د.علي المؤمن ||
من أهم الأهداف الأساسية التي وضعناها لمشروع "المركز الإسلامي للدراسات المستقبلية" عند تأسيسه في العام 1998: ((نشر الوعي بالمستقبل وقضاياه ومعارفه وعلومه، في الوسط الفكري والأكاديمي والثقافي والديني والسياسي والمالي والإقتصادي، والسعي لتحويل هذا الوعي إلى رأي عام يجد له صدى في وسائل الإعلام والمؤسسات الأكاديمية والبحثية والتخطيطية)).
ويعني هذا أننا كنا نخاطب أصحاب الاختصاص والاهتمام بشرائحهم كافة، ولاسيما النخب، ليسهم الجميع في تركيز حالة الوعي بالمستقبل، والتعبير عن الاهتمام به بالوسائل العملية الفاعلة التي تجعله التزاماً فردياً وجماعياً ورسمياً يدفع بالهدف نحو التحقق، ويعمل على تثبيت دعائم كمطلب استراتيجي لا يمكن تجاوزه.
والواقع أن تحقيق هدف خلق وعي إيجابي بالمستقبل، يتوقف على تعاضد جهود من مختلف الألوان والمجالات، وتتمثل في الشرائح التي يخاطبها المشروع أساساً، ابتداء بالمرجعيات الدينية وفقهاء الشريعة، والمفكرون والكتّاب والباحثون والمثقفون والخبراء، والمؤسسات العلمية والأكاديمية والدينية والفكرية والثقافية والإعلامية، وانتهاء بأصحاب الأموال والعطاء، وأجهزة الدولة.
وبكلمة أخرى فإن دعائم تحقيق الهدف وتطبيق الفكرة ونجاح واستمراره تتمثل في:
1 ـ الجهد الفكري والعلمي الذي يمارسه المفكرون والخبراء والباحثون.
2 ـ التأصيل والتوجيه الشرعي من قبل العلماء.
3 ـ دعم الخيرين وبذلهم.
4 ـ تعاون المؤسسات والمراكز البحثية والفكرية.
5 ـ التشجيع والاهتمام الذي تبديه وسائل الإعلام.
6 ـ حماية المسؤولين والمؤسسات الرسمية.
إن توافر هذه الدعائم مجتمعة كفيل بخلق وعي نوعي بالمستقبل وقضاياه، يتمظهر في رأي عام ضاغط، وتوجه نخبوي مسؤول، ومؤسسات بحثية رصينة، إذ لابد من مظاهر عملية مؤسساتية لهذا الوعي، تأخذ على عاتقها بلورة النظرية الإسلامية الوطنية المستقبلية وتأصيل منهجها، والتنبيه على قضايا المستقبل، وتستشرف صوره وتخطط لبدائله، وتحدد الوسائل اللازمة لذلك، لتدفع بالأمة نحو بناء مستقبلها الحضاري.
ولا شك أن بذور هذا اللون من الوعي لابد أن تنمو ـ أولاً ـ في الدعائم التي تمسك بالواقع الإسلامي الوطني برمته، ثم ينطلق منها إلى رحاب الأمة.
للأسف؛ بعد إقامة مجموعة دورات وورش وندوات، وتكوين نواة من (٧٠٠) باحث في أكثر بلدان العالم الإسلامي، وتواصل مع أغلب مؤسسات الدراسات المستقبلية في اوروبا، وكذلك صدور أعداد من مجلة "متابعات مستقبلية" الشهرية، و"مجلة المستقبلية" الفصلية المحكمة؛ مات المركز في العام 2004، ومعه أغلب مخططات تحويل منهجية الدراسات المستقبلية الى ثقافة أكاديمية وحكومية وسياسية وأمنية وأقتصادية.