دراسات

في اعمال الانسان في القران


محمد عبد الجبار الشبوط

 

 

الاعمال نوعان:

الاعمال في القران ما هو مطلوب بذاته مثل عبادة الله:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الذاريات ٥٦)، والاصلاح: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ."(هود ٨٨). ومنها ما هو طريق لتحقيق اهداف اخرى في المجتمع، مثل الصلاة بوصفها عملا طريقيا لتوفير الاجواء الروحية والنفسية للقرب من الله و لتحقيق الاصلاح الاخلاقي والسلوكي في المجتمع: "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ." ( العنكبوت 45)، وتوزيع الفيء، وهو غنائم الحرب وعدم السماح بتكدسه لدى اشخاص قليلين لمنع ظهور طبقة فاحشة الثراء لما يترتب على ذلك الكثير من المفاسد الاجتماعية: "مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ." ( الحشر 7) 

الايمان والعمل

ونلاحظ ان ذكر العمل في القران يأتي مقرونا دائما بالايمان، والعكس يصح كما في قوله تعالى على سبيل المثال: "وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ.إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".

واذا كانت كلمة "الايمان" الواردة في الاية تشير الى المعتقدات الدينية المعروفة في ثلاثية (التوحيد-النبوة-المعاد)، فان الكلمة في معناها المقصود في الاية ليست مقصورة على المعتقدات الدينية فقط، وانما يمكن ان تعني الايمان باية معتقدات اخرى، مثل الاعتقاد بحقوق الانسان او الديمقراطية او القيم الانسانية الحضارية او غيرها، ليكون مفاد الاية العام ان المعتقدات سواء كانت دينية او غير دينية لا قيمة لها ما لم تقترن بالعمل بموجب هذه المعتقدات، مع التشديد على ان الايمان الديني اولى بهذا (اي الاقتران بالعمل) من غيره.

وهذا ما يسمى في الادبيات المعاصرة بالتلازم بين النظرية والتطبيق. وهو تعبير يشير إلى الارتباط بين المفاهيم النظرية من جهة وكيفية تطبيقها في الواقع من جهة ثانية. عندما تكون النظرية والتطبيق متلازمين، يكون لدينا فهم جيد للنظرية وقدرتنا على تطبيقها على الواقع.

عادةً ما يتم تطوير النظرية من خلال البحث والدراسة والتحليل، وتكون هذه النظرية مبنية على أسس ومفاهيم محددة. عندما يتم تنفيذ هذه النظرية وتطبيقها على الواقع، يتم تقييم صحة ونجاح النظرية من خلال النتائج والتأثيرات التي تنتج عنها. إذا كانت النظرية تفسر وتنبئ بشكل صحيح وقوي ما يحدث في الواقع، فإنها تظهر تلازمًا بين النظرية والتطبيق.

ومن الجدير بالذكر أن التلازم بين النظرية والتطبيق يساعد في بناء المعرفة وتحقيق التقدم في مجالات مختلفة. فعندما تكون النظرية مدعومة بالتجارب والأدلة الملموسة، تتمكن من الانتقال من مجرد فكرة إلى توجيه عملي وفعال في الواقع. هذا يعزز التفاهم والاعتمادية في المجتمع العلمي والمجالات العلمية المختلفة.

خلاصة الامر فان التلازم بين الايمان والعمل يعمّق الايمان من جهة، ويثري العمل من جهة ثانية، بشرط ان يكون الايمان مبنيا على اسس عقلية وعلمية صحيحة.

احضار الاعمال

يتحدث القران عن ظاهرة مهمة وهي كما يسميها السيد الصدر "احضار الاعمال". ولابد ان نفهم كلمة احضار الاعمال في سياق اوسع هو احضار الناس اجمعين يوم القيامة فيما يسميه القران "الحشر" وهو من الفقرات المهمة في عقيدة "المعاد" كما يقدمها القران.

ينطلق فهم المسألة في الاعتقاد بوجود عالمين هما: عالم الشهادة وعالم الغيب. ونعرف منذ اينشتاين ان عالم الشهادة، او العالم المادي، مؤلف من اربعة ابعاد هي: الطول والعرض والارتفاع والزمن او space-time اي الزمكان.

مصطلح "الزمكان" أو "Space-time" هو مصطلح في الفيزياء النظرية يستخدم لوصف الأبعاد الأربعة (ثلاثة منها تشير إلى الفضاء والرابعة تشير إلى الزمن) التي تتكون فيها الكون وجميع الأحداث.

في نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين، الزمكان ينظر إليه كمنحنٍ مرن يتأثر بوجود الكتل والطاقة. يتم تمثيله بنموذج يشبه القماش المطاطي ينحني  بسبب ما يسمى بالجاذبية. وفقًا لنظرية النسبية العامة، تتفاعل الكتل والطاقة مع الزمكان وتغير هندسته، وبدوره يؤثر التشوه في الفضاء الزمني على حركة الأجسام المتحركة وحركة الضوء.

باختصار، مصطلح "الزمكان" يشير إلى الإطار الرباعي الذي يجمع بين الفضاء الثلاثي (الارتفاع والعرض والعمق) والزمن الرابع (التغير عبر الزمن) وكيفية تأثير الجاذبية والكتل والطاقة على هذا الإطار.

اما عالم الغيب، او العالم الروحاني، فلا نعرف ابعاده، وهو "من امر الله" اي من الخصوصيات المعرفية المقصورة على الله؛ لكننا نعلم على الاقل ان البشرية سوف تنتقل الى عالم الغيب حيث يتحقق اللقاء مع الله، كما يقول القران:"يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ." (الانشقاق 6). وهذا لا يمكن ان يتحقق الا بخروج الانسان من عالم الشهادة ودخوله عالم الغيب بابعاده المجهولة لدينا. لكننا نعلم بموجب القران ان الله لا يمكن ان "يتجلى" لعالم الشهادة بحضوره الروحاني المطلق حيث سوف يحصل تداخل او اصطدام clash بين ابعاد عالم الشهادة الاربعة، وبين ابعاد عالم الغيب التي نجهل طبيعته، ما يؤدي الى انهيار عالم الشهادة. وهذا ما نفهمه من الاية ١٤٣ من سورة الاعراف التي تقول: "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ."

لم يطلب موسى من الله الرؤية البصرية ولا الرؤية القلبية، فامرهما محسوم بالنسبة لموسى باعتباره نبيا. لكنه طلب "تجلي" الله، بمعنى انفتاحه بابعاده المطلقة على عالم الشهادة بابعاده النسبية المعروفة، وهذا غير ممكن بمعنى انه يؤدي الى انهيار عالم الشهادة كما حصل للجبل.

ويمكن ان نفهم من ذلك ان احضار الناس بصورة عامة عند حضره الله سيكون بغير الابعاد المادية الاربعة لعالم الشهادة بما في ذلك الانسان. وسيكون "احضار" اعمال الانسان بهذه الصيغة ايضا او كما يقول القران:"وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا". انه احضار على شكل "كتاب"، او سجل اشبه بالسجل الاليكتروني، يعرض فيها صور الاعمال باربعة ابعاد فتبدو "مجسمة" امامه. وهذا يقودنا الى فكرة اخرى يذكرها القران وهي "رؤية الاعمال".

