حسن الهاشمي
رغم إيماننا بأن تطبيق القوانين والأنظمة جاء من اجل بناء دولة يُحتَرم فيها القانون والنظام ومن دون ذلك ستدب الفوضى وتهضم الحقوق، ولكن حينما يتعارض احد القوانين والأنظمة مع حقوق أو مصالح شرائح معينة من المواطنين فان على المسؤولين أن يدرسوا إمكانية تعديل هذه القوانين من خلال الجهات القانونية والتشريعية المختصة وان يَعِدُوا المواطنين بحل مشاكلهم وتحقيق مطالبهم، فان القوانين الناظمة للحياة ليست قوانين سماوية غير قابلة للنقض، بل هي قوانين فيها من الثغرات وقابلة للتعديل كما يحصل ذلك في الكثير من البلدان المتحضرة. لذا يجب استحداث قوانين لصالح التغيير ومحاربة الفساد والروتين وتمشية معاملات الناس بما يضمن الحفاظ على الكرامة واحترام وقت وشخصية المواطن، التي باتت مهددة عندما يراجع المواطن في العديد من الدوائر الحكومية، إذن التغيير والتجديد ضروري في الفكر المؤسساتي الحكومي وذلك لأنه سينشط ويدعم أسس البناء الوطني الديمقراطي ويحمي حقوق الإنسان من الضياع.إن الدستور العراقي بحاجة إلى وقفات تأمل وتصحيح وبحاجة إلى الاهتمام ببناء جيش وطني قوي له هيبة محلية وإقليمية ويحسب له ألف حساب ونظام قضائي عادل وصارم ومهاب، وعلى برلماننا القادم أن ينشط التشريعات التي تعمل على تقليص الفساد ومحاسبته، ويشرع القوانين والأنظمة المناسبة لعمل مؤسسات الرقابة والنزاهة ويعطيها صلاحيات مناسبة، لكي تحارب الفاسد وتحد من سلطات المسؤولين الحكوميين وتقوّم أعمالهم، ويجب أن تشرع قوانين بحيث لا تمنح المسؤولين الكبار حقوقا ومكاسب هائلة كما يحصل اليوم وإنما تمنحهم مخصصات معقولة مقارنة مع باقي الموظفين الصغار في مؤسسات البلد، وكلما كانت القوانين تصب في صالح المواطن وتحطم الروتين والفساد كلما توثقت صلته بالنظام الديمقراطي وترسخت الوشائج فيما بينه وبين الحكومة التي هي من المفترض أن تكون في موقع خدمة وتواصل مع موكليها لا في موقع إمرة وتنافر. إن ازدهار العراق محكوما بديمقراطية المؤسسات الحكومية الصغيرة قبل الكبيرة وحماية المواطن من الابتزاز والفساد الحكومي، وحمايته من المافيات وعصابات الجريمة المنظمة.. وهناك مطالب تطرحها بعض الشرائح الاجتماعية ربما تصطدم ببعض التعليمات والقوانين النافذة وإذا ما طبّقت هذه التعليمات والقوانين فان ذلك ربما يؤدي إلى حرمان هؤلاء من بعض حقوقهم الأساسية أو الإضرار بمصالحهم .. نحن بحاجة إلى سن أو تغيير الكثير من القوانين التي تعد متممة ومكملة للبناء الديمقراطي في البلد، وطالما علمتنا التجربة السابقة وما واكبها من عرقلة في التنمية والتطور والبناء، أن الكثير من أسباب العرقلة ناتج عن قوانين مركزية فيها من الروتين القاتل والمركزية المقيتة ما يثقل كاهل المواطن والمستثمر والمسؤول على حد سواء، وبما أن أهل مكة أدرى بشعابها، وأن الحكومات المحلية أدرى من وزارات المحاصصة باحتياجات المواطن، فإننا نأمل من مجلس النواب الجديد بسن القوانين التي تعطي زخما حيويا لفك الاختناق عن الحكومات المحلية وإعطاءها المزيد من الحرية التي تصب في صالح النهوض بالمحافظات والأقاليم في العراق الجديد. وعطفا على ما سبق فإن إناطة أمر وزارات البلديات والكهرباء والعمل والشؤون الاجتماعية والاعمار والإسكان والصحة بيد الحكومات المحلية بات مطلبا حضاريا للنهوض بواقعها الخدمي بعيدا عن منغصات الحكومة المركزية التي ينبغي أن تركز اهتمامها بكبريات الأمور من الدفاع والمالية والخارجية وتوفير الأمن دون الولوج في الجزئيات التي هي من اختصاص الحكومات المحلية، تماشيا بما يتطلبه النظام الديمقراطي من ترشيق الحكومة المركزية, وإحالة مهامها الخدمية إلى الحكومات الفيدرالية في المحافظات.
https://telegram.me/buratha