( بقلم : اسعد راشد )
جاء في القران الكريم كلمة "حصون" و"جدر محصنة" كتعبير عن موانع طبيعية او مصطنعة يقوم بايجادها او استخدامها الانسان للدفاع عن نفسه في وجه الاعتدءات والهجمات بغض النظر ان كان المعتدي عدوا او العكس الا ان القران الكريم ذكر في سورة الحشر توصيفا بالغ الدقة حول "الحصون" حيث يقول "وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله" اي ان تلك الحصون التي يتخذونها درعا ظنوا انها سوف تحول دون وقف اعتدءاتهم وما يحيكون من خلفها من مؤامرات واعمال اجرامية ضد الامنين والابرياء والمؤمنين .
يظن البعض ان الحصون والجدر التي سوف تقوم الحكومة العراقية ببناءها بمشاركة قوات المتعددة الجنسيات في بغداد وغيرها من المدن العراقية الساخنة التي تنشط فيها الزمر الارهابية والتكفيرية هي من اجل تحصّن تلك القوات بداخلها بل ويذهب الكثير من الاعراب والذين في قلوبهم الغيض بتفسير الامر بصورة معاكسة مقارنة بتلك التي اقامها المشركون والاعداء في صدر الاسلام للاختباء بداخلها وجعلها منطلقا لاعتداءاتهم والتحصن بداخلها بعد ان ينفذوا عملياتهم المسلحة الاجرامية حيث كانوا يظنون ان تلك الحصون مانعتهم من يد العدالة دون ان يدركوا المفارقات الموضوعية في تلك الحصون التي يختبأ بداخلها عادة الاعداء المعتدين واخرى التي تضرب من حولهم لمحاصرتهم والحؤول دون تدفق عناصرهم الارهابية الى المناطق الامنة .
"الجدر" التي تقيمها القوات العراقية والامريكية هي في الاساس تعتبر بمثابة سدود لمنع اعتداءات الارهابيين وخنقهم في حصون تضرب من حولهم وهذا الامر جاء ذكره في موقع اخر في القران الكريم حيث اقيمت سدود من زبر الحديد لوقف تدفق قوات "يأجوج وماجوج" وهو بالضبط ينطبق على ما يقوم به الجيش العراقي لمواجهة ارهاب "يأجوج ومأجوج" الاعراب وحلفاءهم في الداخل العراقي .
الارهابيون وحلفلائهم من الاعراب ابدوا خشيتهم من بناء تلك الجدر وجاء الرد الاكثر هستيرية من قبل زعيم الارهابيين والحاضن لهم الدليمي حيث اعتبر سور الاعظمية وغيرها بانها "كارثة" لكون انها سوف تساهم في تحجيم تحركات عناصر القتل والسيارات المفخخة التي تنطلق من مناطقهم وهو ما يعني ان الارهاربيين سوف يفتقدون اهم مادة اعلامية يقدمونها للاعلام حول ما يسمونه "الامن المفقود" في العراق ويتسلم العراقيون وقواتهم الامنية المبادرة للتصدي للارهاب والاعمال الاجرامية .
للاسف هناك من تسرع في التنديد بتلك الموانع والجدر واعتبروها "اسوارا" طائفية دون ان يشيروا الى الابعاد الامنية والسياسية لها من حيث انها تكون لصالح المعتدى عليهم ولتقليل من عمليات القتل والتفجيرات الارهابية ‘ كما انهم اغفلوا تجارب تاريخية سابقة حدثت في هذا الصدد وليس اخرها "جدار شارون" بغض النظر عن من اقامه واهدافه الا انه ساهم كثير ا في التقليل من الاعمال الانتحارية التي كانت تستهدف التجمعات المدنية الامنة وقد اشرنا قبل ما يقارب سنتين الى ضرورة ان تقوم الحكومة العراقية ببناء "جدار" حول مثلث الارهاب والمناطق الساخنة التي ينشط فيها الارهابيون والقتلة واطلقنا عليه تسمية "جدار شارون" لنجاحه في وقف الكثير من الاعمال الانتحارية التي يقلدها اليوم الارهابيون الاعراب وحلفائهم في العراق ضد المدنيين والامنين .
اما موقف السيد المالكي رئيس حكومة العراق المنتخبة حول تلك الاسوار والجدر واختلافه مع الامريكيين ومع قادة خطة "فرض القانون "في مسئلة بناءها فهو موقف سياسي اكثر مما هو امني وتقني فني حيث الخبراء الامنيون لهم اجندة خاصة تبرر لهم ما يقومون به واعتقد ان السيد المالكي سوف يتفهم ما يقومون به ولذلك جاء تاكيد الناطق باسم خطة فرض القانون بان جدار الاعظمية لم يكون الوحيد وان هناك جدر عديدة سوف تقام في عدد من المناطق لحماية المدنيين ولتحجيم تحرك الارهاب وعناصر القتل والاجرام .
ومن هنا فان عدد من المراقبين وجدوا في ردود من يحتضنون الارهاب والاعراب من القتلة والانتحاريين ازاء ضرب اطواق من الجدر الكونكريتية حول مناطق تأوي الارهابيين وتضم مراكز تجهيز السيارات المفخخة كافيا ومبررا للاستمرار في بناء تلك الجدر لانها سوف تحد من تحركاتهم ومن وصول "رسل الموت" اي السيارات المفخخة الى اهدافها في المناطق الامنة والمفتوحة كالاسواق والتجمعات السكانية ‘ نعم هناك بعض السلبيات التي لابد منها مثل الاختناقات المرورية وبعض الاضرار الاقتصادية المؤقتة الا ان حماية الارواح سوف تكون اهم من بعض الاثار السلبية التي تتركها تلك الجدر على الحركة الاقتصادية التي يمكن تعويضها بمرور الوقت اما الارواح التي تزهق وبالمئات يوميا على ايدي الارهابيين وحاضناتهم امر لا يمكن تعويضه وهو ما يدفعنا للقبول باقامة تلك الجدر وضرب اطواق اسمنتية حول حاضنات الارهاب .
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha