( بقلم : علي جاسم الاسدي )
لاشك بان الاعلام العراقي يتمتع اليوم بحرية وحق التعبير عن الراي دون تقيد الذي افتقد هذا الحق طوال السنين الماضية واذا تصفحنا بشكل سريع في سيرة الاعلام العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1920الى سقوط النظام البائد عام 2003 نشاهد بان الإعلام والعاملين في هذه المهنة الحضارية والمقدسة عانوا الكثير من الحرمان والاضطهاد وسلب الحريات خاصة أبان ثورة تموز 1958،والانقلابات المتلاحقة الذي أعقبها انقلاب شباط 1963 لتستمر التصدعات في وحدة الصف العراقي الذي غاب من خلالها لغة الحوار والتسامح وحل محلها أسلوب القوة والعنف الى مجيء البعث الى السلطة عام 1968 لتبدأ الصفحة السوداء في تاريخ الاعلام العراقي ويكون الاعلام الشمولي المستبد المتغذي من مصالح السلطة بعيدا عن المواطن الحل الوحيد امام الإعلاميين لاختيار مسارهمحيث نشاهد طوال السنين المنصرمة من حكم الاستبداد الذي اتخذ سياسة كتم الأفواه وحبس الكلمة الحرة لن تتبلور أي ظاهرة من مظاهر تطور الاعلام العراقي في بسط إرادته وتأدية مهامه في توعية المجتمع العراقي بل بالعكس أصبح آفة ونقمة وسلاح تخدير على المجتمع وأصبح مهام الإعلاميين المجد والمدح والتكبير لرأس النظام بدل ان يأخذ الاعلام مسئولياته تجاه وطنه وأبناءه للوصول الى حقوقهم ويكون مدافعا عن حرية الراي والكلمة الصادقة .ومن الواضح للجميع بان وسائل الإعلام في تلك الفترة المظلمة من تاريخ عراقنا الحبيب بكل أصنافها المقروءة والمسموعة والمرئية أصبحت سلاح فعال تجاه تجميد وتخدير المواطن وتغيير اتجاهاته لما ترضى السلطة من خلال تزويد الراي العام بالوثائق والمعلومات المزورة لخدمة مصالح النظام المشئوم ، ولكن لن تستمر هذه الخداعة فأراد القدر ان يتخلص ويتحرر الاعلام العراقي من هذا الكابوس المرير الذي كانت رسالته تنحصر بمدح الصنم .واليوم أصبح للإعلام هوية واستقلالية وتعددية في الرأي لا مثيل لها في العالم الثالث بل في كثير من بلدان العالم مما تحمل الاعلام العراقي مسئولية كبيرة وخطرة وحساسة لإثبات جدارته في مسيرته العسيرة والممتلئ بالأشواك ليختار بين الحفاظ على دوره الريادي النابع عن الحرية وبين الرجوع الى عصر التكتم والصمت والاستبداد .الجميع يعلم بان الإعلام سلاح ذو حدين يمكن ان يكون فاعلا ضد المصلحة الوطنية او يكون داعما لمصالح الوطن من خلال تحشيد المجتمع وتعبئة الآراء لتنمية المصالح الوطنية فالإعلام الوطني في العراق اليوم يقف في مقدمة الصفوف في مسيرة النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذا ما لمسناه من خلال الوسائل الإعلامية المعروفة بوطنيتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة حيث استطاع الاعلام الوطني ان يزود المواطن العراقي بالمعلومات والأخبار الصادقة في كل مراحل العملية السياسية من انتخابات والاستفتاء على الدستور وأخيرا مشروع المصالحة الوطنية الذي من المؤمل ان يقود العراق الى سواحل السلام والأمان والازدهار .ومن جانب آخر نلاحظ امتداد واسع ومسنود للإعلام الغير وطني الخادع الذي هذه الايام يقوم بحملة شرسة ضد المصالح الوطنية وإرادة الشعب العراقي ، هذا الاعلام المستفيد من النظام البائد في الماضي واليوم من جهات معروفة ببغضها للشعب العراقي التي تروج للعنف والإرهاب والتكفير والضلالة وتأسيس مناخ يصب في مصلحة الذين يريدون السوء والشر والتقليل من أهمية الانجازات الباهرة التي حققها العراقيون بعد سقوط الصنم .ومن هذا المنطلق ومع الأسف الشديد نقول بان مازال الإعلام العراقي يعاني من عدم وضع حد وتمييز بين من يستخدم حرية الإعلام تجاه نهوض العراق ومن يستخدمها بالعكس لانهيار ودمار العراق مما يفرض على المؤسسات المعنية بوسائل الاعلام ان تضع قوانيين وتشريعات إعلامية حقيقية لتنفيذها و تمييز الإعلام الوطني من غيره ووضع حد لتلك الوسائل الإعلامية المرتزقة وحصرها وتوقيفها عن بث و تزريق موادها السامة في أوساط الشارع العراقي وخاصة الإعلامي وهذا ما يطمح إليه الإعلاميون العراقيون الوطنيون لممارسة عملهم البناء النابع عن حبهم للوطن لإعطاء صورة مشرقة من وطنهم للعالم .اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha