رياض البغدادي ||
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
" وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿22﴾" النور
قوله تعالى ﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ قيل ان المعنى: لا يحلف وهو قول ضعيف لأنه لو كان نهياً عن الحلف على المنع، لكان أيضًا منع الحلف على الإعطاء، وهذا خلاف الواقع، لذا فالصحيح أن كلمة لا يأتلِ أصلها (يأتلي) وحذفت الياء للجزم،بلا الناهية ، والمعنى هو ألا يمتنع العبد عن الإعطاء والتفضل، فيكون معنى الكلام أن لا تقصّروا في أن تحسنوا إليهم...
الا أن اغلب المفسرين قالوا إن المعنى هو، ألا يحلف المؤمن بأن لا يأتي أولي القربى... فهو منع عن الحلف في عدم الإعطاء، وأحسب إن المفسرين اختاروا هذا المعنى، ليتوافق تفسيرهم مع الرواية الخاصة بأسباب نزول الآية، التي قيل إنها نزلت في أبي بكر، وقد احتجَّ الفخر الرازي بهذا على أفضلية أبي بكر، وقد أحجمت عن ذكر مقالة الرازي لأنها خرجت عن التفسير ودخلت في علم الكلام، وقد رد كلامه جمع كثير، ولا بأس أن أُحيلكم الى مقالة الشيخ المفيد في كتابه (الإفصاح) صفحة 175، حيث عقد فصلاً في سبب نزول الآية 22 من سورة النور.
قال صاحب القاموس: " أتَلَ يَأتِلُ أتْلاً وأتَلاناً وأتَلالاً: قارَبَ الخَطْوَ في غَضَبٍ" وذكر الثعالبي في معجم فقه اللغة :" الأتَلاَنُ: أَن يُقَارِبَ خَطْوَه في غَضَبِ، هكذا جاء في تَفْصِيلِ ضُرُوبِ مَشْيِ الإنْسَان وَعَدْوِهِ". انتهى
وبهذا يكون معنى الكلمة ﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ أي لا يتكاسل ويغضب أو لا يُقَصّر أهل الفضل والسعة منكم، وهو كما ترى نهيٌ وزجرٌ عن ارتكاب معصية عدم الإنفاق ممن هم في سعة وفضل، فأي فضل ومنقبة لأبي بكر ادّعاها الفخر الرازي في هكذا نهي وزجر؟! اعاذنا الله من التعَصب الأعمى والدس والتحريف.
والله العال
ــــــــ
https://telegram.me/buratha