( بقلم : علي جاسم الغانمي )
من منا لايتذكر دائما كلمة النجاشي ملك الحبشة (في فيلم الرسالة ) وهو يخاطب جعفر بن أبي طالب (رض) بقوله :لايوجد فرق بين ديننا ودينكم الا هذا الخط ،والذي قد خطه بعصاه حين ارسل الكفار المشركون عمر بن الخطاب محاولين اعادة من هاجر من المسلمين الى ارض الحبشة بعد الضغط الشديد عليهم من قبل سادة ومشركي مكة ،هذه الكلمة نتذكرها دائما ونتذكرها اليوم بمرارة شديدة وحزن كبير ونعيدها مرارا وتكرارا بمحاولة تذكير من تناساها أو يتناساها ومناسبة هذا الكلام وهذا الحزن هو استهداف العراقيين المسيحيين وتضييق الخناق عليهم من قبل عناصر تنظيم القاعدة الاجرامي ولاسيما في منطقة الدورة فبعد ان استهدف الارهابيون عامة العراقيين دون استثناء بين قومية أومذهب وفي جميع الاماكن من اسواق ومدارس ومطاعم وغيرها وفي كل المناسبات ذات الخصوصية الاجتماعية والدينية والسياسية فكان حتما ان ينال مسيحيو العراق قسطهم من هذه الهجمات الارهابية وتلك الدماء المسفوكة بسبب امتزاجهم مع شرائح المجتمع الاخرى كواقع حال لحياتهم وارتباطاتهم واعمالهم المتداخلة والمتشابكة مع ابناء الرافدين دون تمييز على مختلف القرون السابقة وهذا الامر طبيعي جدا ان يقوم أحد ارهابيي قندهار بتفجير نفسه (ليدخل جنة القاعدة) على سيارة مثلا فإنها بطبيعة الحال تضم شرائح من الشيعة والسنة والاكراد والعرب والمسيحيين ولابد ان تمتزج دماؤهم سوية وتختلط بسبب عراقيتها وانتماءها الوطني ،لكن ان يكون الارهاب موجه بصورة خاصة ضد المسيحيين فهذا يسجل نقطة مهمة ويشكل سابقة خطيرة مهمة يجب التوقف عندها وادراك غاياتها واهدافها لأننا نعلم انهم كانوا بعيدا جدا عن مسار حكم النظام البائد ومفاصل العملية السياسية السابقة والجرائم المرتكبة في تلك الفترة ضد ابناء الشعب كما انهم الآن وبعد التغيير الحاصل في شكل ونظام الحكم وشرعيته المستمده من الانتخابات عمدوا الى المشاركة الجماهيرية فقط دون أي مشاركة ساسية في دعم الحكومة والبرلمان واجراءات الدولة لبسط سيطرتها وتنفيذ العدالة وهذا يعني انهم حتما سكونون بعيدا عن اهداف القاعدة الارهابية المعلن عنها مثل مقاومة الاحتلال وضرب افراد الاجهزة الامنية واستهداف جميع المتعاونين معهم من مترجمين وسائقين ومتعهدين ثم ظهور البدع الدينية وفتاوى التكفير من شيوخ الدولارات ورجال دين طالبان كقتل الحلاقين وبائعي الثلج والمرطبات ومطالبة المرأة بالزي الافغاني واطلاق اللحية للرجل ثم فصل الخيار عن الطماطة وعدم كشف عورة الحيوانات كالماعز والاغنام ، فهذه الاهداف الغريبة العجيبة هي اهداف لاتمت بأي صلة للأسلام وروحه العظيمة وليست لها أي جذور اسلامية أومعتقدات دينية اصيلة بل ان جميع علماء الاسلام قد انكروها وانكروا كل من يتعامل ويدعو لها ومع ذلك –إن اسلمنا الامر في انها اهداف وغايات معلنة- فما السبب الحقيقي وما الهدف الفعلي من مضايقة ومحاصرة المسيحيين في الدورة وفرض شروط لأقامتهم فيها بدءا من ادخالهم في الدين الاسلامي بالقوة والاكراه والى التقيد بأوامره ونواهيه ثم ترك العادات والتقاليد الموروثة والمكتسبة عن دينهم المسيحي وأخيرا ولاأظنها ستكون اخر المطاف هو فرض (جزية ) وأتاوات لمجاهدي الامارة الاسلامية قدرها (250)ألف دينار مقابل حياة كل مسيحي للأبقاء على حياته أو قتله !!
تنظيم القاعدة بمحاولاته الاخيرة هذه قد كشر عن انيابه اكثر من السابق وفضح سواد وجهه وتقيأ زيف ادعاءاته الاسلامية بعد استهداف الشيعة كونهم كفار روافض واستهداف الاكراد لأنهم عملاء والعرب السنة لأنهم مرتدين والآن المسيحيين (ولست أدري ما هو لقبهم الجديد وصفتهم) .ان استهداف المسيحيين يعني استهداف العراقيين جميعا فالمواطن العراقي حين يستشهد سوف يموت وهو عراقي ويدفن وهو عراقي ويلف حول تابوته علم عراقي بغض النظر عن لون وجهه أو فصيلة دمه أو محل سكنه أو ثقافته وهذا ما أكد عليه سماحة السيد علي السيستاني حين تم استهداف أحدى الكنائس في بغداد قبل أكثر من سنة والذي استنكر هذا العمل المشين والتطاول على دور العبادة وان سماحته قد عرض بناء الكنيسة من جديد واعادة اعمارها مما يدلل على مدى الترابط الروحي بين الاديان السماوية وقوة الآواصر الاخوية بين جميع العراقيين وهنا ينبغي لخطة فرض القانون الامتداد الى تلك المنطقة وتطهيرها من الزمر الارهابية ولاسيما بعد الانتشار الذي شهدته من قبل عناصر ما تسمى بالامارة الاسلامية التي فرضت شروطها وتعليماتها على ابناء المنطقة الذين أبدوا استعدادهم للتعاون التام مع الاجهزة الامنية في طرد فلول الارهاب وعدم تركهم يعيثون فيها فسادا وخرابا.
https://telegram.me/buratha