خالد جاسم الفرطوسي||
الركن الثاني/ التغيير في الاهتمامات:
الاهتمامات: هي النشاطات التي يقوم بها الإنسان، والتي يهتم بأن يواظب على ممارستها دائماً، ويختارها بناءً على فكره واتجاهاته في الحياة، يقضي بها وقته وتعبر عن طموحاته وتطلعاته، مثلاً: رياضة، قراءة، تسوق، نشاط شبابي، علوم الكمبيوتر، زيارات...
فأن التغيير بعد أن لامس القيم والمبادئ، فأنه ينتقل نحو الاهتمامات فإذا تغيرت قيم الإنسان فقد تغيرت اهتماماته حيث إحداث الانتقال لدى الأفراد لابد أن يركن إلى تغيير الاهتمامات.
الركن الثالث/ التغيير في المواهب والمهارات:
المهارة/ هي القدرة في مجال ما أو أكثر.
أو هي الأعمال التي يتقنها ويحسنها كل منا ضمن رغباته وميوله، وما حُبب إلى نفسه، وهي الموهبة بعد أن يتقنها الشخص.
وبالتالي فعملية صقل هذه المهارات والمواهب هامة جداً لإجراء التغيير على النفس البشرية. قال أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك: {قيمة كل امرئ ما يحسن}.
ولتحصيل التغيير لابد من تغيير المهارات والتزود بكل المهارات والإمكانيات التي يمكن أن يحتاجها الإنسان في تحقيق طموحاته، فلا يمكن لشخص ما العمل في الجانب الدعوي الإسلامي على سبيل الفرض وهو لم يتزود بالجانب العقائدي والفقهي واللغوي والاجتماعي والسياسي ليستطيع مواكبة التقدم.
متى تكون الموهبة وحدها كافية؟
الجواب: الموهبة وحدها لا تكفي أبداً وإنما تحتاج إلى الأمور التالية:
1. الثقة ترتقي بموهبتك.
2. الشغف يحفز موهبتك.
3. المبادرة تنشط موهبتك.
4. التركيز يوجه موهبتك.
5. الاستعداد يضع موهبتك في الموضع الملائم.
6. التدريب ينمي موهبتك.
7. المثابرة(عدم الاستسلام) تحافظ على موهبتك.
8. الشجاعة تمتحن موهبتك.
9. قابلية التعلم توسع موهبتك.
10. العلاقات تؤثر على موهبتك.
11. المسؤولية تقوي موهبتك.
12. العمل الجماعي يضاعف موهبتك.
الركن الرابع/ التغيير في القدوات:
القدوة/ جاءت من كلمة اقتدى، أي سار خلف شيء ما، وجعله أمامه يدله على الطريق.
عند التفكر في أصول التغيير ينبعث إلينا ضرورة التغيير في القدوات.
والقدوة التي يقتدي بها الأفراد تعني الصورة التي يتعلق بها الإنسان ويرغب أن يحاكيها في سلوكها وتفكيرها.
ويطلق على هذه الطريقة في البرمجة اللغوية العصبية (النمذجة) أي أن الإنسان يصبح حبيس قدوته، فلأبأس من توجيه الناس نحو قدوات لها الإنجازات الكبيرة في الماضي والحاضر والمستقبل، فصناعة التغيير تبحث في تغيير وإيجاد القدوات المتميزين.
الركن الخامس/ التغيير في العلاقات:
إن تغيير العلاقات التي تكون في حياة الإنسان، هي أساس لتغيير شخصيته، فاكتساب سلوك معين أو خلق ما، يتأثر كثيراً بالدائرة التي حولك، وهذا التأثير يزيد إذا لم يكن عند الشخص حصانة تربى عليها على أي مبادئ وقيم زرعها فيه الأهل منذ الصغر.
يقول أمير المؤمنين في الإشارة إلى أهمية ذلك:
يقاس المرء بالمرء إذا ما هو ماشاه
وللمرء على المرء مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب دليل حين يلقاه
وفي العين غنىً للعين أن تنطق أفواه
وفي شعر آخر قال عليه السلام:
واختر قرينك واصطفيه تفاخراً
أن القرين إلى المقارن ينسب.
عناصر التغيير:
لكي تكون عملية التغيير ناجحة وفاعلة فلابد من أن لا نغفل عن عناصر التغيير ، وسيتبين أهمية هذه العناصر بصورة موجزة لما يتطلبه المقام:
1ـ الإمكانيات.
2ـ القدرات.
3ـ الفرص.
4ـ الإرادة.
هذا مجمل عناصر التغيير غير أن الإرادة الثابتة في التغيير هي الأهم والأجدر في إنجاح أي محاولة للتغيير، فبدون الإرادة ومع توفر باقي المقومات لا يمكن النجاح، وعليه سوف ندخل بتفاصيل دقيقة في ذلك.
العنصر الأول: الإمكانيات/ وهي الحاجات التي تكتسبها أنت.
وفي اللغة، الوسائل التي تحت التصرف أو الطاقات التي يمكن الاستفادة منها.
العنصر الثاني: القدرات/ وهي التي خلقنا الله وزودنا بها كإنسان. وفي اللغة: القوة على الشيء والتمكن منه.
العنصر الثالث: الفرص/ ونقصد بها هنا أي منفعة ذات قيمة مادية أو معنوية تحقق فائدة.
(لكي تربح العمر استثمر الفرص).
هذه أفضل قاعدة يمكن إن تُنجح الإنسان في الحياة، ولكن ماهي الفرص التي يجب إن نستثمرها؟
إن قيمة كل الفرص في الحياة تنشأ من قيمة فرصة العمر نفسه، فالذي يدرك قيمة هذه الفرصة الكبيرة يمكن أن يستثمر بقية الفرص التي تتاح له خلال الحياة، والذي لا يدرك قيمتها لا يملك أن يستثمر باقي الفرص، وهذا أمر طبيعي لأن الذي لا يدرك قيمة الشيء لا يهتم به والذي لا يهتم بالشيء لا يستثمره.
وقيمة العمر تأتي من نقطة واحدة هي: (العمل)، فعمر الإنسان بما أنه يتيح له إمكانية العمل فهو ذو قيمة كبيرة جداً، ولو جردنا العمر من هذه القيمة أي: لو أصبح هنالك إنسان لا يستطيع أن يعمل في الحياة فلا يستطيع أن يفكر ولا يكتب ولا يعمل مثلاً، فإن مثل هذا الإنسان لا قيمة لحياته أبداً، فالحياة والموت بالنسبة إليه سواء.
والآن لابد أن نعرف نقطتين:
الأولى: إن الدنيا مزرعة الآخرة وأن كافة الطاقات والإمكانيات المسخرة للإنسان يجب أن تستثمر في مجال الاستفادة منها للدنيا وللآخرة معاً.
الثانية: إن الدنيا زائلة، ولذلك فأن اللازم على الإنسان أن لا يسمح بمرور لحظة واحدة من عمره بدون استثمار أخروي، لأن كل لحظة عمل هنا يقابلها نتيجة في الآخرة، وإلى هذه الحقيقة يشير الرسول الاكرم (ص) بقوله: يا بن مسعود: اغتنم حياتك قبل مماتك.
ولأن الحياة زائلة فإن الفرص المتاحة فيها هي الأخرى زائلة.
يقول أمير المؤمنين (ع): (الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير).
ويقول أيضاً (ع): (الفرصة سريعة الفوت وبطيئة العود).
{سئل الإمام الهادي (ع): ما هو الحزم؟
فقال: هو أن تنتهز فرصتك وتعجل ما أمكنك}.
والذي يضيع الفرص لا يحصد إلا الندم.
يقول الإمام علي (ع): (إضاعة الفرصة غصة).
والسؤال الآن هو: ما هي الفرص التي يجب أن يستثمرها الإنسان في حياته؟
والجواب: الفرص كثيرة في الحياة غير أن أهم الفرص بعد فرصة الحياة الكبرى تتمثل في وصية الرسول الاكرم (ص) إلى أبي ذر التي يقول فيها: يا أبا ذر اغتنم خمساً قبل خمس:
1. شبابك قبل هرمك.
2. وصحتك قبل سقمك.
3. وفراغك قبل شغلك.
4. وغناك قبل فقرك.
5. وحياتك قبل موتك.
والواقع: إن أهم فرصة بعد فرصة الحياة هي: فرصة الشباب وبالرغم من أن هذه الفرصة هي جزء من فرصة الحياة الكبرى، إلا أنها تعتبر صفوة حياة الإنسان، فهي من جهة تحتوي على كل عناصر الفرص الأخرى من الفراغ والقوة والنشاط ومن جهة أخرى فأن موقف الإنسان من هذه الفرصة يحدد شكل حياته في المستقل.
والسؤال الآن هو: هل هناك طريقة للشعور بقيمة النعم التي يتمتع بها الإنسان ؟
الجواب: هناك طريقة بسيطة هي أن تتأمل حالة أولئك الاشخاص الذين يفقدون هذه النعمة، فلكي تشعر بنعمة الصحة أذهب إلى أحد المستشفيات لترى ماذا يجري على المرضى هناك؟ ولكي تشعر بنعمة العقل والسمع والبصر، وبقيمة النعم التي تفضل بها الله عليك لاحظ: كيف حال من يفقد هذه النعم؟
هكذا بالنسبة لنعمة الشباب لكي تدرك قيمة هذه النعمة أنظر إلى ذلك الشيخ الهرم الذي يشكو من الضعف الجسدي والنفسي وانهيار القوى، الخ ... ثم قل من أعماق قلبك: الحمد لله رب العالمين.
يتبع...
https://telegram.me/buratha