( بقلم : عبد المنعم فرج الله الأسدي )
إن مقياس تقييم الفضائل الأخلاقية وتحديد واقعها هو الوسط والإعتدال ..بمعنى .. أن الاخلاق الرفيعة التي يجب أن يتصف بها الانسان هي الوسطالإيجابي في التصرف والسلوك .. ولنأخذ مثلا .. صفة السخاء أو الكرم ..هذه الصفة هي صفة حسنة تتوسط بين صفتي التبذير والبخل .. الكرم الزائد عنحده والذي يؤدي الى العوز والفاقة هو تبذير فتحول الكرم الزائد عندئذ الىصفة مذمومة هي التبذير .. والتقصير في اعطاء المحتاجين ما يسد حاجتهم معالتمكن من سد حاجتهم هو بخل وهي صفة سيئة .. وهكذا في بقية الصفاتالأخلاقية الحسنة ..ان ابلغ تعريف لصفة حسن الخلق .. هو ما يروى أن رجلا سأل رسول الله (ص)عن صفة حسن الخلق ، فأجابه النبي (ص) بتلاوة قوله عز وجل : ( خذ العفووأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) .. ثم عقب (ص) قائلا لهذا الرجل : هو أنتصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ..وعندما تمر علينا الآية الكريمة ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) ندرك أنالله تعالى لم يبعث رسله وأنبياءه إلى الناس إلا بعد أن حلاهم بسجية حسنالخلق لتكون هذا الصفة رمز فضائلهم وعنوان شخصيتهم الكريمة ..لقد كان سيد المرسلين وخاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (ص) المثل الأعلىفي حسن الخلق ، حيث استطاع بأخلاقه العالية المثالية أن يملك قلوب الناسوعقولهم ليستحق وعن جدارة ثناء رب العزة والجلالة بقوله عز من قائل (وانك لعلى خلق عظيم ) .. وهكذا كانت حياة أئمة أهل البيت (ع) المملوءةبحسن الخلق مقتدين برسول الله (ص) لأنهم الإمتداد الطبيعي له .لقد أفرد أئمة أهل البيت (ع) دعاء خاصاً بمكارم الأخلاق .. حيث ذكرت فيهفضائل الأخلاق الإسلامية والإنسانية النبيلة التي شرعها الله عزوجل كأسسعامة لبناء المجتمع الإنساني ..يُفتتح دعاء مكارم الأخلاق بالمقطع التالي :اللهم صل على محمد وآل محمد .. وبلّغ بإيماني أكمل الإيمان .. وأجعليقيني أفضل اليقين .. وأنته بنيتي إلى أحسن النيات .. وبعملي إلى أفضلالأعمال ..كل مفردة من مقطع الدعاء هذا تدل على معنى متكامل في النهج والسلوك ..فوصول إيمان الفرد إلى أكمل الإيمان يعتبر في حد ذاته مرتبة عظيمة لا يصلإليها إلا من أختاره الله تعالى ليكون سفير الإنسانية لدى الإنسانيةنفسها .. وإن اليقين عندما يسمو إلى أفضل يقين يتحد مع الإيمان ليشكلاوحدة قوية لا تتزعزع لصيانة النفس من مرديات الهوى .. وإن أحسن النياتعندما تمتزج مع أفضل الأعمال ستؤدي بالفرد إلى تكامل شخصيته في سائرمفاصل حياته .. لأن العمل في هذه الحالة هو ناتج عن نية صادقة ويقين راسخ، وإيمان ثابت ..من علامات حسن الخلق .. طلاقة الوجه عند اللقاء وبشاشته .. وكذلك لطفالكلام وعذوبته ، وايضا العشرة الطيبة ، والصدق في التعامل ، والأخلاص فيالعمل وكل عمل فيه رضا لله تعالى ونفع للناس .حسن الخلق .. هو هوية الانسان المتصف بمكارم الأخلاق .. وهو مفتاحالاخلاق الفاضلة التي حثت عليها رسالات السماء .. وهو مقدمة كل فعل حسن.. بل إن كل صفة أخلاقية رفيعة لا بد أن يصاحبها حسن الخلق .. وعلى هذافان كل واحد منا يستطيع أن يعرف صاحبه من خلال خلقه الحسن .. فإن لم يكنيتصف بهذه الصفة فإن بقية صفاته تبقى منقوصة ..هنيئا لمن اتصفت حياته وسيرته بالخلق الحسن .. وطبق مفاهيمه العامةتطبيقا يليق به كمسلم وكحامل لرسالة أخلاقية متجددة ينشرها بين أفرادمجتمعهاشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha