✒️ محمد شرف الدين||
باسمه تعالى وله الحمد
اطلق هذه العبارة عبد من عبيد الحق تعالى ألا وهو مسلم بن عوسجة رضوان الله عليه ،في تلك الليلة الرهيبة -ليلة العاشر من محرم الحرام سنة ٦١-
- مسلم بن عوسجة كان رجلا شريفا سريا عابدا متنسكا ،وكان رضوان الله عليه احد القادة الاربعة الذين عقد لهم مسلم بن عقيل عليه السلام على الارباع في الكوفة اثناء هجومه على قصر الامارة ...
- مسلم بن عوسجة احد الصحابة الذين قاتلوا مع الامام الحسين عليه السلام ، حيث قال ابن سعد في طبقاته " وكان صحابياً ممن راى رسول الله صلى الله عليه واله .....وكان فارساً شجاعاً ، له ذكر في المغازي والفتوح الاسلامية .
- مسلم بن عوسجة صاحب الوصية الخالدة في كربلاء ، حيث اوصى الصحابي الكبير ،شيخ الانصار حبيب بن مظاهر رضوان الله عليه بقوله "..... أوصيك بهذا رحمك الله !وأوما بيده الى الحسين عليه السلام ،ان تموت دونه .
هذا بعض ما يتعلق بمسلم بن عوسجة رضوان الله عليه
-اما تلك الليلة الرهيبة التي طلبها الامام عليه السلام ليقضيها بالذكر والصلاة والمناجاةلله تعالى ،وقد حدثت فيها امور عظيمة ،
- من تلك الامور ،ان الامام عليه السلام جمع اصحابه ،وبعد التناء والحمد لله تعالى ،قال " اما بعد ،فانيىلا اعلم اصحابا اوفى ولا خيرا من اصحابي ، ولا اهل بيت أبر ولا أوصل من اهل بيتي .......ألا وأني قد أذنت لكم ،فانطلقوا جميعاً ليس عليكم مني ذمام ،هذا الليل غشيكم فاتخذوه جملاً...."
- بعد ان تم كلامه الامام عليه السلام اخذ يسمع جواب انصاره ، وهم يعبرون عن ما في داخلهم من ثبات وعزيمة ، حيث بدأهم بالاجابة العباس عليه السلام "لِمَ نفعل ؟ لنبقى بعدك! لا أرانا الله ذلك أبداً.
- وصل الدور لمسلم بن عوسجة فقال " أنحن نخلّي عنك ولما نعذر الى الله في اداء حقك !؟ ......ولا افارقك ....."
هذا كله كان لبيان منطلقات ذلك الشعار ، اما ما يمكن استفادته من الشعار فعدة امور ، منها :
١- البصيرة ،
إنَّ كلمة البصيرة من الكلمات التي استعملت كثيرًا في النصوص الدينية، قرآنًا وأحاديث.
ففي القرآن الكريم وردت في قوله تعالى:
أ- ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
ب- ﴿ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ .
وفي الأحاديث الشريفة وردت البصيرة في المواقع الآتية:
أ- في توصيف كمال العقل، ففي الحديث النبويّ الشريف: "قسم العقل على ثلاثة أجزاء، فمن كانت فيه كمل عقله، ومن لم تكن فيه، فلا عقل له:
1- حسن المعرفة بالله عزّ وجل،
2- وحسن الطاعة له،
3- وحسن البصيرة على أمره
ب- في مقام دور البصيرة في الهداية، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "العامل على غير بصيرة كالسائر على غير طريق لا يزيده سرعة السير إلاّ بعدًا"
ج- في مقام تفضيلها على البصر، ففي الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ذهاب البصر خير من عمى البصيرة"
د- في مقام الدعاء لله تعالى، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهم إنّي أسالك...أن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي". وورد أنّ الإمام الحسين عليه السلام ورد أنّه كان يقول في قنوته: "...واجعل على البصيرة مدرجتي، وعلى الهداية محجّتي...".
هـ- في بيان كونها غاية للتفقّه في الدين، ففي الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام: "تفقّهوا في دين الله، فإنّ الفقه مفتاح البصيرة..."
و- في مقام الحديث عن فضل من يتصفون بها، ففي حديث الإمام علي عليه السلام - في صفة من يحفظ الله بهم حججه وبيّناته: "هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين....
وفي حديث الإمام الصادق عليه السلام: "كان عمّنا العباس بن علي عليه السلام نافذ البصيرة صلب الإيمان...".
وفي زيارة العباس بن علي عليه السلام ورد: "وأشهد أنّك مضيت على بصيرة من أمرك"
٢- الثبات على خط الجهاد في سبيل الله ، حيث ان هذا الصحابي واخرين معه قد شهدوا المعارك والفتوحات الاسلامية منذ عهد الرسول الاعظم صلى الله عليه واله الى يوم عاشوراء ،فلم يمل من هذا الطريق والجهاد ، بل كان من القادة الميدانيين ، رغم تغيير الظروف المحيطة بتلك الوقائع ، حيث اختار بعض الناس في ذلك الوقت الانعزال وترك الجهاد بحجج واهية ، ولكن امثال مسلم بن عوسجة لم يثنيهم ذلك عن القتال
٣- التواصي بالحق ، هذا الخُلق القراني الذي جعله الباري تبارك وتعالى في سورة العصر احد الامور التي تنجي الانسان من الخسران ، فوصية مسلم بن عوسجة كانت امتدادا لجوابه السابق للامام عليه السلام ".... لا افارقك ..." وهي من ابرز التواصي بالحق حيث يطلب مسلم الالتزام بالذب عن الامام عليه السلام الذي هو سيد شباب اهل الجنة .
ــــــ
https://telegram.me/buratha