المقالات

ثقافة المعارضة وحكومة الظل ….إلى إشعار أخر

1062 00:47:00 2010-04-12

بقلم داود نادر نوشي

منذ سقوط النظام البائد في 2003 وبداية العملية السياسية في العراق وما رافقها من أجراء الانتخابات وتشكيل حكومات متعاقبة وحتى هذه الساعة حيث الحراك السياسي ، أو مايسميه البعض الجدال الدائر حول تشكيل الحكومة الجديدة ، لم تتبلور لدينا في الفقه السياسي العراقي نظرية المعارضة أو حكومة الظل ، وهنا لا اعني المعارضة بالمعنى المتعارف عليه عند الأنظمة الديكتاتورية والتي يكون مصيرها القمع والقتل والتهجير كما هي حال المعارضات في عالمنا العربي ، بل المقصود هنا المعارضة التي تشارك الحكومة أو السلطة في حيثيات كثيرة ومفاصل مهمة في الدولة والحياة السياسية لا سيما في ظل وجود نظام ديمقراطي تعددي كما هو حال نظامنا السياسي العراقي .ومن يبحث عن المصلحة العامة للوطن والمواطن كما نسمع ونقرأ في أفكار وبرامج معظم الكتل السياسية العراقية ،وعند عدم تطابق الرؤى والبرامج لكتلة أو كيان سياسي مع بقية الكتل الأخرى المكونة للحكومة فأن المتعارف علية أن تأخذ جانب المعارضة البرلمانية كما هو الحال في الكثير من الدول الديمقراطية في العالم ، ولكن في وضعنا العراقي الراهن لا نعرف لماذا هذا الإصرار على بذل الغالي والنفيس من اجل الوصول إلى كرسي الحكم وقد يصل لاسامح الله إلى الصراع ،مقابل زهد كبير بمبدأ المعارضة ، ومع أن الوصول للسلطة بالطرق الديمقراطية حق مشروع لجميع الكتل الفائزة بالانتخابات ألا أن السلطة لا تتسع للجميع والحكومة بدون معارضة تعني أنها بلا رقيب ويفقد البرلمان دوره الحقيقي في الرقابة والمحاسبة ويكون مجرد برلمان تشريعي وهذا ما يجعل العملية السياسية فاقدة لمبدأ مهم من مبادئ الديمقراطية ويعطي مجال كبير للاستبدادية في الحكم ، وانفرادية في اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية .وإما مايطرح من تأويل حول الوضع الراهن والحساس الذي يمر به البلد وما يقال من أن عدم إشراك الجميع في الحكومة يعني التهميش والإقصاء ،وان الكتلة الفلانية تمثل مكون معين ، ولذا لابد من أن يكون ضمن أولويات التشكيل الحكومي وما إلى ذلك من تفسير وتبرير، فهذا لا يمت إلى أصل اللعبة الديمقراطية بشى ، وبالتالي نحن كعراقيين نتوجس خيفة من إن نكون لبنان جديد ، ويتحول العرف الذي ساد العملية السياسية إلى قانون ومفهوم سائد ومتجذر، ونبتعد عن المعنى الحقيقي للديمقراطية والتي من أجمل مفاهيمها هي ثقافة المعارضة وحكومة الظل ، ولكن أي معارضة نريد ، وكيف تكون ، وماهو هدفها واليات عملها والمبادئ التي تعمل من اجلها ، وهنا لايمكن أن نطلق تسمية المعارضة على الذين اتخذوا من فنادق دمشق وعمان طيلة سنوات مابعد 2003 بالمعارضة الحضارية والمدنية ولاهي معارضة تقويم وبناء ، لأنها عملت جاهدة من اجل خراب العملية السياسية ودعم الإرهاب والقتل والجماعات المسلحة في عموم العراق وكانت أهدافها العمل من اجل عودة النظام الديكتاتوري والمعادلة السابقة وفي أسوء الأحوال الانفراد بالسلطة لأنها لاتؤمن بمبدأ التعددية والشراكة والانتقال السلمي للسلطة ، ففي قاموس هكذا معارضة لاتوجد أبجديات للديمقراطية ولا أولويات للعمل السياسي بقدر إيمانها بالانقلابات الدموية وأثارت الفتن وهو ما تتلمذت علية في عهد النظام المقبور ، وقد كلفت هذه الزمر المسماة بالمعارضة العراق الكثير من الضحايا وكادت أن تصل بنا إلى المربع الأول وكانت وما تزال تحن وتأن لعودة البعث وحكم صدام ، لولا تكاتف العراقيين وهمة قواتنا الأمنية وتضحياتهم والمواقف الشجاعة للسياسيين الذين خاضوا تجارب النضال والجهاد طوال 35 سنة من حكم البعث المهزوم ، ونحن لم ولن نسمي هكذا مجاميع ألا بأسمائها الحقيقية التي تليق بها وهي مجاميع قتل وعصابات جريمة . ونحن نريد معارضة الوطنيين المخلصين الذين يعملون من اجل العراق وبناء الصرح الشامخ له ويؤسسون للبنى التحتية للعملية السياسية ، وهذا لن يكون ألا بالاعتراف الواضح والصريح للمعارضة وحتمية وجودها . وللأسف الشديد لم تكتمل لدينا إلى ألان هذه الثقافة الحقيقية التي هي بمثابة السند القوي والركيزة الأساسية لأي حكومة في أي نظام سياسي ديمقراطي ، بل أن المواطن البسيط لم يتقن أو يفهم معنى المعارضة الحقيقية ولو سألته عن معنى المعارضة قد يفهمها على أنها المجموعة التي تسب وتشتم الحكومة والتي تعيق عملها ، بل إن البعض يتصور المعارض هو الذي يقف ضد الدولة أو الوطن وهذا المفهوم شائع كثيرا بين أوساط الناس ، لان ثقافة العمل السياسي في العراق والقائمين عليها لم يصلوا بنا إلى مرحلة التفريق بين السلطة والدولة وهذا ينسحب على الإعلام أيضا ، حيث إن الإعلام العراقي وفي جميع مراحل مابعد سقوط لم يؤسس لمرحلة إعلام الدولة ، وإنما إعلام السلطة والحزب .واليوم ونحن على أعتاب تشكيل الحكومة وبداية مرحلة مهمة وحساسة في حياة العراقيين لابد لنا من التأسيس الصحيح لهذه الثقافة ولا ننتظرها إلى إشعار أخر وان تكون هي العرف بدل المحاصصة والتوافق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك