*د. محمد أبو النواعير||
· كيف يؤثر الخطاب الديني في تكوّن أنماط المعرفة السوسيولوجية في مجتمعات المذاهب الإسلامية؟!
يرى بعض العلماء أن ما يصلح في القرن الثاني الهجري ربما لا يصلح في القرن الخامس عشر الهجري، والأسلوب الذي كتب به الخطاب الديني في عصر ما ليس صالحا بالضرورة لكل عصر، وخاصة العصر الحديث.
ليس ثَمَّ شك أننا نعيش اليوم في ظلال تيار قوي من الدعوات إلى تجديد الخطاب الديني، وهذه الدعوات تصدر من جهات دولية ومحلية. إن الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني ينظر لها لدى أصحاب الخطاب المتطرف, انها دعوة حق، وهي تعبير قوي عن الشعور بالحاجة إلى المراجعة والنقد الذاتي. !
خاصة وان الخطاب السني المتطرف في أدبياته مع بقية المذاهب والأديان, ومع أطر الحداثة, قد اصطدم بمناهج المعرفة المجتمعية الحديثة, خاصة لدى فئة الشباب, فالشباب العربي اليوم في ظل هذا التقدم الهائل لوسائل التواصل والاتصال الحديثة بحاجة ملحة إلى عرض جديد بشكل جديد للمعتقدات والمفاهيم الدينية والأخلاقية؛ لينطلقوا نحو التغيير والإبداع، متسلحين بسلاح قوي من المعرفة والعلم في ظل هذه المتغيرات العالمية.
ولا يخفى أن انغلاق كثير من الدعوات المعتمدة على الأساليب التقليدية كانت سببا في إعراضهم عن الخطاب الديني، بل وعاملا في طريقهم إلى الإلحاد.
وغالبا ما ينظر للمهتمين بتجديد الخطاب الديني على أنهم فئة وقعت في فخ أعداء الدين، حيث وجهت لهم عدة اتهامات، منها العمل على تقديم خدمة للغرب على حساب ديننا ومصالح الأمة.
صحيح أن الدعوات للإصلاح جاءت في بعض الحالات من الغرب، فالغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر طالب كثير من ساسته ومفكريه بهذا التجديد؛ لأنه يساعد على تجفيف منابع العنف والإرهاب من وجهة نظرهم، ووجدوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر ما يكفي من الذرائع للمطالبة بتغيير مناهج التعليم، ومنها معاهد التعليم الشرعي.
ليس كل خطاب ديني على مستوى واحد من الانضباط بالأصول المنهجية وعلى مستوى واحد من الكفاءة والجَوْدة, ونرى كذلك بعض الحكومات العربية والإسلامية طالبت بتجديد الخطاب الديني بسبب أعمال العنف التي واجهتها في بلادها، وهناك تيارات أخرى غير دينية من مفكرين وإعلاميين طالبت كذلك بإدخال العديد من التطويرات في بِنْيَة الخطاب الديني.
وهناك أعداد لا يستهان بها كذلك من أهل الشريعة السنة والشيعة, تطالب هي الأخرى بتجديد الخطاب الديني على نحو ينسجم مع المفاهيم والأوضاع الجديدة التي أوجدتها العولمة، وأعظم أدواتها في العصر الحاضر شبكة الإنترنت.
ويرى هؤلاء العلماء أن الإصلاحات المصممة لمسايرة التطورات الهائلة التي تحدث من حيث كمية وتنوع المعلومات المتاحة ضرورية، وأن هذه الإصلاحات، خاصة في المجال الثقافي، تجعل الوقت مناسبا للإصلاح. من الحكمة الانتباه إلى هذه الأصوات، خاصة مع وتيرة الحياة الحديثة التي تغير بسرعة احتياجات وتوقعات الجمهور المتدين.
*د. محمد أبو النواعير دكتوراه في النظرية السياسية/ المدرسة السلوكية الأمريكية المعاصرة في السياسة
.................................
https://telegram.me/buratha