بقلم: سلطان علي (مع ملاحظات سريعة لمحسن الجابري)
دخلت الإدارة الامريكية بعد تحرير العراق من الطاغية صدام و حكمة البعثي الفاشي, في دوامة بعثرت جهودها بحيث يحتار المراقب في تشخيص اجندتها الراهنة. و لكن من الواضح ان الامريكان في حيرة من امرهم فهم من ناحية يمتنعون عن سحب قواتهم مبكرا خشية من الفشل الناجز في العراق و لكي لا يكرروا ما حدث لهم في فيتنام و يفقدوا ما تبقى لهم من هيبة و مصداقية على الساحة الدولية و من ناحية اخرى هم لا يساندون بشكل تام أي من الاطراف المتصارعة حاليا في العراق. الامريكان ليسوا مع حكومة المالكي و لا مع الشيعة خوفا من تقوية شوكتهم و من استغلال ايران لهم و ليسوا مع السنة خوفا مما يقوم به السنة من قتل لجنودهم و خوفا من دعم السنة للإرهابيين الوهابيين و تقويتهم و تسليم العراق لهم لتكون دولة طالبان جديدة. فهم - أي الامريكان- يتمايلون ذات اليمين و ذات الشمال. إلا ان الواضح في السياسة الامريكية في العراق هو من ناحية دعمهم لبقايا العبثيين لإرضاء سنة المنطقة و لخلق توازن مع تنامي قوة الشيعة و من ناحية اخرى دعمهم للأكراد لوثوقهم بهم.ينعم الاكراد في مناطقهم في شمال العراق باستقرار أمني جيد نسبيا و قد ترتبت اوضاعهم السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و وضع الاكراد لأنفسهم اجندة واضحة معلومة لكل فرد فيهم تتمثل في اصرارهم بالتمسك بحقوقهم الدستورية و السعي الجاد لتحقيق فدرالية الشمال.لدى سنة العراق من ناحية اخرى و بغالبيتهم –على الاقل المشاركين منهم في البرلمان و بدعم سياسي و مالي و لوجستي استخباراتي ضخم من الدول العربية - اجندة واضحة يمارسونها بكل عنف و لا يخفونها و تتمثل في السعي و بكل الوسائل و من اهمها الارهاب و القتل للشيعة و نوعما للأكراد في سبيل تحقيق مكاسب سياسية في مقدمتها و اولويتها ارجاع الاوضاع لسابق عهدها ليكونوا هم الاسياد و غيرهم في العراق عبيد و ان لم يمكنهم تحقيق ذلك فليس اقل من تحقيق مكاسب سياسية مرموقة على حساب المكونات الاخرى.بينما يحتار المتأمل في وضع شيعة العراق من فقدانهم بوصلة الطريق رغم كونهم المكّون الأكبر و يمتلكون من مقومات القوة ما يمكنهم من تحقيق اهدافهم. فهم مشتتون بين عدة احزاب يتنازلون عن مكتسباتهم بكل سهولة بدون مقابل وجهات نظر قياداتهم متعددة بتعدد قياداتهم صبرهم و أناتهم طويلة على شدة فتك الارهاب بهم. تقّبلوا ضياع حقوقهم سابقا و سكتوا على زراعة ارضهم بمقابر جماعية من جثامينهم. وهم في وضعهم الراهن ليسوا بأحسن حال فهم يقفون الآن لوحدهم في ميدان قتال تحيط بهم اعداء تفوقهم عددا و عدة و تتميز عنهم بمكر و تدليس لا يمكنهم مجاراته و تتربص بهم الدوائر لتحيل احلامهم بحياة كريمة و بمستقبل واعد لهم و لأجيالهم القادمة لكوابيس مميتة بعدما ظنوا ان عهد الكوابيس انتهى بسقوط صدام. ما بالهم وهم في خضم هذه الاوضاع السوداوية التي يمرون بها ان لا يتحدوا و تكون لهم اجندة عمل موحدة و واضحة المعالم معلنة ليعرفها كل فرد فيهم و ليعرفها اعدائهم قبل اصدقائهم.