رؤية الاعمال في عالم الغيب

ويتصل باحضار الاعمال موضوع اخر، كما قلنا، هو "رؤية الاعمال" الواردة في قوله تعالى: "يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ؛ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ." (الزلزلة ٦-٨)

وفي "رؤية الاعمال" رأيان ذكرهما صاحب الميزان:"و إراءتهم أعمالهم إراءتهم جزاء أعمالهم بالحلول فيه،  أو مشاهدتهم نفس أعمالهم بناء على تجسم الأعمال." والرأي الثاني اقرب الى النص انما بتوجيه اخر. ف"تجسم الاعمال" تعني قدرة الانسان وقد انتقل الى عالم اخر هو عالم الغيب، على رؤية صورة لاعماله في عالم الشهادة باربعة ابعاد، يعني صورتها كما حصلت في عالم الشهادة، سواء كانت اعماله صالحة او غير صالحة، كبيرة ام صغيرة. والصورة ذات الابعاد الاربعة لابد ان تكون صورة مجسمة للرائي.

و كلمة "الذرة" الواردة في الاية تعبير مجازي لتأكيد صغر العمل حيث كان الاعتقاد ان "الذرة" هي اصغر شيء في الوجود، حيث ان كلمة "الذرة" مشتقة من الكلمة اليونانية "أتوموس" (atomos)، وتعني "غير القابل للتقسيم" أو "الجزء الأصغر".

في الفلسفة اليونانية القديمة، كان الفلاسفة يعتقدون أن الذرة هي أصغر وحدة من المادة والتي لا يمكن تقسيمها أو تجزئتها. كان هذا الاعتقاد يأتي من فكرة أن المادة لا يمكن الانتهاء من تقسيمها حتى النهاية، وأن هناك شيئًا لا يمكن تجزئته وهو الذرة.

وقد تطورت فكرة الذرة في العصور اللاحقة وخصوصاً في عصر الكيمياء الحديثة والفيزياء، حيث تم اكتشاف أن الذرة ليست فعلاً  اصغر شيء غير قابل للتجزئة، وإنما تتألف من جزيئات أصغر مثل البروتونات والنيوترونات والإلكترونات.

و في الفيزياء النظرية ونظرية الأوتار string theory ، يعتقد أن الجزيئات الأصغر في الذرة (مثل البروتونات والنيوترونات والإلكترونات) يمكن أن تكون مكونة من جزيئات أصغر منها تسمى الأوتار.

وفقًا لهذه النظرية، الأوتار هي كيانات صغيرة ومرنة تتراوح طولها في حدود الطول البلانك، وهو أصغر وحدة ممكنة في الفيزياء النظرية، يمكن أن تتراوح بين 10^-35 متر.

تعتقد هذه النظرية أن الأوتار تهتز وتتراكب بأشكال ووضعيات مختلفة لإنشاء الجزيئات المختلفة. وتختلف الترددات والأوضاع الاهتزازية للأوتار، مما يؤدي إلى تنوع الجسيمات وخواصها المختلفة.

مع ملاحظة أن نظرية الأوتار ليست نظرية رسمية ومثبتة علميًا بشكل كامل حتى الآن.  الا إنها واحدة من النظريات المحتملة التي تهدف إلى تفسير عالمنا وطبيعته.

ولا يستبعد بناء على ذلك امكانية الانسان ان يرى الصورة الاصلية لاعماله المؤلفة من اوتار كانت لا ترى  بالعين المجردة في عالم الشهادة لصغرها المتناهي. وهذا التأويل يدل، ان صح، على امكانية الانسان وقد انتقل الى عالم ذي ابعاد مختلفة، هو عالم الغيب، على رؤية صور الاشياء ذات الابعاد الاربعة (وهو مايبدو انها صور مجسمة كما احتمل صاحب الميزان) كما كانت في عالم الشهادة، اي في الماضي بالنسبة لعالم الغيب الروحاني الذي نجهل ابعاده.

المرأة والرجل

والقران يؤكد من ناحية اخرى ان الله سوف يقيم اعمال الانسان على اساس طبيعة العمل لنفسه وليس على اساس جنس القائم بالعمل من ذكر او انثى.

