نعيم الهاشمي الخفاجي ||
أنا شخصيا عانيت من ظلم صدام الجرذ، وعشت لاجئاً في المعتقدات والمخيمات، واعرف مآسي اللاجئين، واوضاعهم المأساوية، ويفترض توفير الحماية لكل لاجئ يهرب من بلده من الظلم، بل حتى القبائل العربية سابقا كانت تحمي من يلجأ إليها، رحم الله جدي والد والدتي رحمها الله خليف راضي الهاشمي الخفاجي، بحقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، الإنكليز صنعوا لنا نظام اقطاعي لشيوخ دعمتهم بريطانيا للتسلط على رقاب الفلاحين، أحد الإقطاعيين حاول أن يسيء لجدي رحمه الله لكن جدي رد عليه بعنف، ولم يكن أمامه سوى الهرب من أرياف قضاء الحي إلى قضاء الصويرة، وطلب لجوء لدى الأمير الحاج العادل النزيه الشريف المؤمن أمير قبيلة زبيد الحاج مزهر السمرمد، وبقي يتنقل مابين عشائر قبيلة زبيد، وسكن في أراضي آل بطيخ احد شيوخ شمر في العزيزية، ولدى أراضي آل ملا طلال أيضا شيوخ من شيوخ شمر، شيخ قبيلة زبيد قبل تسعين سنة اعطى إلى جدي حق لجوء سياسي، لذلك يفترض نحن بهذا الزمان أيضا تقوم دولنا في احتضان اللاجئين ورعايتهم، وعدم تركهم ليكونوا أدوات لدى مشاريع الدول الاستعمارية.
قضية إيواء اللاجئين العرب حق إنساني واخلاقي، واكرام اللاجئين يفترض يكون لهم كرم خاص، وخاصة نحن عرب ومن سمات العربي إكرام الضيف وحمايته.
هرب ملايين السوريين في اتجاه لبنان والاردن والعراق وتركيا، ومن مناطق سيطرت عليها جماعات تكفيرية للتنظيمات القاعدية والداعشية، بعد سيطرت القوات السورية على معاقل كثيرة للقوى الارهابية، هربت أعداد كبيرة من القوى الإرهابية إلى العراق ولبنان، وجود أعداد كبيرة من أنصار القوى الإرهابية ضمن ملايين اللاجئين يهيء ارضية لتسلل قوى تكفيرية بين هؤلاء لإرباك الوضع الأمني بالعراق ولبنان بشكل خاص.
الوضع اللبناني تحكمه طوائف، لذلك وجود مليون سوري في لبنان يثير خوف المكون المسيحي من تغير التركيبة الديمغرافية اللبنانية، لذلك قضية وجود مليون سوري لاجئ في لبنان، تكون بارزة في الخطابات والتصريحات لمعظم المسؤولين اللبنانيين من مختلف الاتجاهات والأحزاب السياسية، بالقول أنّ أزمة النازحين السوريين المتفاقمة باتت تشكّل تهديداً وجودياً للبنان، نظراً لحجم مضاعفاتها الأمنية والسياسية والاقتصادية والديموغرافية.
قائد الجيش العماد جوزف عون، وهو من المكون المسيحي اللبناني، أدلى بتصريحات، حول قضية اللاجئين، بعد لقائه وفد نقابة الصحافة اللبنانية،كذلك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تطرق لقضية ازمة وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في لبنان وبظل الوضع الاقتصادي اللبناني السيء.
ليومنا هذا، هناك عمليات نزوح من سوريا في اتجاه لبنان، لذلك هناك عمليات يقوم بها الجيش اللبناني، لتعزيز أمن الحدود مع سوريا، في محاولة لوقف دخول آلاف السوريين عبر الحدود الشرقية والشمالية اللبنانية.
العماد جوزف عون، قائد الجيش اللبناني، قال تمكّنت قواتنا المسلحة من وقف حوالي 85 % من الشباب السوريين الذين يحاولون عبور الحدود بطريقة غير شرعية. وبناءً عليه، فإنّ ما لا يقلّ عن 15 % منهم، أي بين 1000 و 2000، يتمكنون من دخول الأراضي اللبنانية شهرياً، لينضموا لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري مقيمين في غالبية المحافظات اللبنانية.
ملف اللاجئين يستفيد منه الكثير من الساسة في تضخم اموالهم، من خلال المساعدات الدولية، ولنا بقضية دخول داعش للعراق وهروب مليون عراقي من ابناء الاقليات في الموصل وشمال تكريت وفي كركوك وبعض مناطق ديالى، الحكومة العراقية خصصت مليارين دولار لمساعدة النازحين، سلمت إلى الزعيم السني العراقي المتخصص في الخدمات بمجال العقارات الرفيق صالح المطلك، وحسب التقارير الخبرية، بوقتها، الرفيق خمط من المبلغ مليار دولار، هيئة النزاهة فتحت ملف فساد الهجرة وأرسلت على مسؤولين بالوزارة سابقين، ننتظر تحقيقات هيئة النزاهة حول ملف السرقات قريبا، ربما رفيق صالح المطلك يكون متهم بريء، النزاهة هي صاحبة القرار الصحيح الذي يكشف حقيقة سرقات أموال النازحين.
في لبنان، أكيد ملف السرقات موجود حول سرقة أموال المساعدات المخصصة إلى النازحين السوريين، الكثير من الساسة الفاسدين في لبنان والمتخصصين في جمع الثروات من المساعدات الدولية، عبر جمعيات يديرونها بشكل غير مباشر، وخاصة المساعدات الخليجية التي تذهب إلى منظمات محسوبة عليهم ايدولوجيا، بالتأكيد يقوم هؤلاء الفاسدين بسرقة أموال الأطفال والنساء المشردين.
