المقالات

بكلوريا التفكيك وعلامات الرسوب

1114 17:37:00 2010-04-24

حافظ آل بشارة

قطاع واسع من الجمهور العراقي ينتظر مباحثات مابعد الانتخابات التي تجري بين الكتل المختلفة بعض تلك المباحثات تهدف الى انجاز تحالفات جديدة مع اشقاء قدامى لتحقيق ثقل اضافي ، وبعضها تهدف الى جس نبض اصدقاء محتملين او اعداء مدجنين او اعداء تائبين ، دائرة الوطن تتسع لكل الاشكال وليس ذلك سيئا ، بل الامر السيء دائما هو عجز الشركاء الوطنيين عن التفاهم وتليين الخلافات وتمهيد السبل لتدخل الاجانب الذين يأتون مبتسمين وهم يرتدون ثياب المنقذين ، كانت الانتخابات معيارا اوليا كاشفا عن رصيد كل طرف في الشارع على افتراض ان ذلك الطرف قادر على القيام بالمهمات الوطنية الشاقة بعد انجلاء غبرة الانتخابات ، ولكن ما بعد الانتخابات عهد جديد بمعايير جديدة ، على صعيد التحالفات كانت مرحلة ماقبل الانتخابات مرحلة تجميع وتشكيل كتل ، اما مرحلة مابعد الانتخابات فهي مرحلة تفكيك الكتل لكي يتخذ كل حزب حصته جانبا ليفاوض بها منفردا وهو سياق ليس مثاليا في الحياة الديمقراطية ، من الافضل دائما ان يدرك الجميع مسؤولية النهوض المشترك التي تفرض عليهم في النهاية حفظ تحالفاتهم من الانهيار والغاء المرحلة التفكيكية لاجل مزيد من التجميع والصهر التنظيمي ، على ضوء هذا السلوك تنشأ معايير جديدة لدى الجمهور لتقييم هذا الحزب او ذاك ، من الافضل الابتعاد عن الغرور فأنه آفة التفوق ومدعاة الفشل ، ومهما كانت الحسابات الحزبية صحيحة فالعراق له وضعه الخاص وتحدياته الخاصة وجميع القوى الوطنية ذات الدور التأريخي في حياة العراق مشمولة بلعبة الازاحة والتقزيم والتطويق حتى تفقد محتواها الفكري والسياسي ثم يتم تزوير تاريخها ثم يتم طردها تدريجيا من دوائر السلطة وابعادها ورفع شعار صاخب في الخاتمة يقول لقد فشل الاسلاميون في ادارة الدين والدولة فالعنوهم وعودوا الى ما وجدتم عليه آباءكم ، هذا النموذج التدريجي من الازاحة يواجه القوى العراقية الوطنية الاصيلة ، لذا فان فكرة دمج الائتلافين الشقيقين دولة القانون والوطني انما تنبع من ارادة وطنية لتقوية محور في الساحة العراقية متماثل ومتداخل سياسيا ومذهبيا وتاريخيا ، ويعتبر امتدادا لتاريخ عراقي حافل بالعطاء والمواكبة والتضحيات لاجل مشروع وطني واضح المعالم بدأ مع بداية القرن المنصرم ، لذا من الغريب ان تحدث خلافات حول تحالف مابعد الانتخابات بين الطرفين مع كل هذه الثوابت والمشتركات ، ربما هناك تضخيم للرؤى وحسابات المكاسب المؤقتة على حساب العقيدي والستراتيجي والمصيري والمطلوب من الطرفين شطب تلك الجزئيات لمصلحة اكبر ودفع الخسارة الاكبر المنتظرة بخسارة اصغر الآن ، ولا داعي للتذكير بأن الكتلتين كانتا حاضنتين لصنع كبار الشهداء وكبار القادة والمضحين في تاريخ هذا البلد فهل من المعقول ان ينقطع الدم التضحوي في عروقهما ليتدفق دم انتهازي ؟ لاشك ان أي تعثر في البرامج الوطنية سواء مايخص منها التحالفات او مايخص تشكيل الحكومة سوف يوجد ارضية مناسبة لتدخل الاطراف الاجنبية بعنوان منقذين في اللحظة الاخيرة لنعود الى المربع الاول وتصبح المفاهيم الرنانة مثل السيادة والكرامة الوطنية والاستقلال في خبر كان ، وليدير الجمهور العراقي ظهره لكل انواع الاحزاب القديمة والجديدة ويعتبرها سببا لاستدراج الاحتلال واعادته كلما اراد الخروج ، خاصة وان الاوضاع الهشة في العراق سياسيا وامنيا ونفسيا تشجع الاجانب على التدخل بدون رفض شعبي ، وتشجع الاهالي على الترحيب بدون شعور بالحرج ، وتشجع القوى السياسية الحالية على ابتداء معركة جديدة تتضمن القاء اللوم على الآخر وتبادل التهم . لنعود بعدها نقرأ طالع البلد في ابراج البلدان المستعبدة ، ونبحث عن الحل في السماء بعد ان رفضنا التعامل مع فن التدابير العاقلة على الارض .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كميل التميمي
2010-04-25
سيبقى النملُ ذاك النمل يدوسهُ البقر==تحيا العروش والكروش والفقراء الى صقر
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك