عماد علي
طبيعة المجتمع العراقي و تاريخه و شكله و تركيبته معلوم للجميع، وهو يتمتع بمميزات لابد من الحساب لها للتعامل معه و تحديد الطريقة المثالية او الصحيحة في حل قضاياه للخروج بنتيجة باقل نسبة من المضاعفات الجانبية. انه شعب متعدد الصفات و متنوع التركيب و المكون، و لهذه المكونات سمات مشتركة يمكن الاعتماد عليها الا انها تتمتع باختلافات جوهرية لابد الكشف عنها و اعلانها بشكل صريح من اجل اتخاذ الخطوات الملائمة الصحيحة في حل مشاكلها لخير مستقبلها و ايجاد الوسائل الضرورية الملائمة لبقائها متماسكة بقدر الامكان او الاتفاق على حلول ترضي الجميع بشكل سلمي و التوافق بينها . اضافة الى التعقيدات في التكوين الطبيعي لها، انه ضحية المغامرات العديدة لقادته التي لم تهتم سوى لمصالحها و بقائها على سدة الحكم ، و هذا ما اثر بشكل عميق على كافة جوانب حياته منذ انبثاق الدولة العراقية وفق مصالح و هوى القوى الكبرى في حينه. الاختلافات في التركيب تنتج ما لا ينسجم الشعب على ارض الواقع، بحيث تكون لكل مكون مصلحته الخاصة و نظرته و صفاته و عاداته و تقاليده لا يتتطابق مع ما يتسم به الاخر، و لذلك لا يمكن ان يُفرض ما يجتمع عليه طرف مع يتمناه الاخر مهما كان، و في النتيجة لهم اهداف و امنيات مختلفة عن الاخر.و هذا ما دعا كل المحللين السياسيين و الاجتماعيين الى ان يخرجوا بنتائج مختلفة في بحوثهم حول جوهر المجتمع العراقي و خصائصه و عدم توحيده و هشاشته بحيث آثر البعض الى ان يصفه بمجموعات و جماعات و استخلص الى انه لم يرتقي الى ان يسمى شعبا متكاملة الاوصاف ، و الباحث الكبير علي الوردي تعمق فيه و له باع طويل في تحديد صفات هذا المجتمع و دخل الى جوهر المجتمع و فحصه و عين مميزاته بدقة متناهية.و من المعقول ان نقول انه على الرغم من غنى الشعب العراقي الثقافي و المعرفي و تاريخه المليء بالمآثر و الحضارات و المعالم الكبيرة الى انه لم يستفد من المدارس العالمية العديدة للاطروحات و الافكار والعقائد و الفلسفات و لم ياخذ بنظر الاعتبار الخصوصيات التي يتمتع بها في سبيل ضمان درجة مناسبة من الامن القومي له طيل هذه المدة الطويلة من تاريخه.ان الامن القومي او الوطني بشكل عام متعددة الاوجه و له متطلبات و يتحمل تعاريف عدة و هو ضعيف من حيث المفهوم كتعريف و عكر او غابر من حيث النظرية و الفهم و لكن واضح من الناحية السياسية العسكرية و تحديد الاليات للحفاظ على حدود البلد فقط، بعيدا عن المهام الاقتصادية و الاجتماعية و الادارية و الثقل و الدبلوماسية الدولية ، في هذه المنطقة بالذات، و لا يمكن ان يستقر اي بلد او اي شعب دون الاعتماد على تعريف واضح معتمد خاص به للامن القومي ، و العمل على ارساء الركائز المطلوبة لضمانه من اجل توفير سعادة و رفاهية الشعب و ابعاده عن القلق و التوتر و تامين معيشته و مستقبله من كافة الجوانب.دون ضمان الحد الادنى للامن القومي او الوطني لا يمكن الخطو نحو تامين العدالة الاجتماعية و المساواة و محاربة السلبيات العديدة للمجتمع و منها البطالة و الفقر و العوز ولو خطوة واحدة. و بتوفير المقومات و ضمان الامن القومي يمكن تحديد مدى الشخصية السياسية للبلد مع ما موجود منالهيمنة الدبلوماسية للقوى الكبرى ، و يجب نشر الثقافة السياسية التي لها الدور الهام في ترسيخ معالم البلد الامن.و هناك عوامل عدة لها التاثير المباشر على مستوى الاستقرار و الامن العام لاي بلد و خاصة وهو صاحب مجتمع غير متجانس، و في مقدمتها ضمان الامن القومي، و هذا بدوره يستند على اعمدة رئيسية مثبتة له، كلما كانت القيم المفيدة للمجتمع كثيرة الانتشار كان المجتمع اقرب الى الامن و الامان، و كلما كانت التربية و النظام العام في مستوى عالي كلما ازدادت نسبة الاستقرار و ضمان الامن القومي و الوطني، و كلما كان الخطاب العام جزءا من الحلول كانت الفرصة اوفر لضمان الامن القومي، و كلما كانت الثمار العلمية المقطوفة عاملا مساعدا في ترفيه المجتمع كان منحنى الخط البياني للامن القومي عاليا، و كلما كان القانون سائدا و هو سيد الموقف و القرارات منصفة للمكونات كافة ازدادت التلاحم و دفعت الشعب للتصالح و التجانس و بالتالي اصبح الامن القومي مضمونا.اذن الامن القومي له علاقة متبادلة مع الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية العامة و مع قناعة المكونات و طبقاتهم بمسيرة النظام السياسي السائد، مستمدا له و داعما في تقويته و ترسيخه و ضامنا لانتعاش و تنمية الشعب. و بعد توفر تلك المقومات فان الشعوب تحس بامان بعيدا عن الضغط السياسي و العسكري و الاقتصادي و هم ينمٌون قدرتهم بحرية و تزداد لديهم القدرة و الامكانية لتحمل الصعاب و المقاومة و الدفاع عن النفس، و ستضمن سيادة و استقلال الارض و الاقتصاد عندئذ . و هنا يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار التاثيرات المتبادلة للمتغيرات العالمية على اية دولة و اتخاذ الموقف الصحيح تجاه اي موضوع مراد بحثه لايجاد الحلول لاية مشكلة ظهرت، و سيكون اي موقف وفق العقلية المسيطرة حتما، سوى كانت ذات تفكير واقعي و نظرة تقليدية قديمة او عريقة، او بفكر و عقلية واقعية عالمية التوجهحديثة المنشا ، او بنظرة مثالية و حديثة، او ليبرالية كمباديء حيثة البروز و ما تملك من التعريف للامن القومي . لكن بلد كالعراق لابد ان تكون له خصوصيات استنادا على ظروفه و في العملية السياسية المستمرة لضمان امنه القومي و النظر الى تركيبة مجتمعه الموزائيكي و شكله المعلوم في اية خطوة تُتخذ.
https://telegram.me/buratha