خالد جاسم الفرطوسي ||
قراءة سريعة في (٤) حلقات سلسلة وهن الإلحاد
هل مصدر الأخلاق هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؟
أم أن مصدرها العقل؟
أم الوجدان ؟
أم أن مصدرها المجتمع؟
أم هو غير ما تم ذكره؟
وهل الأخلاق نسبية؟ أم مطلقة؟
إن المراد بالنسبية هو أن الأخلاق يختلف حسنها وقبحها بالنسبة إلى الأزمنة والأمكنة والأفراد والأقوام.
والمراد من كونها مطلقة أنه لا يختلف حسنها وقبحها بحسب العوامل والممهدات أصلاً، وما يكون من الفضائل فهو فضيلة عند الكل في كل زمان ومكان وحالةٍ؛ وما يكون قبيحاً فقبحه كذلك.
أما الحديث عن مصدر الأخلاق وما يشهده الحال من تضارب في الأقوال، فهو ليس بالجديد، فالاختلاف في تحديد مصدرها كان منذ آلاف السنين وما زال مستمراً بين أصحاب العقائد السماوية والأرضية، بل حتى داخل من يعتنق العقيدة السماوية أنفسهم، أو داخل من يعتنق غيرها؛ وقد اختلفت الآراء والمذاهب في ذلك طرائق قددا.
ولما كان الحال هذا فأننا سنضطر إلى أن نستعرض آراء أثنين من القمم الشامخة ممن أركن إلى نتائج ما توصلوا إليه في هذا المبحث المهم مستنداً ومرتكزاً بالدليل، وهؤلاء هم كل من الشهيد مرتضى مطهري والشهيد السيد محمد باقر الصدر.
استقينا ما ذكره الأول منهم من كتابه فلسفة الأخلاق وكذلك من كتابه تحقيق نظرية نسبية الأخلاق، أما الثاني منهم رضوان الله عليه فلم نعثر له على كتاب مستقل يبحث في ذلك الموضوع، فكان أن استفدنا من مجموعة كتب مما خطته يراعه المباركة.
وقبل التطرق إلى بيان ما ذكره رضوان الله تعالى عليهما مصدراً للأخلاق، يتعين علينا أن نستعرض جزءاً من الآراء التي تتبنى معتقداً ما في مصدر الأخلاق، وبدون التعرض إلى نقدها أو إثباتها، هذا بعد أن نمر مروراً سريعاً حول أهمية وضرورة البحث عن مصدر الأخلاق ونسبيتها من إطلاقها.
تأتي أهمية البحث في هذا الموضوع لأسباب وعوامل عديدة، منها أنه من خلال معرفة مصدرها وإثباته بصورة علمية يمكن لنا بشكل ما أثبات صانع العالم ومبدعه، فنقول للملحد الذي لا يؤمن بشيء وراء المادة: ما الذي يجعل للأخلاق كل هذه القيمة الفردية والمجتمعية، هل هو الجسد المادي فقط؛ أم أن هناك شيء وراء المادة؟
من المؤكد أن كل ذي لبٍ رصين يذهب إلى شيء وراء المادة، وإلا فمن غير الممكن أن تكون القيمة الفردية والمجتمعية لها من وراء جسد مادي فقط..
مما يؤيد بالتالي عقيدة الإسلاميين في اتمام ما يرشدنا إليه الدليل المتقدم في أثبات واجب الوجود الذي يطول الحديث فيه، وهو هنا ليس لنا بمقصود، ناهيك عن الفوائد الأخلاقية التي يخلفها لنا البحث عن مصدرها.
ومنها أيضاً أننا لو قلنا أن الأخلاق تختلف باختلاف المجتمع؛ أي نسبيتها، فيكون المجتمع بذلك مصدراً لها؛ فحينها نقول أنه لا يمكن أن نعتبر الأخلاق علماً، وهذا خلاف الواقع العلمي والُمعاش، فقول القائل بنسبيتها من فرد لآخر أو من مجتمع لغيره، يشير إلى أنه لا توجد قواعد وأطر تحكم الأخلاق، وبهذا فهي ليست بعلم، ولما كان العلم والواقع يثبت عكس ذلك، فلا مناص من القول أن الأخلاق علم، وبهذا فهي مطلقة وليست نسبية.
وغير ذلك من الفوائد العديدة التي لا تخفى على كل ذي بصيرة.
والآن لنستعرض بعض تلك الآراء والاتجاهات المفسرة لمصدر الأخلاق ونسبيتها من إطلاقها، لنصل بصورة علمية ومنهجية لما هو مطلوب.
يتبع في حلقة أخرى...
ــــــ
https://telegram.me/buratha