( بقلم : علي حسين علي )
يوم الاربعاء الماضي كان دموياً في بغداد والعراق باكمله،فقد استشهد جراء عمليات ارهابية استهدفت المدنيين اكثر من مئتي مواطن واصيب اكثر من ضعف هذا الرقم..وأمام مثل هذه المذابح والقتل الجماعي للعراقيين يقف المواطن في بلادنا وحيداً أمام ارهاب تكفيري وصدامي متوحش ومتغوّل،ويقف مواطننا مشدوهاً او مذهولاً لعدم المبالاة وقلة الاكتراث اللتين تبدوان واضحتين وفاضحتين من قبل حكومات عربية واخرى اقليمية وحتى المنظمات الانسانية باتت تتعامل مع ما يجري في العراق وكأنه امر واقع!
وسائل الاعلام العربية هي في معظمها اظهرت شماتة بالعراقيين،وهي وان اوردت تفاصيل مذابح الاربعاء الماضي بالصوت والصورة الا انها كانت تختتم تقاريرها او اخبارها بعبارة:(هذا وكانت الحكومة العراقية قد طبقت ما اسمته بالخطة الامنية الجديدة التي مضى شهران على اعلانها)وهي بذلك-وسائل الاعلام العربية-تريد ان تقول للعراقيين او حتى للاخرين في خارج العراق بان الخطة الامنية لم تحقق أياً من اهدافها،مع نبرة واضحة في الشماتة بالعراقيين لا يمكن اخفاؤها!
واذا ما تجاهلنا دور الاعلام العربي،فان ما هو اسوأ منه كان موقف الحكومات العربية في معظمها،فالعالم المتحضر كله أدان مذابح الاربعاء الفائت،ومع ان الادانة او الاستنكار لايعنيان غير مشاركة وجدانية للشعب العراقي في مأساته،فان دولاً عربية استكثرت ذلك وبخلت على الشعب العراقي حتى بالاستنكار..ولعل الاكثر سوءاً هو ان تلك الدول لم تكف عن الادعاء بالحرص على الشعب العراقي،وعلى امنه واستقراره،وعروبته ايضاً ! في حين ان انتماء العراق ليس محل شك وهو متمسك به،الا ان ما يناله من بعض العرب ومن تباعدهم عنه لا يصب في مجرى الحرص على هذه(العروبة)،فما هو مطلوب-عربياً-من العراق التمسك بانتمائه العربي-وهو فعلاً كذلك-ولكن واجبات والتزامات العرب الاخرين تكاد تكون معدومة،فهم يريدون من العراق كل شيء ولا يعطونه شيئاً.
فضلاً عن هذه الازدواجية في المواقف العربية،ان كان ذلك على الصعيد الرسمي او الشعبي،فان هناك ازدواجية محلية لا تختلف عن غيرها في الخارج،فكثير ممن يدّعون الحرص على انتماء العراق العربي يتاجرون بهذه البضاعة لم يبدُ منهم أي غضب او حتى استنكار لما جرى يوم الاربعاء الماضي،وكأن الذين استشهدوا او جرحوا من كوكب اخر،ومن قوم غير قومنا،وحتى روح المواطنة العراقية فقد افتقد اليها الكثير من السياسيين العراقيين،فارواح العراقيين ضحايا الارهاب التكفيري والصدامي في الصدرية والكرادة ومدينة الصدر في يوم الاربعاء الماضي لم تهز شعرة او يرف لها جفن هؤلاء المنافقين من تجار الشعارات.
على اية حال،هذا هو الواقع،العراقيون وحدهم يواجهون الارهاب ويقدمون المئات من احبتهم كل يوم..ومهما كان الامر،ومهما اشتدت الايام عليهم فليس لهم الا انفسهم،وليس لهم الا ان يواجهوا الارهاب ويدفعوا ثمناً غالياً من دمائهم من اجل ان يبقى العراق حراً كريماً كما ارادوه يوم صوتوا على الدستور الدائم..و(ما حك جلدك مثل ظفرك).
https://telegram.me/buratha