي والند لهذا التفكير المظلم هي عقيدة الشيعة وهو حل لا تقبل به اغلب الدول المسلمة التي تضم ملايين من الناس الذين يبدو لهم ان الشيعة ينالون من التاريخ الفاضل ويقلبون مفاهيم عاشت عليها اجيال وتنفست من ذلك التاريخ المتناقض , مفاهيم تبنتها دولة عربية غنية معاصرة تعوم على بحيرات الخير والنفط . هذه الدولة وان كانت ترفض ارهاب القاعدة اذا ما طالها لكنها تدعم فكره بشيوخها ومفتيها واحبارها. وفي نفس الوقت هذه الدولة لها مصالح ومكاسب مع الغرب الذي يغض الطرف عن هذه التداخلات من اجل الحفاظ على مصالحه في منابع النفط. واذن ستبقى الحلقة المفرغة من الصراع الدائم مستمرة بين الغرب والقاعدة , وسيبقى الغرب بعنجهيته يستعمل التصفية الجسدية املا بالقضاء على القاعدة وسيبقى التنظيم المنحرف ينمو في المجتمعات العربية المتعصبة التي تنهل من امجاد خرافية وتتبنى التفكير الوهابي , وسيبقى مد الشباب المتحمس مستمرا مادامت افكار القاعدة الوهابية ترتع في مجتمعات جاهلة متعصبة . مروان توفيق
https://telegram.me/buratha