سوريا - لبنان - فلسطين

هل تُصلِح التسويات، بعد الإنهيار، ما أفسدهُ اللصوص والتُجَار؟


 

  د.اسماعيل النجار ||

 

سؤال وجيهٌ يحتاج إلى تفكيرٍ عميق جداً،وجواب مُقنع، لكي يكون بمستوىَ آمال اللبنانيين، الذين ينتظرون على حفافي القبور، قبل دفنهم أحياء.

كنَّا نسمع أهلنا دائماً يقولون :

 "لَن يُصلِح العطار ما أفسدهُ الدَهر"

ولكن، نستطيع اليوم أن نؤكد أننا، كلبنانيين، نستطيع أن نُصلِح ما أفسدهُ السياسيون، وبكل هدوء وبساطة، حتى إننا لَن نكون بحاجة إلى رفع نبرة الصوت أو بذل أي جُهد، كُل ما في الأمر أننا نحتاج إلى إقران أمرين مهمين بداخلنا وفي رؤوسنا وعقولنا  أحدهما بالآخر، لكي ننجَح بالوصول إلى مبتغانا في الإصلاح، ونُحقق الهدف المنشود.

الوعي + الإرادة = النجاح.

وأي واحدة منهما دون الأُخرَىَ لا تفي بالغرض.

فإذا وَعَينا جيداً وأدركنا تماماً أسباب سقوطنا في الهاوية، وإفقارنا وإذلالنا، وكيف نُهِبَت مقدراتنا الفردية التي تشكل جَنَى أعمارنا،نكون قد حدَّدنا الثغرات والمسببين والفاعلين، وأماكن تمركزهم والأدوات التي استخدموها حتى أوصلونا لما نحن فيه.

حينها، لا يبقى علينا إلَّا السير بهدوء وإنتظام، وثقة عالية بالنفس مُجَرَّدين من العاطفة والتِبَعِيَة، ونقف خلف السِتارة متحررين من أيَّة التزاماتٍ أو قيود، كاتبين بأقلامنا أول سطر من مستقبل لبنان الجديد، بِ "لا" مَدوِّيَة، للُّصوص والسارقين وأرباب الطائفية والمذهبية والمحاصصة والأمن بالتراضي، وأصحاب الكانتونات والعصابات والأزلام.

إذا تصرفنا بطبيعة البشر العاقلين المحترمين، من دون أن نختار أي جهة على وطننا، فإنّنا حتماً سنفوز وسننجح في التغيير المنشود، ونحاسب كل الأيادي التي امتدَّت إلى المال العام والخاص.

أيضاً، عندما ننجح في جَمع الوعي والإدراك، ننجح في معرفَة مَن دافعَ عنّا وحمانا،  ورفعَ مظالم الِانعزالية والصهيونية والداعشية الوهابية السعودية؛ ولا شَك أنّنا حينها، إذا قَرَّرنا بشكلٍ سليم، ستُصيب سِهامُنا ولَن تَخيب.

لبنان المارونية السياسية وَدَّعناهُ في الظاهر عام1988، لكن في الباطن، لا تزال دولة المارونية العميقة متجذرة في المؤسسات ولها نفوذها الكبير،

بتفاصيل شَتَّىَ، ومنها قراراتٌ تخرجُ عن ديوان الصَرح البطريَركي، تُنَفَّذ على الأرض، وتَعتمِلَ في صدور السياسيين من كل الاتجاهات.

أما لبنان الطائف فهو أسوَأُ صيغةٍ طائفيةٍ ومذهبيةٍ توصلَ إليها اللبنانيون بريالات آل سعود، وهذه الصيغةُ لها دلالاتها على الأرض،نتيجة تجربة الحكم منذ العام 1992 لغاية اليوم، وواضحٌ ما أوصلتنا إليه.

سياسيو لبنان اعتادوا الولاء للخارج، ويُفَضلون الوصاية على السيادة من أجل حماية سلطانهم وأنفسهم، لِاخْتِلال موازين القِوَىَ الداخلية، وضعف ثقتهم بعضهم بالبعض الآخر،

وهذا الأمر لا علاقة للشعب فيه، لكن يجب أن يتوقفَ التحريض، ويُمُنِعَ التطييف والتَمَذهُب، ويتم وضع مناهج دراسية احترافية ووطنية، مع إلغاء تدريس مادة الدين في المدارس،

وعدم منح تراخيص لمدارس تحملُ طابعاً دينياً ومذهبياً.

فإذا نجحنا بذلك، حينها سوفَ ننجح بشطب الطائفية من النفوس والنصوص على حَدٍ سواء، ويدخُل لبنان عصر المساواة بين أبنائه،ويصبحُ قادراً على بناء مؤسسات، قضائية وأمنية وإدارية واجتماعية ناجحة، وتستطيع أن تنتقل بهذا الوطن إلى صدارة العالم الحر المتقدم، خصوصاً وأنّ فيه مقاومَة وقوَّة قادرة ومُقتدرَة محسوباً حسابُها،ولها تاريخها وتجربتها ويطمئنُّ لها كل شريف وحُر،على إمتداد العالمين العربي والإسلامي.

أيها اللبناني...

نحو التفكير بعمق دُر.

نحو جمع الوعي والإرادة معاً دُر.

حينها نحو لبنان أفضل سنصل.

اصنعوا وطنكم بأيديكم، وقدِّموهُ نموذجاً متقدماً لأبنائكم.

كونوا على قدرٍ من الِاستعداد والمسؤولية.

تهيّأوا ليومٍ فاصلٍ أنتم تحددون مستقبلكم فيه، تسيرون من خلاله إلى الأمام،وتحققون قفزةً نوعية،أوتعودون به إلى الخلف، وتَحيَون، كما قال العزيز الجبار :

{وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.

صدق الله العليُّ العظيم.

بيروت في....

           15/1/2022

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك