حافظ آل بشارة
ما زال الرأي العام يفسر المناورات الجارية بين القوى بعد الانتخابات على انها تنافس على السلطة مقنع بالذرائع ، ومع ان البت في الطعون لم ينته بعد وتصديق المحكمة العليا على نتائج الانتخابات لم يحصل الا ان التنافس قائم من قبل ومن بعد ، اغلب المتنافسين لاتؤثر فيهم النصائح والمواعظ لانهم اسرى لدافع نفسي لا يفهم أي لغة ولايصغي لاي كلام ، ومن يتفرج على المشهد من الخارج سيجد ان مواقع الحكومة المقبلة لا تستحق ان يدخل الناس لاجلها تنافسا او صراعا ، لان الحكومة المقبلة يجب ان تكون حكومة كادحين لامكان فيها لمن يطلب امتيازات السلطة من مال او جاه ، وليس فيها فرصة لمن يريد جمع المال او كسب الامتيازات ، ستكون الحكومة واقعة في قبضة مؤسستين تريدان تصفية حساباتهما واثبات شخصيتهما ، ولديهما شعور بالاهانة والتهميش في الدورة السابقة ، مجلس النواب ، والسلطة القضائية ، المجلس ابتلع عددا من الهزائم ولن يسمح بأن يهزمه احد مرة أخرى وليست القضية قضية كرامة شخصية للنواب بل مصداقية المؤسسة واستحقاقها الدستوري ، في الدورة المقبلة مجلس النواب عازم على ان يثبت وجاهته وهذا لايتحقق الا بتفعيل دوره الرقابي ، وانقاذ ذلك الدور من التقزيم الذي اصابه في مسائلة وزير التجارة ووزير الكهرباء ووزير النفط والوزراء الامنيين ، استجوبهم لكنهم خرجوا يجرون ذيول الانتصار والمجلس صامت وقد ابتلع الهزيمة امام الذين يحملون جنسية بلد آخر أو ابناء الاحزاب الكبيرة المدللين ، سوف يستعرض المجلس الجديد قوته برأس الحكومة الجديدة فويل لها حين يبدأ بشحذ سيوفه استعدادا لدور رقابي يشيب له راس الوليد ، اما السلطة القضائية فقد هزمت سابقا مع انها ثالثة السلطات في بلد الديمقراطية الكسيحة ، قضاء فقد هيبته امام مجرمين يهربون ، ومجرمين يطلقون ، ومحكومين يؤجلون ، وشكاوى يتم تجاهلها ، وملفات يجري تجاوزها ، ودوائر يتم احراقها مع وثائقها ، وبالنتيجة عدالة مفقودة وصلاحيات محدودة ومؤامرات مقصودة ، ولكن اين الميدان الذي ستظهر فيه السلطة القضائية بطولاتها انها الحكومة المقبلة بوزراءها ومدرائها وقواتها المسلحة ، ميادين جاهزة تستطيع السلطة القضائية ان تشن في كل زاوية معركة ، معركة مع الفساد ، معركة مع الخروق الارهابية ، معركة مع التهاون والاهمال ، معركة مع المحسوبية ، اما الشعب العراقي وما ادراك ما هو فقد استعد بكل جدية لوضع نقاط الحكومة المقبلة على حروفها ، فالمتوقع ان الارهاب في العراق سيهزم نهائيا وستكون الحياة آمنة واموال النفط هائلة عندها سوف تفتح آفاق المطالبات والناس لاتعذر ، سوف تفتح كل الملفات دفعة واحدة ،مكافحة البطالة وحل ازمة السكن ومعالجة الكهرباء وتطوير قطاع الخدمات المدنية بكل انواعها ، وستكون الشوارع مفتوحة للتظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات ومن سلم من انتقام الناخبين فسوف يناله انتقام المتظاهرين ، ستتركز الاسئلة الجماهيرية الكبرى حول مصير البطاقة التموينية ولماذا فشل نظامها واين ذهبت أموالها ، ومصير الكهرباء التي صرفت لها الترليونات فلم يزدها الانفاق الا فشلا ، ومصير المشاريع الكبيرة والصغيرة في جميع القطاعات ، ولن ينتظر الناس خطاب اعتذار من احد بل سيجد رجال المؤسسات انفسهم مجبرين على تعلم ثقافة الاقالة والاستقالة ، ولان الساحة السياسية اصبحت اكثر نضجا والصراع اكثر ضراوة فسوف تتبلور معارضة برلمانية قوية همها صيد الاخطاء وتسجيل الاخفاقات ومحاكمة المقصرين واستدعاء الفاشلين والانتقام من الخصوم السياسيين بسحبهم الى مجلس النواب وتعريضهم للمسائلة ، سيحاول رجال الحكومة اثبات انهم خدم مخلصون لشعبهم ، ويحاول النواب اثبات انهم ممثلون صادقون لناخبيهم وبين الخدم المخلصين والممثلين الصادقين ستندلع المواجهات وتصفية الحسابات ، سيكون المنصب وبالا على صاحبه وحنضلا لطالبه فهل من متعظ؟
https://telegram.me/buratha