و دعونا نستعرض قائمة اجندات القوى الشيعية الفاعلة على الساحة العراقية .1. الائتلاف الموحد بقيادة السيد الحكيم: المشاركة في الحكم و تحقيق الفدرالية في محافظات الجنوب.2. التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى: اخراج المحتل من العراق.( غير واضح اجندتهم السياسية بعد ذلك)3. حزب الفضيلة: الغاء الطائفية. ( غير واضح اجندتهم بعد ذلك)4. قائمة علاوي و السيد أياد جمال الدين: اعتماد مبدأ العلمانية في الحكم حتى و لو أدى ذلك لعودة البعث للسلطة.5. حزب الدكتور أحمد الجلبي: غير واضحة اجندته علما انه طاقة خلاقة إلا انه اصيب بداء الصمت المطبق بعد عدم فوزه بمقعد في البرلمان.6. الفرد الشيعي العادي: تنحصر اجندته في ان يتمكن من زيارة الامام الحسين (ع) في عاشوراء و الاربعين مشيا على الاقدام و ممارسة الشعائر الحسينية في اوقاتها.اخيرا دعوني اطرح عليكم اختبار من سؤال واحد :ما هي اجندة الشيعة في العراق؟اختر احد الاجابات التالية:• اخذ الشيعة حصتهم كاملة في الحكم و تحقيق الفدرالية لضمان عدم حصول مقابر جماعية جديدة لهم.• قبول أي حكم ما دام يعطي الشيعة فقط الامكانية في ممارسة شعائرهم الحسينية.• تنازل الشيعة عن احلامهم و القبول بحكم علماني حتى و ان عاد العبثيين للسلطة مجددا.• الانفصال التام عن السنة و خلق دولة شيعية في جنوب العراق؟على كل منكم الاجابة لكي تحددوا اجندتكم يا احبتنا في العراق. و دمتم سالمين.سلطان علي (محب للعراق و أهله)السعودية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الوكالة:
مع تحياتنا للأخ الفاضل نود ان نشير إلى إن وجود الأخ ضمن بيئة غير منفتحة بشكل مؤلم على الشيعة جعله يفكر بالتشيع وكأنه هوية أحوال شخصية، وبغير ذكر اياد علاوي ومجموعته كان قد ذكر جند السماء وجماعة الحسني بعنوانها حركات شيعية طالب منها أجندة معينة في الوقت الذي يتحرك هؤلاء مع أعداء الشيعة، ولذلك قمنا بتحرير ذلك من المقال.
وتصوير الفرد الشيعي وكانه لا هم له إلا الشعائر الحسينية تبرز غياب المعلومة الحقيقية عن الأخ الكريم، فهذا الفرد الذي قاتل المفخخات من أجل الدستور والانتخابات ليس بهذه البساطة، بل دعني أقول إن وعي هذا الفرد قد مكنته من استثمار الشعائر إلى ما يخدم اجندته السياسية.
والأجندة التي تتحدث عنها للشيعة معلومة تماما بالنسبة للمعنيين بالشأن الأجنداتي _ إن صح التعبير _ فالساسة يسيرون باتجاه واحد رغم ان بعضهم قد يختلف بطريقة وأخرى عن الآخر، وقد يختلفون في التكتيكات، ولكن حين المجموع تحصل على تصور دقيق بأن الجميع يسير باتجاه واحد، ولكن البعض قد يريد حرق المراحل والبعض يريد أن يسير متزناً في ساحة فيها الكثير من المخاطر والأهوال.
نحن نقول بأن الشيعة ليس كل من انتسب أما وأباً لعائلة شيعية فمن هؤلاء الغث الكثير الذي بعضه يحارب الآن مع القاعدة وسائر المجاميع التكفيرية، ولكن الشيعة في تعبيرنا هم من التزم بالمرجعية الدينية والتزم بالتشيع خطاً سياسياً وبغيرها ستكون أخي محب لتسأل عن اجندة سعدون حمادي وصالح النومان وغيرهم من حثالات البعث.
محسن الجابري
https://telegram.me/buratha