هناك مصالح دولية استعمارية لابقاء الإرهاب في سوريا والعراق ولبنان، وإبقاء ملايين السوريين مشردين بدول الجوار أو داخل الأرض السورية، ولو دول العالم فعلا جادة بمحاربة الإرهاب، لمكنوا الدولة السورية في إعادة السيطرة على البؤر التي تنشط بها العصابات القاعدية الداعشية، يمكن للدول الكبرى تمكين الدولة السورية، من خلال بسط الدولة السورية سلطتها على كافة التراب السوري مع إرسال مراقبين دوليين للإشراف على ذلك، مهمتهم مراقبة تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين السوريين، مخيم ابي الهول يضم عشرات آلاف من الإرهابيين العراقيين من قيادات القاعدة وداعش الذين هربوا من الجيش العراقي والقوات الأمنية العراقية الاخرى، في عمليات تحرير الموصل وتكريت وغرب الانبار من داعش إلى المخيم المحمي من قوات التحالف الغربي، بحيث داخل المخيم تناكحوا وازداد نسبة ولادات الاطفال، بحيث أصبحت أعداد الأطفال عشرات آلاف، لايخفى على اي متابع الأطفال يكونون هدف سهل لرؤوس القوى الإرهابية بالمخيمات، وتكون المخيمات مكان لتدريس الأطفال الفكر المتطرف بظل بيئة لاتخضع للسلطة، وإنما تكون سلطة إدارة المخيم تحت سيطرة القوى الارهابية.
وجود ملايين اللاجئين السوريين بالعراق ولبنان وبظل وجود تهديد من قبل التنظيمات الارهابية، ربما في حالة وقوع حدث أمني ووجود آلاف الإرهابيين من أنصار القاعدة وداعش بين صفوف النازحين، هؤلاء يظهرون بشكل سريع ويسهمون في إرباك الوضع الأمني بالعراق ولبنان.
وزارة الداخلية العراقية أعلنت وجود ٣٠٠٠٠٠ سوري غير مسجلين منتشرين في بغداد والمحافظات العراقية الاخرى، يفترض بالسلطات العراقية تقوم في تسجيل أسماء جميع السوريين والعمالة الغير شرعيين القادمين من دول جنوب شرق آسيا للعمل بالعراق، ويجب أن تكون لديهم إقامات عمل شرعية، أو هويات من مكاتب الأمم المتحدة بصفة لاجئين، ووضعية طالبي اللجوء توجد معسكرات يسكنون بها، وليس يتم تركهم للتنقل من شمال العراق إلى جنوبه، هذا التصرف خاطىء، ويشكل خطر أمني على ابناء الشعب العراقي، نحن لازلنا نتعرض لعمليات القوى التكفيرية، المطلوب من الدولة العراقية ومن وزارة الداخلية العراقية وضع حد لوجود مئات آلاف الأشخاص الذين ليست لديهم اقامات عمل رسمية صادرة من وزارة الداخلية العراقية.
قضية وجود ٣٠٠٠٠٠ الف سوري نازح قضية إنسانية فيجب عمل لهم مخيمات في الإقليم الكوردي برعاية الأمم المتحدة، وعلى الأمم المتحدة تقع مسؤولية إعادة توطينهم بدول العالم ومنحهم مساعدات وفتح مدارس وجامعات لتعليمهم وخاصة منظمات الأمم المتحدة تملك برامج تعليمية، وجود اللاجئين في معسكرات، يمكن مكاتب الأمم المتحدة في فتح ملفات لهم وعرضهم على الوفود الدولية القادمة من كل دول العالم لإعادة توطينهم ومنحهم حق لجوء سياسي أو إنساني، أو قدوم دول مثل استراليا لاخذ كل الخريجين من كليات ومعاهد الزراعة للعمل في استراليا أو في كندا كمهاجرين.
أنّ وجود مئات آلاف الناس من لاجئين وعمالة آسيويين، منتشرين في المحافظات العراقية بدون تنظيم، بلا شك وجود هذه الاعداد الكبيرة بدون وجود معلومات عنهم وعن كيفية مجيئهم، يشكّل ساحة خصبة لتسلل خلايا استخباراتية عالمية أو لعصابات القاعدة وداعش و كذلك تجند المخابرات الإقليمية والدولية، عملاء ووكلاء، لتنفيذ عمليات اغتيال أو تفجير، من أجل إثارة النعرات الطائفية وإشعال الساحة الداخلية العراقية والبنانية والتركية بصراعات داخلية.
إمكانية استغلال المجموعات الإرهابية مثل القاعدة و داعش لعمليات النزوح، لزرع عناصرها وخلاياها النائمة في المخيمات، احتمال وارد وحقيقي، سبق أن نجحت عصابات القاعدة وداعش بذلك سابقاً في مخيمات عرسال، وبحسب تقارير المخابرات اللبنانية، لا تزال هذه المجموعات تحاول زرع خلايا لها في هذه المخيمات.
وكذلك القوات الأمنية العراقية اعتقلت أعضاء للقاعدة وداعش في مخيمات لاجئين في كربلاء والنجف وبغداد نفذوا عمليات ارهابية، وعلى صلة مع رؤوس ارهابية، لذلك لايمكن ترك مئات آلاف اللاجئين القادمين من إمكان سيطرت عليها القاعدة وداعش بدون فتح لهم بيانات تعريفية، ويمكن للدولة العراقية من خلال هذه البيانات مطابقت ذلك مع قوائم العناصر الإرهابية المطلوبين من الدول المجاورة.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
25/9/2023
https://telegram.me/buratha