إلى كل الشرفاء الذين اضطهدوا وسجنوا وأبيدوا على أيدى أجهزة القمع الصدامية .. إلى شموس العراق الذين يقارعون أعتى العصابات الظلامية على ترابه المقدس.. إلى العراق الغالي أهدي هذه القصيده:
لكم في مهجتي ذكر حميدُ
كموج البحر ليس له حدودُ
وفي الذكرى مواساة ودفقٌ
كدفق النبع يصحبه البرودُ
وتلك الذكريات أسرن قلبي
صداها في شراييني شديدُ
كبرنا والضنى يحصي خطانا
وفي أحداقنا حزنٌ وطيدُ
حراب الغدر جالت في دمانا
ومن أوجاعها ضج الوجود
شربنا من كؤوس القهر سيلا
كأنا في أراضينا عبيدُ
حروبٌ شنها السفاحُ لهوا
وصار المعدمون لها وقودُ
مسوخ الأرض تجري للعطايا
وفود المدح تتبعها وفودُ
وأطفالُ العراق تبيت غرثى
وعيش المتخمين هو الرغيدُ
ضحايا تستغيثُ ولا مجيرٌ
وحفلٌ كلً يوم ثم عيدُ
ورعبٌ تنفر الغيلانُ منه
وربُ البيت جزارٌ عنيدُ
تعالى واستخف الناس دهرا
عتلٌ غادرٌ وغدٌ حقودُ
وسبًحً باسمه نذلٌ وضيعٌ
ولله التعبدُ والسجودُ
شعارات ٌ ضخامٌ أرهقتنا
وبان خواؤهن وهن سودُ
غواياتٌ وظلمٌ وانتهاكٌ
وقضبان السجون لها شهودُ
وفي جوف الثرى كم من شهيد
تحدى القيد غايته الخلودُ
أراملُ قد ملأن الأرض نوحا
وأيتامٌ جموعهمُ تزيدُ
ولم تغفو جراح الشعب يوما
يذوبُ الصخر منها والحديدُ
وشُرٍدَت الجموعُ بكل فجٍ
ولم تبدو لمحنتها حدودُ
قصورٌ من دماء الشعب شٍيْدتْ
وكم ظلت بلا مأوى حشودُ
قلاعٌ للصمود غدونَ وهماً
وأعراسٌ وميلادٌ فريدُ
وأمٌ للمهالك أحرقتنا
وجلاد العراق هو السعيدُ
وفي الأرجاء أبواقٌ تدوًي
جحافلنا ستفعلُ ماتريدُ
(إذا بلغ الفطام لنا صبيٌ)1
تداعت فارسٌ وهًوًتْ يهودُ !
ولكن الحقيقة قد تجلتْ
سرى الطوفان وانهارت سدودُ
(عبيدٌ للأجانب هم ولكن
على أبناء جلدتهم أسودُ ) 2
وصار الفارس المغوار فأرا
تلاشى الطود والمجد التليدُ
كبيت العنكبوت أتتهُ ريحٌ
فلا حصنٌ ولا قصرٌ مشيدُ
شرارٌ ضيعونا في المنافي
لنا في كل أصقاع وجودُ
نصالُ الغادرين بنا كثارُ
وقالوا إنه العزمُ الأكيدُ
يحلُ دماءنا جارٌ قريبٌ
ويشفينا من الجرح البعيدُ
سهامٌ أطلقوها واستطابوا
وخلف السهم شيطان مريد ُ
وظلوا يرقصون بلا حياءٍ
وبأس الله للباغي شديدُ
رعاك الله يامهد المعالي
ويزهو حين يذكرك الوجودُ
أسودٌ الحشدِ صنّاعٌ لفجرٍ
وفي أوصالهم تغلي الرعودُ
لهم في كل معترك زئيرٌ
وبالأرواح أنفسهم تجودُ
دماؤهمٌ على البطحاء مسكٌ
وكل الشعب شيمته الصمودُ
عشقتك ياعراق الطهر طفلا
فأنت النبعُ والأمُ الولودُ
وروحي عرشت فيها المنافي
يهزُ سكونها نايٌ بعيدُ
وبعد ٌ هاهنا يكوي ضلوعي
لأني في مجاهله وحيدُ
وتزحف هذه السبعون نحوي
ومن أوجاعها شاب الوليدُ
أمنَي النفس بالآمال دوما
وتسألني الحروف متى أعود ؟
فكم أرختُ وجدي في سطوري
وإن غطى مسافاتي الجليدُ
لعلً الغيث يأتي بعد قفرٍ
عسى في موطني يخضرُّ عودُ
صباحاتٌ أحن إلى سناها
هي الأبهى وفي فمي النشيدُ
وبي توق إلى أرضي وناسي
وعن هذا التوحد لاأحيد
لئن حل الظلام وساد دهرا
سيعلو في الفضا فجرٌ جديدُ
عراق الخصب لن تغدو رمادا
وحاشى أن تقاويك القرودُ
فقامات النخيل بها اصطبار
يهاب شموخها الخصمُ اللّدودُ
وإن جالت بعينيك الرزايا
غدا تنمو السنابل والورودُ
سلاما ياعراق الخير دوما
وحيًتكَ الملائكُ ياشهيد.ُ
إشاره:
1- الشطر الأول تضمين من قصيدة للشاعر عمرو بن كلثوم.
2- البيت تضمين من قصيدة للشاعر العراقي معروف عبد الغني الرصافي.
https://telegram.me/buratha