وليد المشرفاوي
الحشود المليونية التي زحفت باتجاه مدينة الكاظمية المقدسة لم تكن أمرا عاديا في ظروف أمنية ومناخية قاسية كظروف العراق وقضية الخامس والعشرين من رجب التي عشنا يومها الخالد لم تكن تحشيدا عباديا لإتمام شعيرة عبادية محددة ولم يكن حضورا مذهبيا أو طائفيا كما يتوهم المرجفون , بل هي محطة سنوية تشكل رسالة سياسية ودينية يجتمع فيها العراقيون بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم لمبايعة كاظم الغيظ(ع) والسير على نهجه الذي اختطه للعالم, هذه الحشود المليونية التي زحفت باتجاه مدينة الكاظمية المقدسة من كل إنحاء العراق لم يحشد لها حزب أو جهة سياسية ولم تنظمها حكومة أو دولة, الرسالة الكبرى في هذه الحشود هي إن العراقيين الذين يعتقدون بخط الإمام موسى بن جعفر(ع) قادرون على الزحف المقدس لضرب من يريد إذلالهم واستعبادهم أو إعادة المعادلة الطائفية السابقة إلى بلادهم , وإننا قد نتغافل أو نتساهل عن كل قصور أو تقصير في الخدمات أو الأمن, لكننا لم ولن نتسامح أو نسمح بإعادة المعادلة السابقة بكل نماذجها إلى العراق وهي حقيقة انتهت بلا أدنى رجعة ,هذه الحشود المليونية الزاحفة في طرق لم تكن خالية من الأخطار و الانفجارات وأجهزة كشف لم تكشف سوى العطور , هذه الحشود فرضت نفسها بقوة على الإعلام مهما تغاضى أو تماهى, والرسالة الأخرى لزيارة الخامس والعشرين من رجب هي إن الزيارة في احد وجوهها وبتنوع أطيافها وألوانها تمثل عمق الترابط الأخوي بين أبناء الشعب العراقي وهم يزورون أهم رموز الدين الإسلامي وحضارته العظيمة , إلا أن الوجه الآخر للزيارة هو الانتصار الوطني الكبير الذي حققته الإرادة الجماهيرية عندما أفشلت المخططات التكفيرية والفتاوى التحريضية التي قادتها زمر القاعدة, فأحياء ذكر أهل البيت(ع) أهمية خاصة في حياة العراقيين على مختلف مللهم ومذاهبهم ومشاربهم السياسية فهم ليسوا من حصة طائفة أو فئة دون سواها وإنما هم من حصة الإنسانية جمعاء , فلابد لنا من استحضار سيرهم واستلهام الدروس والعبر من مواقفهم الجهادية وسلوكهم وصلابة إيمانهم وتمسكهم بقيم العدالة والحق والوقوف بوجه الباطل والتصدي للزيف والرياء والانحراف عن جادة الصواب , فما أحوجنا اليوم لكاظم الغيظ(ع) وما أحوجنا لصبره ولصلابته وثباته وامتناعه عن المداهنة والرفض المطلق أو الخنوع لرغبات الحاكم الظالم..لقد كان بمقدور الإمام موسى بن جعفر (ع) أن يهادن السلطة الجائرة ويسبح بحمدها ويلمع صورتها وان يتمتع بزخرف الحياة ومغريات السلطة وكل امتيازاتها لكنه رفض أن يكون تابعا لحاكم مستبد ظالم يؤسس للفساد ولخروج عن طريق الحق والعدالة وكل القيم والمبادئ العظيمة..لقد أمضى الإمام اغلب حياته وهو قابع في سجن هارون الرشيد وظل قابضا على دينه ومبادئه ولم يساوم أو يركع كما يفعل عبيد السلطان وعندما فشلت كل المحاولات ووصل الأمر حد استحالة التخلص منه دس له السم في الرطب لتفيض روح راهب وجد في الله عشقا يستحق الموت من اجله..سلام عليك يا راهب آل محمد وسلام على كل الحشود التي زحفت لزيارتك من كل حدب وصوب,
https://telegram.me/buratha