( بقلم : الدكتور محمد علي مجيد)
تذكرني كلمة المصالحة بمعنى أدق ومباشر بما يقصد فيها وهو المعنى الوارد في حديث صحيح مسند عن الرسول الأكرم (ص) ونص الحديث:" ما ابتلي نبي بمثل ما ابتليت به أنا، ابتليت بالمنافقين وهم في الصف الأول من الصلاة"
وهذا الحديث في عمق دلالته يشير إلى الهم الذي كان يحمله هذا النبي المنقذ من الضلالة والجهل و ترجمة لما ورد في القرآن الكريم عن المنافقين الذي يطول الحديث عنهم.
فالمؤتمر الذي انعقد في شرم الشيخ كان تظاهرة دولية بالمعنى المقصود للاعتراف في شرعية الحكومة العراقية ومعاناتها من قوى الشر الدولية أو العربية بالأخص في تسليط ممن هم في ضلالة الجاهلية والذين لا يفقهون حديثا على رقاب العراقيين فسفكوا الدماء الطاهرة واهلكوا الزرع والضرع دون رادع أو استنكار، وعندما تريد أن تشخص ما هدف هؤلاء وهل هم كما تستر موجهيهم بأنهم يريدون إنقاذ العراق من الاحتلال الأمريكي كما يدعون ؟ حيث تجيبهم الآية الكريمة:
" كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" سورة الصف: الآية 3 "
أن المصالحة التي أشار لها المتحدثون ليست لها واقع وإنما هي مدلول منافق فالعراق عندما تحرر من ظلم اسود -وهو سبب حالة العراق الآن- كان من الأجدر لكافة المكونات أن تتنفس الصعداء وتعمل على بناء البلد وتأتي امورالتخلص من تبعية الاحتلال تدريجيا لأن أي محتل هدفه مصالحه الاقتصادية بالدرجة الأولى ومن ثم معاهدات سياسية والعراقيين لا تنقصهم الحنكة أو الدراية في كيفية التخلص من المحتل الذي أسدى معروفا في تخليصهم من سرطان الدم ذلك النظام العفلقي المشوؤم.
ولكن بدل ذلك تعاهد المنافقون ممن تجلت ووضحت هوياتهم ومقاصدهم ولو بعد حين إلى تدمير ماهو خير فأتبعوا أساليب يندى لها جبين الإنسانية من قتل للنساء والأطفال والأبرياء كما يشاهد ذلك يوميا، بالإضافة إلى استهدافهم كل شيء نبيل مثل العلماء من أساتذة الجامعات والأطباء وغيرهم فهل هذا الاستهداف غير معروف الغاية والقصد؟ أنهم لايريدون عراق مستقرا آمن ينعم أبناءه في خيراته بعد أن حرمهم المجرمون من الحاكمين ممن تعاقبوا على حكم العراق ق منذ أن أغمض الرسول(ص) عينيه حيث توالت الفتن على آل البيت ومحبيهم لأن المجرمون عرفوا أين أصحاب الحق فأرادوا إبعادهم.
إذن فالمصالحة المقصودة هي عفا الله عما سلف وان تضيع دماء الأبرياء وحقوق الأرامل واليتامى وهل هذا من العدل أيها السادة المؤتمرون والقرآن يقول بصريح العبارة:
" ولكم في القصاص حياة ياأولى الألباب لعلكم تتقون" سورة البقرة الآية179)
أن الإسلام هذا الدين القيم الذي هو دليل للحياة الكريمة في الدنيا والآخرة وضح في قرآنه المجيد كل شيء في سلوك الطريق القويم في ممارسة الحياة ولم يترك شئ دون توضيحه لذلك يأبى الإسلام أن يترك المجرم دون قصاص لأن ذلك يضر بالمجتمع السليم.
لذلك فأن في العراق حاليا ما يلي:
فئة ضالة فقدت مصداقيتها بما ارتكبته من جرائم سابقة ولاحقة وهم من انطوى تحت مسمى حزب البعث ودانت بالولاء إلى ابن زياد العصر صدام الهدام حيث ينطبق عليهم قول معاوية بن أبي سفيان إلى الإمام الحسن(ع) أني سآتيك بجيش لايميز بين الناقة والبعير أي بمعنى أنهم جهلة همهم المال.
فئة مغرر بها من قبل جهات خارجية وهؤلاء مهد لهم بإضفاء صفة دينية في عقيدة مستجدة تحمل فكرا منحرفا عن الإسلام وقد مهد لهم قبل سقوط صدام ما يسمى عزت الدوري الذي كان يمثل شيخ طريقة حيث دخلت هذه الفئة إلى العراق وغرروا بابناءه من أبناء العامة وخاصة الشباب وانشئوا مساجد في مناطق عدة من بغداد وكانت تسمع خطبهم يوم الجمعة وفي رمضان بأعلى أصوات المكبرات دون أن يراعوا المرضى والمنطقة المحيطة وقد تلبست أسماء مساجدهم بلباس صحابة وتابعين هم منهم براء.
لذلك فمن العدل والإنصاف أن تكون الدعوات في المؤتمرات إلى قبول التوبة وليست المصالحة لأن التوبة تأخذ منحيين في هذا المجال أن صدق التائبون وأرادوا توبة نصوحا:
بالنسبة للفئة الأولى: أن تعلن التوبة وان تقدم نفسها للقصاص العادل وقد يبرئ من يبرأ ويحكم من يدان وقد يتبع ذلك عفو حسب طبيعة الأمور.
بالنسبة للفئة الثانية: أن يعودوا إلى رشدهم وخاصة العراقيين منهم واعتقد أن حكومتنا الرشيدة لا تكن لهم بغضا بل نصحا ولذلك فهم اقرب إلى العودة إلى صف الوطن وترك الفتنة بين الشيعة والسنة التي يعيشون عليها ، واعتقد أن كثيرا منهم لمس الحقيقة وما يراد بهم من أولئك المجندين لهم.
نسأل الله أن يهدي الجميع إلى سواء السبيل وان تعي حكومات الدول العربية المجاورة حقيقة ما يسعى إليه المخلصون في دولة العراق في تحقيق الأمن والبعد عن الظلم والتدخل في شؤون الآخرين.
https://telegram.me/buratha