( بقلم : علي حسين علي )
تقول معلومات شبه موثقة إن ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين عراقي قد تركوا بيوتهم أما قسراً في هجرة داخلية أو اضطراراً في هجرة إلى الخارج.. وفي كلتا الحالتين فان ملايين العراقيين باتوا يعانون من العوز وعدم الأمان فضلاً عن الغربة، وتلك مشكلة حقيقية انتبه العالم إليها مؤخراً لينعقد مؤتمر بشأن هجرة العراقيين بجنيف لمعالجة أوضاع المهجرين وإيجاد حلول لمشكلاتهم.
إن الاهتمام العالمي بالمهجرين العراقيين وان جاء متأخراً لهو في غاية الأهمية، ومن الأهمية بمكان أن تعالج أسباب تلك الهجرة قبل معالجة نتائجها، فالعراقيون قد اضطروا بالإكراه المباشر وغير المباشر على ترك بيوتهم ووطنهم، وما علينا إلا التوقف عند حالة الاضطرار هذه لقطع الطريق على المزيد من الهجرات المقبلة.العراقيون في هجرتهم داخل وطنهم قد تعرضوا إلى التخويف ومن ثم التهديد ومن بعده القتل إذا لم يتركوا منازلهم ويرحلوا بعيداً عن مناطق عاشوا فيها قبل عشرات واحياناً مئات السنين.. وبدأت الهجرة الداخلية يوم جالت عصابات التكفيريين والصداميين على أبناء مكوّن عراقي يشكل أقلية في مناطق عراقية سقطت بقبضة الإرهابيين، وهذا ما عرف بعد ذلك بالتهجير القسري الطائفي الذي شمل مئات الآلاف من العراقيين والذين طردوا من ديارهم واجبروا على التخلي عن ممتلكاتهم في محيط بغداد وديالى وصلاح الدين والانبار وجنوبي العاصمة وفي بعض المناطق في غربها..وكانت الهجرة القسرية هذه بفعل الارهابيين وبتنفيذهم.
العراقيون في هجرتهم إلى الخارج كانت معظمها جراء الذبح على الهوية في الطرقات وقصف الأحياء الآمنة وبفعل المفخخات التي لا تفرق بين هذا العراقي وذاك، والتي تستهدف المسجد والحسينية والمدرسة والمستشفى والجامعة والساحات العامة وغيرها..وهذا تم ويتم حتى الآن بفعل الجماعات الإرهابية واعترافها أيضاً، وإذا كان هناك من يريد فعلاً أن يحد من هجرة العراقيين التي (أثقلت) على بعض البلدان الجوار فحريّ بهذا أن يلتفت إلى إن الإرهاب هو المسبب الأول والأخير للهجرتين الداخلية والخارجية، وأن أية معالجة لمسألة نزوح العراقيين عن مناطق سكناهم أو موطنهم من دون القضاء على مسببها الحقيقي إنما هو عمل غير جدي وغير منتج أيضاً..ولذا، نعتقد أن دول الجوار والمجتمع الدولي مدعوان قبل كل شيء إلى الوقوف مع الحكومة العراقية المنتخبة لمواجهة سيل المهجرين العراقيين في الاتجاهين، وان على دول الجوار التي تغلق حدودها بوجه العراقيين بذريعة أو بأخرى أن تفعل الشيء نفسه وتمنع تدفق الإرهابيين إلى بلادنا..
أما المجتمع الدولي فمسؤوليته-كما نراها-تنحصر في دعم الحكومة العراقية ومعاونتها في فرض الأمن والاستقرار داخل البلاد وبالوسائل التي تتفق عليها مع الحكومة العراقية. أما ما يخص الدولة العراقية فنعتقد أن من مسؤوليتها حماية حياة وكرامة المواطن العراقي أينما كان، في داخل الوطن أو في خارجه، ولا نشك في أن الحكومة المنتخبة عاجزة عن إيصال معوناتها للعراقيين في الخارج ممن تقطعت بهم السبل، فالمال وفير ولله الحمد، ومع المال هناك الرغبة لدى معظم المسؤولين بأن يشعر العراقي بأنه عزيز على أهله.
https://telegram.me/buratha