( بقلم : منذر عبد الله )
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وبعد فقد علمنا الرسول صلى الله عليه واله وسلم درسا بليغا في حادثة فتح مكة عندما دخلها منتصرا فقال (( لاتسيئوا إلى احد وأرفقوا بأهلها فمن أغلق بابه فهو امن ومن دخل المسجد فهو امن ومن دخل باب أبا سفيان امن ))رغم أن أبا سفيان في ذلك الوقت كان ألد الأعداء للرسول والإسلام وكان بإمكان الرسول أن يلقي القبض عليه ويحاسبه ولكنه أبى ونحن في اعتقادنا أن الرسول معصوم وانه(( ما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى ))أي أن الأمر رباني واعتقد أن هذا درس كبير في التسامح يعلمناه الرسول ونحن بأمس الحاجة إليه خصوصا في هذا الوقت كعراقيين كافة وهنا أريد التأكيد أن الله لو كان يرى أن في محاسبة أبو سفيان وقتله أو معاقبته أفضل من إعلاء شانه في هذا الحادث وجعل بيته ملاذا آمنا لأوحى إلى رسوله ولكن عز شانه رأى إن في التسامح أفضل والله اعلم وليس فقط في هذه الحادثة فقد ذكر التاريخ إن الإمام علي عليه السلام لم يقطع المخصصات المالية عن الخوارج رغم أنهم كانوا يقتلون الأبرياء وروعوا الناس بجرائمهم في ذلك العهد إلا انه عليه السلام قال لا نقطع حقوقهم عنهم ولا عن عوائلهم ولكن إن قاتلونا نقاتلهم
وفي الحقيقة إن هذه الأيام وعلى الرغم من انتباه العراقيين إلى الفتنة المحاطة بهم إلا أننا ما زلنا نسمع إثارة للنعرات الطائفية وأكيد أن وراءها الماسونية العالمية والصهيونية العالمية لتفتيت قوى الشعب ولا اعتقد إن أحدا يشكك في كوننا كعراقيين قد تعايشنا منذ زمن علي بن أبي طالب إلى يومنا هذا إلا ما نره اليوم, نعم ما يقارب أربعة عشر قرنا نحن إخوانا يقبل احدنا الآخر فلماذا هذا العناء ثم متى أصبح أتباع أهل البيت كفرة وهم يشهدون الشهادتين و يصلوا ويصوموا ويحجوا والحمد لله أن المسلمين لديهم قران واحد وليس كغيرهم والمصيبة أن هنالك من يقول أن أتباع أهل البيت كفرة وان صلوا وحجوا ونطقوا الشهادتين وحقيقة مثل هذه الفتوى لا تكون إلا صهيونية هدفها تضعيف السلام وتفتيت عضده وأكثرنا سمع وبعضنا عاصر ما جناه اللبنانيون من الحرب الأهلية وما جناه المواطنون في البوسنة وما جناه السودانيون من الحرب الأهلية والتي ما زالوا يعانون منها ولم يجنوا غير فقدان الأحبة ودمار البلدان وزيادة في الجهل والمرض والفقر والكراهية أين عقلاء القوم, أين الكرام, أين الأحرار, أين أهل الغيرة الذين نريدهم أن يتصدوا للغة القتل والتهجير والتفخيخ إلى لغة المحبة والسلام أنا اقسم إن ما يجري على الساحة العراقية لا يرضى به الله ولا ملائكته ولا رسله وخصوصا لا يرضى به محمد صلى الله وعليه واله صاحب هذه الأمة ولا يرضى به علي ولا عمر
إن اكبر منكر هو سفك الدماء والدين الإسلامي يدعو إلى توحيد الكلمة بكلمة التوحيد فلنرجع كما كنا ونعيش إخوة متحابين متعانقين متزاورين ولنبعد أي شخص يفرقنا فلقد صمنا سويا وعذرنا بعضنا بعضا عندما كنا نختلف في يوم أو يومين لأننا سنة وشيعة وكنا نعتقد أن هذا الاختلاف نتيجة اجتهاد ثم لماذا نسينا قول الرسول الكريم ((اختلاف أمتي رحمة )) إلا انه من المؤكد لا يقصد الاختلاف الحاصل في العراق بل كان يقصد اختلاف الفكر وليس الاختلاف الذي أوصل العراقيين إلى سفك الدماء والتهجير وأريد أن أسجل هنا إن السيد الحكيم وهو كان عالما يمثل المرجعية الأولى للشيعة في العراق منذ الأربعينات إلى السبعينات من القرن الماضي والذي أرسل إلى جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر حول عدم إعدام سيد قطب زعيم الإخوان المسلمين وهو ليس شيعيا ولكن الرسالة وصلت بعد أن نفذ الحكم فأرسل الرئيس رسالة اعتذار إلى المرجع بل أن إحدى أسباب عدم اجتياح الكويت في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم عندما أرادها احتلالها لم ينفذ قائد الفرقة المحولة بالاحتلال لأنه استفتى السيد محسن الحكيم فحرم إراقة قطرة دم إلا يعني هذا أن الشيعة حريصون على المسلمين كافة ما هم حريصون على القومية العربية فاحذروا يا أخوتي العراقيين وادعوا إلى المحبة يا أخوتي ولا تشاركوا في سفك الدماء البريئة فقد قال تعالى ((ومن اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس قكانما قتل الناس جميعا))
وحقيقة هنالك أية في سورة البقرة يكلم الله بها بني إسرائيل إلا أنها اليوم تنفع العراقيين ((ثم انتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظهرون عليه بالإثم والعدوان ن وان يأتوكم أسرى تفدوهم وهو محرم عليكم إخراجهم افتؤمنون ببعض الكتب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى اشد العذاب وما الله بغفل عما تعملون)) سورة البقرة اية 84 وحقيقة هذا ما يحدث في العراق الآن بكل أسف فالقتل والتهجير من الديار ولكن من يسفك الدماء من الطرفين أبشروا بخزي في الدنيا وفي الآخرة عذاب اليم
وفي الختام إننا في حاجة إلى أمور ثلاث الأمر الأول نحن بحاجة إلى وقفة علماء السنة والشيعة فان هنالك شبهات لدى الشيعة على السنة وكذلك شبهات لدى السنة على الشيعة والمصيبة إن أعداء الإسلام ومن يتربصون به شرا استغلوا هذه الشبهات فعلى علماء الطرفين التصدي والتوضيح ان هذه الشبهات غير صحيحة فيا حبذا أن يشرح عالم سني للسنة أن الشبهات التي تحملونها على الشيعة خاطئة ويشرح عالم شيعي للشيعة أن الشبهات التي تحملونها على السنة خاطئة
الأمر الثاني علينا نقبل بعضنا بعضا ونساعد بعضنا بعضا في نتفق عليه وما أكثره ونعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه وما اقله علما إن الإسلام لم يحرم الاجتهادوإما الأمر الثالث أن هنالك سفهاء يدعون أنهم سنة على علماء وعقلائهم التصدي لهم وكذلك هنالك سفهاء يدعون أنهم شيعة على علماء الشيعة وعقلائهم التصدي لهم فما دامت الأطر السلامية العريضة متفق عليها فعلى الجميع التصدي لكل محاولة تركز على نقاط الاختلاف لأننا سوف نصل إلى جحيم إذا لم يساعد بعضنا بعضا ويعذر بعضنا بعضا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين منذر عبدالله أكاديمي عراقي
https://telegram.me/buratha