بقلم: عبد الرزاق السلطاني
تابعت الملايين في ارجاء العالم كافة العمليات الارهابية التي اجتاحت دول المغرب العربي, وحبسوا انفاسهم لهول الصدمة التي عاشوها بترقب شديد، فقد نددت كل الحكومات العربية وجامعتها العربية وفضائياتها لهذا الحادث المأساوي, فمنهم من وصمه بالاجرامي واثبت بالدليل ان القائمين عليهم قتلة سفاحون افاكون , والاخر شمر عن ساعديه وطالب بضرورة الضرب بالعصى الغليظة تلك الحاضنات, واخر افتى بقتل وتجريم القاعدة في بلاد المغرب وعدها منظمة دموية يجب ان تقبر, والكل محق بذلك التوصيف, فحسب فهمنا وقراءتنا للخارطة القاعدية وماهيات تحركها, والبركة التي تسبح فيها كان لمعرفتنا تلك الشرذمة الاجرامية التي لاتتورع في ارتكاب ابشع الجرائم، ولكن ما اثار حفيظة الملايين من العراقيين هو الصخب الاعلامي لمقتل 40 شخصا من باب الافتراض وليس الحصر، والتباس المفاهيم , فهل القاعدة في بلاد المغرب العربي هي مغايرة لقاعدة المشرق العربي؟ أو اختلاف الدماء؟ أو اللون؟ أو العرق؟ او جميعها مشتركة؟ أو الظلامات تسري على الجميع باستثناء العراق؟! فنحن نعتقد ان الحديث لايسري حصرا على العراق فقد سبق وحذرنا مرارا وتكرارا من ذلك الوباء الغريب المفاهيم, فالقاعدة تعيش حيثما تتوفر لها الارضية الخصبة, وقد اصبحت المنطقة العربية مرتعا للفتن المذهبية والدينية والعرقية ومرجلا تفور فيه ومنه القلاقل والازمات, ففي مساعي وتكتيك ( القاعدة ) الارهابية في العراق اذ ارادت تحويله الى كانتونات (اسلامويه) على مقاساتها, وقد بدأ مشروعهم البائس بالتصفية والاشتباك مع ابنائنا الغيارى في المناطق الغربية وشمال بغداد في نطاق حملة لتحطيم الوجود السني في تلك المناطق لاخضاعهم لما يسمى بــ(دولة العراق الطالبانية) وبأقسى الوسائل الاجرامية, من انتحاريين وتفجير صهاريج الكلور السام على الاهالي العزل, الامر الذي جعل الصراع محتدما بين القاعدة وابناء تلك المناطق, لاسيما بعد رفض الاخيرة مبايعة الامارة الطالبانية, وتعميم محاربتها في كافة اماكن تواجدها.
عوداً على بدء, فالتعامل الاجتزائي مع الملف العراقي من قبل بعض العرب وقياداتهم يمثل ازدواجية واضحة المعالم, فضلا عن الخطاب المتطرف ومحاولات الاقصائية وعدم قبول الاخر, بتعليق الحراك السياسي المناوئ للحكومة المنتخبة وانجازاتها الحيوية لقلب الطاولة على مراكز القرار الوطني مما يبين حقيقة السلوكيات المستوردة التي بدت تشكل عبأ ثقيلاً في معالجتها التجاوزات ومنعها القرارات الاجرائية بحق المدانين وتحديدا دول الجوار العربي, التي يفترض ان تعيد حساباتها للمنظمات الساندة للارهاب بعد ان تشظت اثر الضربات الاستباقية التي قوضت المظاهر العنفية والمسلحة, وحددت الاشكاليات والتقاطعات التي رشحت موجات الارهاب الوافد من خارج الحدود, فهزيمة القاعدة وتفكيك بؤرها بخطة فرض القانون بلورت استراتيجة مد جسور الثقة بين المؤسسة الحكومية والمواطن مما اعطى سمات الساند والظهير لخدمة المصالح العليا للعراق الفيدرالي التعددي الدستوري المستقل.
https://telegram.me/buratha