د. محمد ابو النواعير ||
من خلال قرائاتي، في مجال الفقه والفكر والعرفان الاسلامي، بدمجه مع قرائاتي بالعلوم الانسانية الحديثة، ثبت لي بان البنية العميقة لمكونات وفواعل ومؤسسات الفعل والسلوك الانساني في الدين الاسلامي، تشتغل بشكل متناقض، او فلنقل بشكل ثلاثي على ثلاثة محاور متنافرة، ولكنها مدمجة بشكل رائع.
- فهي من ناحية تركز على الفرد في كل تفاصيل حركاته وسكناته من اجل اعادة خلقه الوجودي كفرد مستقل عن كل الوجود في ذاته وكينونته ومحاسباته ومراقباته الذاتية، وكأنه يعيش لوحده في هذا العالم.
- وتركز من ناحية ثانية على الفرد كمنصهر بذاته في اطار مجتمعي اسلامي بالدرجة الاولى، وكوني بالدرجة الثانية، وترسم له ادق تفاصيل ما يحوزه سلوكه الواعي واللاواعي في اطار منظومته الاجتماعية في هذا الاطار، وكأنه لا ذات منفردة له، بل يتحرك بحسب اطار الجماعة الاجتماعية.
- وتركز من ناحية ثالثة على الفرد لله في ذاته وفي المجتمع، وترسم له ادق تفاصيل حياته وحركاته وسكناته وافكاره ومنتجات وعيه، في علاقته الدنيا مع الذات الالهية العليا.
كل ذلك مجموع بناظم واحد دقيق جدا، اسمه الدين الاسلامي، نجح نجاحا كبيرا في اشتغال كل مرتكز بذاته مفردا، وفي ذاته منصهرا مع الأخريات، على الرغم من مكامن التناقض المتصارخ بين هذه المتغيرات التي يستحيل على اي فلسفة ان تجمع بينها بدقة.
وهذا ما لم تتمكن نتاجات العقل البشري من التأسيس له والتكوين لفواعله خلال تاريخ هذه العلوم، علما ان هناك محاولات بسيطة لدمج ناظمين من هذه الثلاثة في زماننا الحاضر، الا انها لا زالت محاولات بدائية متعثرة بسيطة، كالتي يحاول انتوني غيدنز الاشتغال عليها.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha