لازال النشاط المصرفي العراقي الخاص يراوح مكانه منذ السماح للقطاع الخاص بممارسة العمل المصرفي قي بداية عقد التسعينات, أما النشاط المصرفي الحكومي فهو يتمركز وبشكل رئيسي بعد عام 2003 في تيسير عمليات الدفع الحكومي المالية الواسعة للمتقاعدين والمهجرين ومن ذوي الشهداء والأرامل وغيرها التي تلبي حاجة الحكومة الى قناة مالية للفئات والشرائح المحرومة المجتمعية المختلفة والذي يتلاءم مع الوضع الخاص للدولة العراقية بعد عام 2003.
وهذا دور استثنائي وكبير والذي يبقى من النشاط المصرفي هو بعض الخدمات المصرفية التقليدية, ومن الأهمية بالنسبة التي يشكلها النشاط المصرفي من الناتج القومي الإجمالي وهي 10%.
نستنتج إن الإقتصاد العراقي هو إقتصاد غير إئتماني بل هو إقتصاد المدفوعات النقدية المباشرة وفي ذلك مؤشر خطير في عدم تدوير المدفوعات النقدية المباشرة بفعل النشاط الائتماني ومضاعف الائتمان. والسؤال المطروح «هل المصارف العراقية الخاصة والعامة هي جاذبة أو طاردة للفائض من هذه المدفوعات ومن المدفوعات الأخرى.
والجواب يتوضح من النسبة الضئيلة من مساهمتها في الناتج القومي الإجمالي, إن المكانة الحقيقية للجهاز المصرفي هو كالشريان الذي يتواجد في الجسم الاقتصادي العراقي أي مقياس فاعلية النشاط المصرفي العراقي في مقدار الدعم اللوجستي الذي تقدمه للنشاط الاقتصادي الحكومي والخاص, ومن الأهمية الأقتصادية العمل على رفع نسبة النشاط المصرفي من الناتج القومي الإجمالي كهدف رئيس للسياسة المصرفية المفترض بناؤها في العراق.
وهنا الكيفية التي يمكن الولوج بها الى هذا الهدف من خلال مصطلح النفاذية المالية والتي تعني وصول التعامل المصرفي للشرائح الفقيرة وخاصة تلك الفئات غير المنظورة وغير المشمولة بشبكة الضمان الاجتماعي وهو الأمر الذي سيقلب الحياة الاقتصادية العراقية, بالإضافة الى الشرائح الأخرى كالشرائح المتوسطة بدلاً من اقتصارها على الشرائح العالية الدخل, وهي شرائح محدودة في حين إن الشرائح المحدودة الدخل هي شرائح سكانية واسعة وطاقات سكانية هائلة.
والمقصود هنا بالنفاذية المالية ليس بديلاً عن شبكة الحماية الاجتماعية بل هو نشاط اقتصادي مصرفي لبلوغ تلك الفئات , وجعلهم في إطار النشاط الإقتصادي مما سيلبي حاجاتهم المالية والمعيشية.
وبطبيعة الحال فإن ذلك يتعلق بتحسين البيئة المصرفية أي مدى تعامل الجمهور مع المصارف الخاصة والعامة عن طريق زيادة العمق المصرفي أي حصة الفرع المصرفي لكل ألف نسمة وبالتالي توسيع الرقعة الجغرافية المصرفية وبلوغها جميع المحافظات والأقضية والنواحي بدلاً من الاعتماد على المصارف ذات الجانب المناطقي ومن ثم دخول العمل المصرفي الى الجامعات وما يترتب على ذلك من الأعمال المشتركة.
والجانب الثاني تحسين نوعية الخدمات المصرفية ودخول المصارف الخاصة والعامة المجال الاستثماري عن طريق ما يعرف بالائتمان ألإيجاري أي تأجير المشاريع والمعامل والمكائن بعد شرائها من تلك المصارف الى القطاع الخاص, وهذا يتطلب استعدادا لدى المصارف من أجل هيكلة حقيقية في إعادة تغيير هياكلها التنظيمية من حيازة وتملك واندماج وتغيير في أهدافها في التحول من الربحية القصيرة الأمد الى الربحية المتوسطة الأمد والبعيدة الأمد , بالإضافة الى تأسيس مؤسسة مصرفية ضامنة تأخذ مصلحة المودعين والمقرضين في لأن واحد وليس طرفاً معيناً فقط.
37/5/13815
https://telegram.me/buratha