 "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ، بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ؛ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ،  وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (ال عمران 195)

وقيل في سبب نزول الاية ان زوجة الرسول أم سلمة قالت له:  يا رسول الله، تُذكر الرجال في الهجرة ولا نذكر؟ فنـزلت هذه الاية. وهذا يؤكد ان صحت الرواية ما قاله السيد محمد باقر الصدر من ان نزول القران كان عبارة عن حوار مباشر بين الجماعة المسلمة التي انشأها الرسول في مكة ثم هاجرت الى يثرب لاقامة الدولة الاسلامية من جهة، وبين الله الذي كان يواكب سير هذه الجماعة عن طريق الرسول (ص)، وان كان المفهوم ان ما يسمى اسباب النزول لا يقصر معنى الاية على سبب النزول التاريخي، فالعبرة ليس بخصوص السبب وانما بعموم المعنى، كما يقولون.

ومهما يكن من امر فالاية تؤكد من جانب اخر رؤية القران المتقدمة للمرأة  قياسا الى ذلك الزمان، وقياسا الى هذا الزمان الذي يريد ان يتجاوز الفروق التشريحية بين المرأة والرجل في انتكاسة حضارية جديدة بعنوان "المثليين" وهي في حقيقة الامر خطوة رجعية الى الوراء، الى حالة مخالفة للفطرة شهدتها الانسانية في مجتمع النبي لوط، وفي مجتمع الامبراطورية الرومانية وخاصة في مدينة بومبي و هي مستوطنة رومانية قديمة تقع في أقصى جنوب إيطاليا، بالقرب من مدينة نابولي. تأسست المدينة في القرن السابع قبل الميلاد وازدهرت خلال العصور الرومانية حتى حوالي القرن الأول الميلادي.

في عام 79 ميلادية، حدث ثوران عنيف لبركان فيزوف (بومبي) القريب وتسبب في دمار كبير للمدينة وضواحيها. الثوران كان عنيفًا جدًا وأطلق عمودًا شديد الارتفاع من الرماد والغازات والحمم البركانية إلى السماء.

تعرضت بومبي والمدن القريبة هيركولانيوم وستابيا وعدد من القرى الأخرى لتدمير هائل. تحطمت المباني تحت وزن الرماد والحمم مما أدى إلى غرقهم في الرماد المتحجر وتحت طبقة عميقة من الرماد والحمم البركانية. ويقدر الحجم الكلي للرماد الملقى بنحو 3 كيلومترات مكعبة.

بعد اكتشاف مدينة بومبي وبدء التنقيبات الأثرية والاستعادة، تم العثور على عدد كبير من الفسيفساء والرسومات الجدارية والنصوص التي تشير إلى وجود ثقافة متسامحة جنسيًا في المدينة.

من خلال الرسومات والمنحوتات والنصوص، تبدو بعض الألوان الجنسية واضحة، بما في ذلك المشاهد الجنسية المتنوعة والرمزية التي تبرز الجنس والاغتصاب والجنس الشاذ. يُعتقد أن بومبي كانت مدينة متسامحة تجاه الجنس بما في ذلك الشذوذ الجنسي.

المساواة

المهم ان الاية تؤكد المساواة الحقوقية بين الرجل والمرأة، الانثى والذكر، بغض النظر عن الجنس. وقد علّق صاحب الميزان على هذه الاية بقوله: "المشاهدة و التجربة تقضيان أن الرجل و المرأة فردان من نوع جوهري واحد، و هو الإنسان فإن جميع الآثار المشهودة في صنف الرجل مشهودة في صنف المرأة من غير فرق، و بروز آثار النوع يوجب تحقق موضوعه بلا شك، نعم يختلف الصنف بشدة و ضعف في بعض الآثار المشتركة و هو لا يوجب بطلان وجود النوعية في الفرد، و بذلك يظهر أن الاستكمالات النوعية الميسورة لأحد الصنفين ميسورة في الآخر، و منها الاستكمالات المعنوية الحاصلة بالإيمان و الطاعات و القربات، و بذلك يظهر عليك أن أحسن كلمة و أجمعها في إفادة هذا المعنى قوله سبحانه: «أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض». و إذا قايست ذلك إلى ما ورد في التوراة بان لك الفرق بين موقعي الكتابين ففي سفر الجامعة من التوراة: "درت أنا و قلبي لاعلم و لابحث و لاطلب حكمة و عقلا و لاعرف الشر انه جهالة و الحماقة انها جنون. فوجدت امرّ من الموت المراة التي هي شباك و قلبها اشراك و يداها قيود الصالح قدام الله ينجو منها اما الخاطئ فيؤخذ به. انظر هذا وجدته قال الجامعة واحدة فواحدة لاجد النتيجة.التي لم تزل نفسي تطلبها فلم اجدها رجلا واحدا بين الف وجدت اما امراة فبين كل اولئك لم اجد."(الاصحاح السابع ٢٥-٢٨) و قد كانت أكثر الأمم القديمة لا ترى قبول عملها عند الله سبحانه، و كانت تسمى في اليونان رجسا من عمل الشيطان، و كانت ترى الروم و بعض اليونان أن ليس لها نفس مع كون الرجل ذا نفس مجردة إنسانية، و قرر مجمع فرنسا سنة 586 م بعد البحث الكثير في أمرها أنها إنسان لكنها مخلوقة لخدمة الرجل، و كانت في إنجلترا قبل مائة سنة تقريبا لا تعد جزء المجتمع الإنساني."

وتتطابق رؤية القران للفروقات والتشابهات بين الرجل والمرأة مع المكتشفات العلمية. الـ DNA يشير إلى أن هناك تشابه وتفاوت في الوراثة بين الرجال والنساء. الـ DNA (حمض الديوكسي ريبوزي النووي) هو المادة الوراثية التي تحمل معلومات الوراثة في جميع أشكال الحياة. يتكون الـ DNA من سلسلة من النيوكليوتيدات المترابطة معًا، وتتضمن هذه النيوكليوتيدات الأربع القواعد النيتروجينية الأساسية A (الأدينين) وT (الثايمين) وC (السايتوزين) وG (الجوانين).

في الواقع، يتم تشكيل جميع الأفراد بواسطة الـ DNA، وهناك نسبة عالية من التشابه في التسلسل الأساسي للـ DNA بين الرجل والمرأة ما يصل إلى 99.9%. يتناول الجينوم البشري الذي يحتوي على جميع الـ DNA اللازمة لتشكيل الإنسان نفسه العناصر المشتركة للعديد من الصفات الجسدية والوظائف.

فيما يتعلق بالفرق بين الرجل والمرأة، فإن هناك اختلافات في الـ DNA الجنسي يحدد جنس الفرد. الإناث تحمل اثنين من الصبغيات الجنسية X (XX)، بينما يحمل الذكور صبغتين جنسيتين X و Y (XY). يتم توارث الصبغات الجنسية من الآباء، حيث يسهم الأب بصبغة X أو Y، بينما تسهم الأم بصبغة X فقط.

يوجد فرق وراثي بين الرجل والمرأة في الصبغات الجنسية. وينتج عن هذا الفرق تطور الخصائص الجنسية الفريدة لكل جنس، مثل الحلمات، الصوت، الشعر، اللحية، والثدي والعضو التناسلي  والتي ترجع إلى التغيرات في الجينات المتواجدة في الصبغات الجنسية.

في النهاية، يجب أن نلاحظ أن الاختلافات الجنسية لا تقتصر فقط على الـ DNA، بل تشمل أيضًا الهرمونات والتربية والعوامل البيئية الأخرى التي تؤثر على التطور الجنسي والفسيولوجي لكل جنس.

"وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ"، بهذا المقدار، لكن الانثى مثل الذكر امام الله، وفي الثواب والعقاب، مع تفضيل خاص للمرأة في نواح مهمة مذكورة في القران والاحاديث.

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك