د. حسين القاصد ||
هذا الكتاب
جدلية الوردة والرصاصة ظلت تهيمن على معجم الشاعر العربي، فليس للوردة أن تحمل معناها النسقي الجميل إلا حين تموت/ تقطف ، وهو حب الامتلاك ثم " يهب الأمير ما لا يملك" فزراعة الورد ليست كقطافها، ولم نسمع بحبيب زرع لحبيبته شجرة ورد؛ فكل الذي نراه ونطرب له هو أن يقوم الحبيب بإهداء حبيبته وردةً كان قد قطع عنقها؛ وهنا نتذكر قول الحجاج بن يوسف الثقفي:( أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها)، ويبدو أن ذنب تلك الرؤوس هو أنها أينعت بالفكرة فصار يجب أن تقطع، وهو تجميل خطير للعنف قامت به اللغة بخيانة المعنى لخدمة المتكلم.
وقل مثل ذلك عن بيت المتنبي:
نثرتهمُ فوق الأحيدب مثلما
نُثرت على رأس العروس الدراهمُ
صورة وحشية جدا في حفلة عرس من اجتراحات الشاعر، وإلا فهي حفلة دم، بغض النظر عن هوية المنثورة رؤوسهم؛ فعدوانية اللغة هنا أخطر من وقع السيوف على أعناق الخصوم.
تأثيث الخراب ووأد أنساق الجمال هو عنوان هذا الكتاب الذي يضم دراسات ومقالات عدة، كتبت في أوقات متفرقة ونشر بعضها في المجلات والصحف، وبعضها يظهر هنا في الكتاب للمرة الأولى؛ وهي في مجموعها تمثل رصداً لأنساق ثقافية، بعضها صارت قوانين ثقافية وأطراً وقوالب لمن يود ممارسة الفعل الإبداعي.
وكي لا يستتب تأثيث الخراب ويبقى محبباً، كما هو عليه الآن، أضع بين يديك عزيزي القارئ الكريم هذا الكتاب ، كي يعرف كل مبدع نصيبه مما أرتكب أو أبدع. ورحم الله أبا الطيب حين قال:
نصيبُك في حياتك من حبيبٍ
نصيبُك في منامك من خيالِ