دراسات

مفهوم الاقتصاد الاسلامي عند الشهيد الصدر

3159 2019-04-09

علي عبد سلمان

 

بعض المفاهيم العلمية قد يكون لها معنى محدد واضح مستقر ومتفق عليه بين المتخصصين في علم ما، كالاصطلاحات التي لها معاني محددة. وبعض المفاهيم قد لا يكون هناك اتفاق بين المتخصصين حول معناه، بحيث يفهم كل واحد منهم معنى مختلفاً.

وقد كان الإمام الصدر دقيقاً وواضحاً في تحديد المفاهيم التي استخدمها.

إذ أشار إلى أن بعض المفاهيم حملت شحنة تاريخية من مجتمعات أخرى، وتطبيقها على واقعنا يؤدي إلى مسخ الحقائق وتشويهها. كما أن بعض المفاهيم حمل شحنة ايديولوجية بشكل مستتر أو بشكل ضمني غير واضح، لذلك لا بد للباحث أن يدقق في معاني المفاهيم، وان لا يستخدم المفهوم في غير معناه الذي وضع له.

في هذا الصدد يقول الإمام الصدر: «وبودي أن أقول هنا وفي المقدمة شيئاً عن كلمة «اقتصادنا» وما اعنيه بهذه الكلمة حين أطلقها؛ لأن كلمة الاقتصاد ذات تاريخ طويل في التفكير الإنساني. وقد اكسبها ذلك شيئاً من الغموض نتيجة للمعاني التي مرت بها. وللازدواج في مدلولها بين الجانب العلمي من الاقتصاد والجانب المذهبي. فحين نريد أن نعرّف مدلول الاقتصاد الإسلامي بالضبط، يجب أن نميّز علم الاقتصاد عن المذاهب الاقتصادي. لننتهي من ذلك إلى تحديد المقصود من (الاقتصاد الاسلامي)».

هنا يحاول الشهيد الصدر ان يزيل الغموض والالتباس فيعرف علم الاقتصاد تعريفاً دقيقاً واضحاً ثم يعرّف المذهب الاقتصادي فيقول: علم الاقتصاد: هو العلم الذي يتناول تفسير الحياة الاقتصادية وأحداثها وظواهرها، وربط تلك الاحداث والظواهر بالاسباب والعوامل العامة التي تتحكم فيها.

وأما المذهب الاقتصادي: فهو عبارة عن الطريقة التي يفضل المجتمع اتباعها في حياته الاقتصادية، وحل مشاكله العملية.

ويستمر في تعريف كلمة «الاقتصاد الإسلامي» فيقول: «.. نحن حين نطلق كلمة الاقتصاد الإسلامي لا نعني بذلك علم الاقتصاد السياسي مباشرة، لان هذا العلم حديث الولادة نسبياً، ولأن الإسلام دين دعوة، ومنهج حياة، وليس من وظيفته الآلية ممارسة البحوث العلمية. وإنما نعني بـ «الاقتصاد الإسلامي» المذهب الاقتصادي للإسلام الذي تتجسد فيه الطرقة الإسلامية في تنظيم الحياة الاقتصادية بما يملك هذا المذهب ويدل عليه من رصيد فكري.

إن وظيفة العلم لا تقتصر على الوصف والتقرير فقط. فالعلم يهدف إلى فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية. اما عملية تغيير الواقع وتقويمه بالمقاييس الأخلاقية فليست من العلم في شيء. إنها ترتبط بالمذهب الاقتصادي. وعلى الباحث أن يكون حذراً في استخدام المفاهيم وتعريفها. فقد تكتسب المفاهيم مدلولات جديدة.

«..فالكلمة حتى إذا كانت محتفظة بمعناها اللغوي الأصيل على مر الزمن، قد تصبح خلال ملابسات اجتماعية معينة، بين ملدولها فكر خاص أو سلوك معين، مشروطة بذلك الفكر أو السلوك حتى ليطغى أحيانا مدلولها السيكولوجي على معناها اللغوي الأصيل».

البعد الإنساني في الاقتصاد الإسلامي

وهناك نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها وهي أن الإسلام لا يكتفي بالجانب الموضوعي في تنظيم الحياة الاقتصادية، إنما يهتم بالعنصر الروحي والفكري، أو بتعبير آخر البعد الأخلاقي أو البعد الإنساني.

وكما يقول السيد الصدر «هناك المزاج النفسي العام للمجتمع الإسلامي. وهذا لا يدخل في الحساب العلمي. لان هذا المزاج ليس شيئاً مادياً له درجة محدودة أو صيغة معينة، يمكن أن تفترض مسبقاً وتقام على أساسها النظريات العلمية»([5]).

«فعلم الاقتصاد الإسلامي لا يمكن أن يولد ولادة حقيقية، إلا إذا جسّد هذا الاقتصاد في كيان المجتمع، بجذوره ومعالمه وتفاصيله، ودرست الأحداث والتجارب الاقتصادية التي يمر بها دراسة منظمة».

ومالم يتجسد الاقتصاد الإسلامي في مجتمع معين، ولم يطبق في الحياة الواقعية، لا يمكن وضع علم الاقتصاد الإسلامي. إذ إن العلم لا ينشأ من فراغ، والنظريات العلمية لا تصاغ على أسس افتراضية، بل يجب أن تؤخذ من الواقع المحسوس. والموضوعية في البحث تتطلب أن نقبل الواقع كما هو، وان نبني على أساس تحليل ما هو موجود، لا على ما عندنا من أفكار ودراسات أو أجزاء من دراسات او فروض او نظريات مسبقة. انما يجب ان تنطلق النظرية بالاستقراء العلمي وبالطريقة التجريبية من الواقع الذي نعيشه، وندرس ذلك الواقع دراسة منهجية ثم تصاغ الفكرة صياغة علمية. وذلك بملاحظة الظواهر الاجتماعية ملاحظة دقيقة والسير في البحث خطوة خطوة حتى تنتهي بالقوانين التي تفسر الظواهر الاقتصادية والاجتماعية. والعلم يشمل كل نظرية تفسر واقعاً من الحياة الاقتصادية بصورة منفصلة عن فكرة مسبقة او مثل اعلى للعدالة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك